اخبار السودان لحظة بلحظة

محاولة اغتيال حمدوك..رسائل غامضة!!

الخرطوم: آدم محمد أحمد
سرعان ما قفز تفكير الكثيرين إلى توجيه التهم المباشرة إلى النظام السابق، من واقع كونها الأقرب إلى اذهان الغالبية، والنغمة المحببة لدى جماهير الثورة والداعمين لقوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة، وبموجبها انطلقت الدعوات إلى الحسم الثوري، يأتي ذلك والحادثة لم يهدأ غبارها العالق في سماء منطقة (كوبر) التي فركت عيونها على أصوات الانفجارات ولهب ودخاخين ظللت أفق المنطقة النائمة في حضن النيل.
وبالطبع في مثل هذه الحالات لن يسعف البعض مخزون الصبر عنده، لينتظر نتائج التحقيق او بيانات السلطات الرسمية، إلا ان المؤتمر الوطني (المحلول بموجب قانون التفكيك)، وهو المتهم الأول بناءً على انطباعات البعض، نأى بنفسه بعيداً عن مسرح الحادث، وقال إبراهيم غندور في تعليق على صفحته (بفيس بووك): (إنّ ما تعرض له رئيس الوزراء من محاولة اغتيال بغض النظر عمن يقف وراءها أو من يحاول الاستفادة منها، هي حادثة دخيلة على المجتمع السوداني وقيم تسامحه وتماسكه المجتمعي)، وهنا يستبعد استاذ العلوم السياسية وائل ابو كريك في حديث لـ (الإنتباهة) أن يكون النظام الأسبق ضالعاً في العملية، وأضاف قائلاً: (لا يمكن أن يكون النظام السابق ضالعاً في هذه العملية، لكونه سلوكاً غير موجود وليس من شيم هذا الشعب).
وثمة رسائل ربما عابرة يرمى من ورائها الذين دبروا العملية ضد رئيس الوزراء، و (غرابة الفعل)، ربما هو العنصر المتفق حوله بين جميع المكونات سيما العاقلة منها، لجهة أن السودان لم يجنح سياسيوه إلى ممارسة الاغتيالات لتحقيق مكاسبهم السياسية، ويقول وائل ابو كريك إن الحادث غريبة على المجتمع السوداني، وان تنفيذها في الغالب تم من الخارج، ويشير وائل إلى انه حسب الملاحظات قد يكون الحادث تنبيهاً للموقف السوداني الأخير الرافض لمواقف عربية حول بعض القضايا، وأضاف قائلاً: (هناك مخابرات دول أجنبية لديها خلايا كثيرة في السودان، وتعتبر بعض الدول منذ الاستقلال ان السودان تابع لها)، ويرى المحلل السياسي وأستاذ القانون الدولي صلاح الدومة في حديثه لموقع (إرم نيوز)، أن الغرض من التفجير الإرهابي ليس قتل حمدوك، وإنما رسالة لحمدوك ونائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ورئيس الخزانة الأمريكية الذي يزور البلاد هذه الأيام.
ولكن البعض يعتقد أن الحكومة الانتقالية تمر بمرحلة غاية في التعقيد، وتجلس لامتحان صعب يضع اسئلته الشارع الذي بدا غاضباً مما اعتبره فشلاً لحكومة حمدوك خلال أكثر من ستة أشهر من عمرها، ولم تستطع تحقيق أدنى تطلعاته في توفير القوت، فمازالت صفوف الخبز لم تبارح مكانها والوقود كذلك، ومع ذلك لم تلح في الأفق أية بشريات يمكنها أن تجعلهم في طمأنينة، وبالتالي بعض المعطيات تشير إلى نظريات صناعة الازمة والبحث عن حلولها، وهو واقع يسميه البعض فراغاً.
ويقول المحلل الاستراتيجي اللواء معاش محمد النعمة: (بكل المقاييس اعتقد أننا في نظرية الفراغ)، وأضاف قائلاً: (أول ما انتهت هذه الثورة حصل فراغ، فحتى الآن ليست هناك جهة سدت هذا الفراغ، واية جهة لديها فرصة ان تدخل فيه لانه بالضرروة يجب أن يملأ)، وأشار النعمة في حديث لـ (الإنتباهة) إلى أنه بغض النظر عن الجهة التي قامت به فهو محاولة لسد الفراغ وهذه اشكالية كبيرة، على حد تعبيره، وأضاف قائلاً: (اعتقد أن سد هذا الفراغ لن يتم الا من خلال التوافق السياسي العام عبر استراتيجية وعقل استراتيجي).
بينما الأمر اللافت أن حكومة الثورة لم تجنح إلى اتهام جهة معينة، وكل أجهزتها اكتفت بالتأكيد على البحث والتقصي، لكنها اتفقت على ان الثورة مستهدفة، وان هناك من يحاول ايقاف مسيرة التغيير، وهو ما أشار اليه فيصل محمد صالح الناطق الرسمي باسم الحكومة في بيانه قائلاً: (نعلم أن هنالك من يستهدف ثورة الشعب السوداني والمكاسب التي حققها بنضالاته ودماء شهدائه، لكننا نؤكد أن إرادة الثورة باقية وأن مسيرتها مستمرة، ولن تفقد بوصلتها أبداً، وأن الإرادة الشعبية الغلابة ووحدة قوى التغيير هي ضمان استمرار ثورتها، وهي الإرادة التي ستجعل الردة مستحيلة). والموقف نفسه اكده بيان الشرطة الذي أعتبر ان الحادثة دخيلة وغريبة على المجتمع، ووصفتها بالدخيلة والخطيرة على البلاد الى مر التاريخ الحديث، وزاد البيان قائلاً: (يجعلنا هذا نؤكد ونشدد انه لن يمر دون كشف ابعاده، وعليه فإن أجهزتكم الأمنية قد وضعت نفسها في حالة استنفار قصوى ومتابعة دقيقة، للوصول إلى كشف هذا المخطط الإرهابي الذي يهدف إلى جر البلاد الى واقع خطير ومعقد، وتم تشكيل غرفة أزمة لهذا الغرض).

اترك رد