رصد: تيسير حسين النور
رغم بشاعة ما يحدث في العالم من أحداث واغتيالات، إلا أن السودان ظل آمناً ولا يعرف الحوادث المتطرفة ومحاولات الاغتيالات كالتي حدثت صباح الأمس لرئيس مجلس الوزراء بضاحية كوبر وتعد الأولى من نوعها في مجتمعنا .. فقد شهد العالم على مر التاريخ العديد من محاولات الاغتيال واغتيالات لشخصيات سياسية وقومية وشعبية والبعض منها كان أمام عدسات المصورين.. رصدتها الصورة وسجلت في تاريخ البشرية المعاصر ..
محاولات لم تنجح
تعرض الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك خلال سنوات حكمه الثلاثين لمصر منذ عام 1981 وحتى تنحيه عام 2011، إلى 5 محاولات اغتيال كادت أن تودي بحياته، ولكن القدر كان يحول دون نجاحها، وكان أشهرها على الإطلاق عام 1995 في مدينة أديس أبابا الإثيوبية.
وجرت محاولة لاغتيال البابا يوحنا بولس الثاني في 13 مايو 1981م حيث أطلق شاب النار عليه في ساحة القديس بطرس في روما وأصيب البابا إصابة خطيرة بمعدته، وظل التحقيق مفتوحاً ربع قرن والقاتل يرفض الإدلاء بأي معلومات، وأقفل الملف باتهام إيطاليا زعماء الاتحاد السوفياتي السابق . وفي 30 مارس 1981م وبينما كان الرئيس الأمريكي رونالد ريغن خارجاً من فندق هيلتون بالعاصمة واشنطن، انطلق جون هينكلي جونيور وأطلق من مسدسه ست رصاصات لقتله، فأصيب في رئته لكنه لم يمت، وأكمل فترته الرئاسية، بل فاز بولاية أخرى لأربع سنوات.
أما الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت فقد أطلق عليه إيطالي يدعى جوزيبي زانجارا في 15 فبراير 1933م خمس طلقات في محاولة لقتله، لكنه لم يصب بسوء.
اغتيالات تحققت
من أشهرها اغتيال الرئيس المصري أنور السادات والرئيس الجزائري محمد بوضياف ..ففي السادس من أكتوبر 1981م أطلقت مجموعة من جماعة الجهاد على رأسها الملازم الأول خالد الإسلامبولي النار على السادات خلال عرض عسكري ولقي مصرعه ووصفت بحادثة المنصة ..
..وفي 29 يونيو 1992م وأثناء القائه خطاباً بمدينة عنابة شرقي الجزائر اغتيل محمد بوضياف وكان قد مر 166 يوماً فقط على مكوثه في الحكم ..
وقبلها بسنوات قتل الزعيم الهندي المهاتما غاندي حين أطلق عليه أحد الهندوس المتعصبين في 30 يناير 1948 م ثلاث رصاصات قاتلة سقط على إثرها صريعاً عن عمر يناهز 79 عاماً.
بينما اغتيل رئيس الحزب الاشتراكي الياباني أسانوما أنجيرو في 1960م على يد شاب يميني أثناء إلقائه خطاباً متلفزاً. فقد دخل الشاب إلى حيث أنجيرو أمام الميكروفون وعاجله بسكين طويل فمات على الفور.
وأطلق قناص الرصاص على الرئيس الامريكي جون كينيدي في 22 نوفمبر1963م من شرفة بينما كان يمر في الشارع في سيارة مكشوفة برفقة زوجته جاكلين في زيارة رسمية لمدينة دالاس بولاية تكساس.
أما الناشط الحقوقي مارتن لوثر كينغ فقد أصيب برصاصة من احد البيض المتعصبين في يوم 4 أبريل 1968م، وأعلنت وفاته بعد عملية جراحية بمستشفى سانت جوزيف.
وفي 21 أغسطس 1983م وبينما كان حشد من الإعلاميين ينتظرون وصول زعيم المعارضة الفلبيني بينينو أكينو إلى المطار بالعاصمة الفلبينية مانيلا، أطلق عليه النار عند وصوله ووسط الحشود واستطاع أحد الصحفيين اختطاف لقطة له وهو ملقى ينزف على الأرض.
واغتيل رئيس الوزراء الاسرائيلي إسحق رابين 4 نوفمبر1995م رمياً بالرصاص من طرف يهودي متطرف يدعى إيجال عامير.
وقتل رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري هو وبعض معاونيه اثر انفجار سيارة مفخخة بموكبه بمنطقة المريسة غرب بيروت في 14 فبراير 2005م، وأدت شدة الانفجار إلى هدم فندق سان جورج وبعض المباني المحيطة.
وبعده بثلاث سنوات تقريباً في ديسمبر 2007م اغتيلت رئيسة وزراء باكستان بينظير بوتو رمياً بالرصاص في راولبندي القريبة من العاصمة إسلام آباد. وكانت قد عادت في اكتوبر من العام نفسه إلى باكستان بعد ثمانية أعوام قضتها في المنفى.
وقُتل السفير الروسي في تركيا أندريه كارلوف إثر إطلاق نار يوم 19 ديسمبر 2016م داخل معرض فني في أنقرة..
اغتيال مهدي الحكيم
شهدت ساحة الجريمة في السودان تطورات متداخلة بين الجريمة ذات الطابع السياسي وما هو متعلق بالفوضى الامنية في فترة الثمانينيات من الالفية الماضية ومنها ما هو متعلق بالتبني السياسي لبعض القضايا الاقليمية.. وحقبة الديمقراطية الثالثة شهدت أكبر الاختراقات الاجنبية التي اتخذت من السودان مسرحاً لتصفية الخصوم والحسابات والجريمة المنظمة.. منها اغتيال مهدي الحكيم في يناير 1988م؛ قدم مهدي الحكيم المعارض العراقي انذاك الى الخرطوم بدعوة من زعيم الجبهة القومية الاسلامية انذاك الدكتور حسن الترابي لحضور مؤتمرها الرابع ولاسباب عديدة لم يتمكن الحكيم من حضور الجلسة الافتتاحية وحضر بقية الجلسات وعقب احدى الجلسات عاد الى مقر اقامته بهيلتون الخرطوم ودلف الى بهو الفندق وما كاد الحكيم يتسلم مفاتيح غرفته من الاستقبال الا واطلق عليه رجلان سحنتهما من ابناء بلده عدة طلقات اودت بحياته واصيب مرافقه وبعدها اختفى الجناة في شوارع الخرطوم الهادئة ولم يعثر لهما على أثر !
حادثة الأكربول
وفي ذات العام شهد فندق الاكربول حادثاً مأساوياً ليلة 15 مايو 1988م, حين قام خمسة اشخاص بمهاجمة فندق الأكربول بالخرطوم والمجاور للنادي السوداني حيث القيت بداخله قنبلة متفجرة تزن حوالي 5 كيلو جرام داخل قاعة الطعام بالطابق الثاني للفندق ما ادى الى مصرع اثنين من السودانيين بجانب خمسة أشخاص يحملون الجنسية البريطانية وأصيب 7 أشخاص آخرين من جنسيات مختلفة وباصابات متفرقة, واستغل الجناة الفوضى التي حدثت فقام اثنان منهما بمداهمة النادي السوداني وكان به عدد من البريطانيين وعدد من الجنسيات الاخرى والقيا عدداً من القنابل وأعيرة نارية اصيب فيها احد السودانيين العاملين, وبعد أسبوعين على الحادث صرح الفلسطيني (أبونضال ) أن العملية قامت بها ما يعرف بخلايا الفدائيين العرب وتم اعتقال منفذي العملية وحكمت المحكمة عليهم بالاعدام الا ان الحكم لم ينفذ واطلق سراحهم في 7 يناير 1991م..
وفي العام 1998 م وبعد ان فرغ المصلون من صلاة المغرب بمسجد (أركويت) بمدينة ود مدني, تقدّم (عبدالحليم) بطعن أول الضحايا (الشاب معاوية) طالب الشهادة السودانية. ثم قتل آخر وآخر بالسكين؛ إلى ان تقدّم احد الإخوة وجاءه من الخلف وضربه في رأسه فمات (القاتل) وماتت معه (أدلة وملابسات الجريمة والرأس المدبرة).
حادثة الجرافة
وروع ابناء منطقة امدرمان ذات رمضان حين اعتدى مسلح يدعى عباس الباقر على مسجد جماعة انصار السنة المحمدية السلفية في أم درمان منطقة الجرافة أثناء صلاة التراويح 2000، وتضاربت أرقام الضحايا وقتها ففي حين ذكرت مصادر ان القتلى بلغ عددهم 22 ذكرت أخرى انهم 25 والجرحى بين 40 و55.. وما زالت الذكرى المأساوية شاخصة في أذهان اهالي الضحايا والمنطقة ..
حوادث متفرقة وجناة من جنسيات مختلفة وتداخل في الاسباب والدوافع بين سياسية ودينية واشياء أخرى, الا انها في مجملها لم تكن يوماً طبيعة ولا سمة للشعب السوداني؛ فما الذي حدث من استهداف لموكب د.حمدوك وهل هي بداية لسلوك متطرف أم حالة شاذة ولن تتكرر في هذا البلد الآمن، إن غداً لناظره لقريب .