كانت النظم الخاصة بالمرتبات والأجور للعاملين في الخدمة المدنية تبنى على أسس علمية, تأخذ في الاعتبار الأرقام القياسية لنفقات المعيشة, وقدرة الدولة المادية على الدفع وكانت هناك علاقة وثيقة بين المرتبات والأجور السائدة في الخدمة والمعاشات. وكلما حدثت زيادة في المرتبات والأجور يحصل المعاشيون على زيادة بنفس النسبة التي حدثت للعاملين في الدولة . وبذلك كانت هناك توازنات مدروسة بين المرتبات والمعاش . وكان المتقاعدون في الماضي يحصلون علي معاش يكفي لمواجهة متطلبات الحياة إلا أنه ونتيجة للزيادة المطردة والمستمرة في أسعار السلع والخدمات وارتفاع مستوى التضخم , ترتب على ذلك عجزهم عن مواجهة متطلبات الحياة وازدادت أحوالهم سوءا بعد الزيادات المستمرة التي حدثت في المرتبات والأجور منذ عام 1990 م والتي لم تشملهم بنفس النسبة مع الأسف .
وحتي يمكن إزالة الظلم فقد تمت دراسة بواسطة لجنة فنية متخصصة خلصت إلى أن العدالة تتطلب تطبيق معاش المثل . ونرجو في هذا المجال أن نشير إلى القرار الجمهوري رقم (16) لعام 1999 م , والذي نص على أن يمنح المتقاعد أو عائلة المتوفى معاشاً يوازي صافي المعاش المستحق لرصيفه خلال العام 1997م , مسحوباً على أساس الدرجة التي تقاعد عليها, ومدة خدمته الفعلية والمعاشات المقررة له في العام 1997م , وبالفعل بموجب هذا القرار فقد تم تطبيق معاش المثل منذ العام 1999م , وبذلك تمت المحافظة على التوازن الموروث بين المرتب والمعاش إلا أن ذلك لم يستمر – مع الأسف – فقد حدثت زيادة مقدرة في المرتبات والأجور, ولم يحصل المعاشيون على نفس النسبة التي تمت بها الزيادة التي حدثت للعاملين بالدولة. وكان من المفترض أن تتم الزيادة بنفس الأسس والقواعد السابقة أي أن يمنح المتقاعدون معاشاً مماثلاً للذين يتقاعدون بعد ذلك التاريخ الذي تم فيه تطبيق معاش المثل, ولاسيما أنه بعد ذلك التاريخ حدثت زيادات مقدرة بالنسبة للمرتبات والأجور, هذا بالإضافة إلى المكونات التي تحسب عليها الأجور، إذ شملت المرتب الأساسي وعلاوة غلاء المعيشة, بالإضافة إلى العلاوات والبدلات الأخرى مثل بدل الترحيل والسكن وخلافه. وهذا أدى بدوره إلى زيادات مقدرة في المعاشات للذين يتقاعدون بعد ذلك التاريخ مما أدى إلى الاختلال في التوازن بينهم وبين المتقاعدين السابقين في مستوياتهم الوظيفية. وهذا يتطلب تطبيق نفس المعاش للذين يتقاعدون في نفس الدرجة وبنفس المرتب كما جاء في القرار الجمهوري الذي سلفت الإشارة إليه.
ويجب في هذا المجال أن نشير بأنه كان للمعاشيين بعض الحقوق المكتسبة مثل حق الترحيل بالسكة الحديد والطائرات وعندما تم إلغاء هذا الامتياز تم التصديق للعاملين بالدولة ببديل نقدي, وكان من المفترض والعدل أن يتم تطبيق نفس المعاملة للمعاشيين وأسرهم وذلك لم يتم – مع الأسف الشديد – هذا بالإضافة إلى ما جاء في لائحة الخدمة القومية لعام 2007م يمنح العاملين في الدرجة الأولى تذاكر سفر بالدرجة الأولى بالطائرات لأي بلد عربي أو إفريقي وكان لا بد أن يشمل ذلك المعاشيين المتقاعدين في نفس الدرجة.
وفي الفترة الأخيرة تم التصديق للعاملين بمرتب شهر أساسي في عيد رمضان وبمرتب شهرين في عيد الأضحى وكان من قواعد العدالة والإنصاف أن تتم نفس المعاملة للمعاشيين.
ويجدر بنا في هذا المقام أن نشير إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 973 الصادر في 29/12/2016م والذي نص على الآتي :
أ – يمنح الوكيل أثناء الخدمة علاوة شهرية بواقع 3000 جنيه سوداني.
ب – دعم بدل سكن شهري بواقع 1500 جنيه.
ج – بطاقة علاج له ولزوجته وزوجاته وأطفاله بالداخل والخارج.
أما الوكيل بالمعاش فقد تقرر له الآتي :
أ – يمنح معاش شهري بواقع 1800 جنيه بالإضافة إلى علاوة الوكيل بالخدمة والتي تبلغ 3000 جنيه أي بواقع 1500 جنيه أي جملة مايتقاضاه الوكيل بالمعاش 3300 جنيه .
ب – يحتفظ بالبطاقة العلاجية بذات المسمى بالمعاش.
ج – يمنح بطاقة علاج له ولزوجته.
د – أما الوكلاء الذين لا تنطبق عليهم شروط الخدمة المعاشية فيتم منحهم مرتب ستة أشهر.
والذي يهمنا في هذا الخصوص هم الوكلاء بالمعاش ومع إيماننا وتقديرنا التام للدور الذي قام به الوكلاء وتضحياتهم وأنهم يستحقون المكافأة نظير خدماتهم الطويلة إلا أنه لا بد من الأخذ في الاعتبار المعاشيين من شاغلي الوظائف القيادية العليا والذين خدموا لسنوات طوال وقدموا كثيراً من التضحيات , ولا بد أن يجدوا نفس المعاملة وهناك عدد من المعاشيين في نفس درجة الوكلاء مثل المديرين العاملين في بعض الوزارات والذين تقاعدوا بالمعاش كان لا بد من أخذ حالاتهم في الاعتبار عند صدور القرار الجمهوري .
بعد هذا الاستعراض , تبين لنا أن للمعاشيين قضية عادلة تتطلب النظر إليها بعين الاعتبار , ولا بد من إزالة الظلم والغبن الواقع عليهم عن طريق الآتي :
أولاً: تطبيق معاش المثل والذي توقف عند العام 1999م وذلك عن طريق تطبيق المعاش الخاص بالمعاشيين في مستوى أقرانهم الذين تقاعدوا في العام 2018م وبنفس درجاتهم الوظيفية.
ثانياً : أن يمنح المعاشيون نفس العلاوات التي صدرت أخيراً والتي تتدرج من 500 جنيه إلى 2500 جنيه وان تكون في نفس مستوى الدرجة التي تقاعدوا بها مثل اقرانهم في الخدمة المدنية عكس ماهو مطبق عليهم حالياً بواقع 500 جنيه لكل معاشي وهذا مما يتنافى مع مقتضيات العدالة أو أن هذا المبلغ خاص بالعاملين في أدنى السلم الوظيفي وهي الدرجة السابعة عشرة .
ثالثاً : أن يتم منح المعاشيين مرتب شهر في عيد رمضان ومرتب شهرين في عيد الأضحي أسوة بما هو مطبق على العاملين في الخدمة .
رابعاً : أن ينظر في أمر المعاشيين من شاغلي الوظائف الأخرى في نفس مستوى الوكلاء والعمل على النظر في شاغلي الوظائف القيادية العليا التي تلي وظائف الوكلاء .
وأخيراً نأمل من المسؤولين النظر بعين الاعتبار لمعاشيي الخدمة المدنية والعمل على إنصافهم .
والله الموفق . .