اخبار السودان اليوم

الحسم الثوري مطلوب

بقلم: أحمد يوسف التاي

أكبر التحديات التي تواجه الثورة اليوم هي حالة السيولة والاسترخاء الأمني من جهة، وكيفية إدارة تنوعنا واحترام اختلافنا من جهة أخرى.. فحالة السيولة والاسترخاء الأمني تُضيع هيبة الدولة، وإذا ما ضاعت هيبة الدولة ضاعت الدولة وضاع اسمها وشعبها، وليس هناك من خطر أكبر من فقدان السلطة ـ أي سلطة ـ لهيبتها، وضياع هيبة الدولة يعني ضياع الوطن والشعب بأكمله، لذلك ليس هناك مبرراً لحالة السيولة والاسترخاء التي نراها اليوم، فلتذهب الحرية إلى الجحيم إذا كان ثمنها هو ضياع الوطن بأكمله، فقبضة الثورة مطلوبة لحسم شتى أنواع الفوضى والتلاعب بأقوات الشعب والاستثمار في آلام الناس واستغلال ظروفهم لاكتناز الذهب والفضة، وضبط السوق ولجم حالة الانفلات، والتهريب، والحسم الثوري مطلوب بشدة لمواجهة المتآمرين على الثورة وعلى السودان وشعبه، والحسم الثوري حتمي جداً لمحاسبة كل المتورطين في قضايا فساد ظاهرة يراها الناس رأي العين ولا تحتمل المغالطات والجدل، بل إن الحسم الثوري أمرٌ ضروري لتنظيف صف الحكومة الانتقالية ومؤسساتها وأجهزتها من المنافقين الذين أدمنوا الأكل حد التخمة من كل الموائد وفي كل العهود، ومن المداهنين والمرائين الذين يركبون اليوم موجة الثورة كما لو أنهم لم تكن بينهم والسابقين مودة، كما هو ضروري ـ أي الحسم الثوري ـ لإبعاد المسؤولين الفاشلين والعاطلين عن المواهب الإدارية، فإذا فقدت الثورة صفة الحسم الثوري ماتت جذوتها وانطفأ بريقها وحلّ الظلام ليصبح سقفاً آمناً لـ(الخفافيش) التي أدمنت عيش الظلام والدغمسة والغموض…
أما التحدي الثاني فهو كيف ننجح في إدارة تنوعنا واحترام اختلافنا… تنوعنا هو رحمة ونعمة بل هو حكمة من صُنع البديع، ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين، هذا التنوع في الثقافة والعادات والتقاليد والعرق واللون والدين هو ثروة وكنز إذا احسنّا إدارته، وسيكون جحيماً نحترق بناره جميعاً إذا تجاوزنا فيه حكمة الله البالغة وأخفقنا في إدارته برؤية استراتيجية ونظرة شاملة للمستقبل.. واحترام اختلافنا هو اللبنة الأولى في بناء وطن محصن من أدواء الصراع السياسي والاستعلاء الثقافي والعرقي، فاحترام الاختلاف وفن إدارة التنوع هو المدخل الصحيح لاستراتيجية قومية شاملة والعيش بسلام في وطن آمن، وهو المنهج التربوي الذي يجب أن يدرس في كل مراحل التعليم بالسودان، والحديث عن بناء دولة القانون، والمؤسسات والحكم الرشيد والديمقراطية والتعددية السياسية، واحترام حقوق الإنسان وكرامته وحرياته، كل ذلك لا يخرج مما سبقت له منا الإشارة من تعزيز لهيبة الدولة، والإدارة الناجحة للتنوع والاختلاف، إذ لا هيبة لأي دولة دون تطبيق القانون على الكبير قبل الصغير، والوزير قبل المدير، والمدير قبل الخفير، ولا سياسة رشيدة ونهضة للأمم دون احترام الاختلاف الذي لا يخرج من قيمة العدالة والمساواة بين الجميع بما يحقق الرضا العام والأمن والاستقرار… اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

The post الحسم الثوري مطلوب appeared first on الانتباهة أون لاين.

Exit mobile version