الخرطوم: الخواض عبدالفضيل
بيع النقد الأجنبي أصبح ظاهرة متفشية داخل أوساط السوق العربي بالعاصمة الخرطوم بأعداد كبيرة عبر شباب يلوحون بإشارات تدعو إلى شراء العملات الأجنبية، حيث أصبحت هذه التجارة ظاهرة ومقلقة في الطرقات والشوارع الرئيسة وأمام أعين الجميع فكيف أصبح بيع النقد الأجنبي مباحاً تؤسس له سوق موازية تناهز القنوات الرسمية في سعر الصرف وتتحكم في اقتصاد السودان. برزت هذه المهنة بصورة كبيرة عقب انفصال الجنوب عن السودان في العام 2011م وزاد ذلك أكثر وأصبح الآن له الصوت الأعلى بعد ثورة ديسمبر حيث استغل فيها التجار الفراغ الأمني وانشغال العامة بالثورة فتحكموا في سعر الدولار ما زاد من ارتفاع التضخم . حيث ربط الدولار أحزمة الإقلاع بعد هبوط الجنيه السوداني إلى الحضيض مخلفاً وراءه حملاً ثقيلاً وأعباء معيشة صعبة على المواطن في ارتفاع أسعار السلع الضرورية التي زادت من معاناة المواطن المغلوب على أمره وكانت هنالك حملات تقوم بها الجهات الأمنية على (سرّيحة) التجار الكبار ومن ثم يتم إطلاق سراحهم لكن هذه المرة صنفت الشرطة تجار العملة كمعتادي إجرام يتم توقيفهم وبهذا تصبح تجارة العملة من ضمن الجرائم الجنائية الموجهة ضد الدولة.
غير مبررة
وقال الخبير المصرفي ورئيس الشؤون الاقتصادية بجمعية حماية المستهلك د.حسين الواضح ان اسعار الدولار في السوق السوداء وصلت حدوداً غير مسبوقة وزيادات غير مبررة واضاف لو كانت هنالك اسباب منطقية مثلاً زيادات في رسوم الحكومة في الضرائب او الجمارك او زيادة في القيمة المضافة او زيادة في مدخلات الانتاج قد تكون مفهومة وتزيد سعر الدولار وينعكس في السلع لكن لا ينعكس على الدولار الذي اصبح سلعة في حد ذاته مما ادى لزيادة غير منطقية في كل الاسعار في جميع مناطق السودان، كما ادى الى رفع نسبة التضخم بصورة غير مسبوقة بدورها اثرت على الاقتصاد السوداني ومعاش الناس واثرت على تنافس سلع صادر السودان في الخارج . لافتاً الى ان كل هذا عمل ضد الدولة وهذا القرار تأخر كثيراً بالتالي لا بد ان تستمر الحكومة والجهات النظامية في تنفيذ القرار دون تراجع لتظل الرقابة سارية بالاضافة الى عمل قانون جاد يسري للتعامل في النقد الاجنبي حتى يقضي الله امراً كان مفعولاً.
شركة مساهمة
واقترح القوني لمحاربة ظاهرة التجارة في العملة الحرة إنشاء شركة مساهمة مالية عامة تسهم فيها البنوك السودانية وتجار العملة الكبار المتعاملين في هذا المجال في الداخل والخارج، بحيث تكون هذه الشركة مختصة بالتعامل مع الدولار خارج نطاق البنوك لتحويلات المغتربين من كل بقاع الارض وهذه الشركة تتعاملة مباشرة مع البنوك السودانية ولا يكون لديها اي تعامل اخر غير البنوك السودانية في الداخل لتورد النقود من الخارج في فرع من الفروع داخل السودان هذا يجعل ابناء السودان من جميع انحاء العالم في إيصال تحويلاتهم لذويهم في اقرب مكان في السودان، لافتاً الى ان هذا المقترح يساعد في وقف التعامل بالنقد الاجنبي خارج نطاق المصارف وفي نفس الوقت تسهل تحويلات المغتربين وتساعدهم في الشراء بسعر محدد متفق عليه بين البنك المركزي والشركة المالية العامة. بهذا تضمن الدولة استمرار مورد اجنبي من الخارج الى السودان مضيفاً يمكن مع مرور الايام تحسن التجربة ويعاد دراستها وتطويرها الى الافضل في المستقبل.
نبت شيطاني
من جهته قال المصرفي د. لؤي عبد المنعم لـ(الانتباهة) بأن هذه الخطوة تعتبر خطوة موفقة لتجار العملة الذين اصبحوا مهدداً خطيراً للاقتصاد الوطني بإضعافه القيمة الشرائية للنقود واصبحت تجارة العملة مهنة من لا مهنة له واصبح المئات يعملون في هذا المجال وتكمن خطورته في تهريب السلع الى الخارج ويسهل في عملية شراء الذهب وتهريبه الى الخارج .لافتاً الى ان تجار العملة يسيطرون على سيولة ضخمة خارج الجهاز المصرفي واتجهوا لتجارة الذهب خارج القنوات الرسمية ووصفهم الخبير لؤي بأن هؤلاء التجار بأنهم (نبت شيطاني ) بمضاربتهم في الدولار ويتسببوا في انهيار في قطاعات مهمة في الدولة منوهاً الى ان التصدي لهم مهم للغاية خاصة في هذه المرحلة والبلد مقبلة على سياسة تعويم مهم من اجل نجاحها يجب التصدي لهؤلاء التجار لا بد للدولة أن تحد من الاستيراد غير الضروري للسلعة الكمالية وغير الضرورية بالاضافة للحد من المضاربة بالدولار خارج الحاجة للاستيراد بخلق اوعية استثمارية جاذبة للاموال الصغيرة والمتوسطة هذا يتطلب تهيئة الظروف باتخاذ اول خطوة للتصدي لمحاربة تجار العملة في كل عملية للاصلاح الاقتصادي داعياً للاستفادة من التجارب الماضية في ان لا تكتفي بمحاسبة تجار العملة في المحكمة بسجنه مدة قليلة من ثم يتم إطلاق سراحه لذلك لابد ان تكون هناك احكام حقيقية ورادعة حتى يستقر الدولار في أسعاره الحقيقية الذي اصبح سلعة ويحولها الجشع والطمع الى سلعة نادرة تهرب خارج السودان.