الخرطوم: الانتباهة أون لاين
الهجوم الغادر والمحاولة الفاشلة لإغتيال رئيس الوزراء الانتقالي د. عبدالله حمدوك يثير العديد من التساؤلات أولها غرابة الفعل في حد ذاته هو الإغتيالات السياسية من هذه الشاكلة حيث تعتبر دخيلة على المجتمع السياسي السوداني الذي لم يعرف الإغتيالات طيلة عهود الصراع السياسي السوداني. نعم ربما عرف عنف الدولة إلا أنه يظل عنف محتكر للجهة القانونية المحددة مهما أساءت استخدامه ولكن الإرهاب بهذا الأسلوب يشكل ظاهرة جديدة جديرة بالدراسة. وكنا قد تناولنا الحديث عن بنية الإرهاب المتوفرة في البلاد نتيجة سياسات النظام الساقط الذي أتاح لتكثير من الجماعات الإرهابية الغطاء الآمن الذي هيأ لها ممارسة حياتها وإدارة تنظيماتها السرية دون خوف أو ملاحقة، وربما ما حدث لرئيس الوزراء هو نتيجة للتضييق علي هذه الخلايا الإرهابية وجيوبها المنسية منذ عهود النظام المخلوع خاصة وأن لجنة الامن والدفاع العليا اتخذت خطوات جادة لمكافحة الإرهاب منها مراجعة الجوازات الدبلوماسية والعادية التي تم منحها لبعض هذه الجيوب الإرهابية ضمن سياسة النظام الساقط في تعامله واستخداماته لهذه الجماعات فهل ماحدث هو محاولة انتقام لبعض هذه المجاميع الإرهابية وخلاياها النائمة؟ خاصة وأنه لم يبعد العهد بكشف السلطات الأمنية لإحدى هذه الخلايا الإرهابية (شرق النيل) وقد جاء في اعترافاتها نيتها في اغتيال بعض الشخصيات والرموز السياسية منها حمدوك نفسه. أم ترى ان ماحدث هو نتيجة للتقارب الكبير في الأيام القليلة الجارية مابين المكونيين العسكري والمدني وهو اتجاه استعدل بوصلة أجهزة حكم الفترة الانتقالية وتصميمها نحو معالجة أوضاع الوطن الجريح، فمن ترى تكمن مصلحته في تفجير الأوضاع وكامل المشهد السياسي ويتمنى أن يرى السودان دوماً مأزوماً تكتنفه الصراعات السياسية والحزبية المقعدة به عن تحقيق أي انجاز أو تطور؟!. أم أنها بروباغندا على الطريقة الأوروبية في تلميع حمدوك بعد فشل الحكومة الكبير في معالجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بالبلاد حتى لجأت إلى تكوين لجنة عليا لمعالجة الأزمة برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو وتنامي شعبية العسكر مقابل انحسار شعبية المدنيين وأكبر رموز المدنية والحكومة المدنية حمدوك !؟! فكان هذا السيناريو الفطير الذي تم اعداده علي عجل، ليرفع من شعبية حمدوك التي فقدت الكثير حتى لجان المقاومة الحامي الرئيس للثورة والقوة الحقيقية التي تسنده لأنه لا ينتمي لأي حزب كما هو معلوم؟!. أم أن التفجير هو محاولة ماكرة للزج بالدولة العميقة وبقايا الإسلام السياسي في محرقة قادمة وشيكة تنتظرهم نتيجة لاشتراطات بعض الدوائر والمحاور الإقليمية لضربهم حتى توفر الدعم السياسي والمالي للحكومة الانتقالية وكأن هذه المحاور لم يعجبها البطء الذي تتعامل به الحكومة في حسم جماعات الإسلام السياسي!؟
أم هل ترى أن الأمر متعلق بزيارة المسؤول الأمريكي الكبير إلى البلاد ومحاولة الإيحاء له عبر إعطائه مؤشرات خاطئة للأوضاع في البلاد ولا سيما ويأتي الأمر بين يدي زيارة مرتقبة إلى أمريكا من رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وأول مطالبها المعلومة رفع إسم السودان من اللائحة الامريكية الراعية للارهاب ؟؟!.
جميعها سيناريوهات يمكن أن تمثل قراءة تحليلية أولية لمقاربة حادث محاولة اغتيال رئيس مجلس الوزراء حمدوك. التحقيقات الأمنية والأيام وحدها كفيلة بترجيح أيا من السيناريوهات السابقة تمثل تفسيراً لحقيقة ماحدث ومهما كان الأمر إلا أن الإرهاب والاغتيالات السياسية يبقى عادة دخيلة على المشهد السياسي بالبلاد وأنه إذا ضربها سوف يمثل بداية النهاية للدولة وتفكيكها إلى دويلات متحاربة؟!.