اخبار السودان لحظة بلحظة

مـواطنـو قـريـة التـــروس ..«الحيـــــاة في الغابة»!!

عرض: الإنتباهة
في زيارة احد المنتسبين الى (الإنتباهة) لقرية التروس بولاية سنار، القرية التي تقع بمحلية المزموم، كان هدف الزيارة تغطية انشطة مشروع امن واستقرار المجتمع بدعم من المملكة السويدية، واشراف صندوق الامم المتحدة الانمائي ومفوضية نزع السلاح والتسريح واعادة الدمج، حيث تبعد هذه القرية عن محلية الجبلين ثلاث ساعات، ليقول: وصلنا القرية حوالى الساعة الثانية عشرة ليلاً، حيث لم نر اي نور ينبعث من المكان او اي شيء يدل على انها قرية، وكان الظلام دامساً يغطي المنطقة، وبعدها تم توجهنا بانوار البطاريات لمكان المبيت، وكان راكوبة مصنوعة من (القـــش)، ويبدو لي انه تم تجهيزها عند ابلاغهم بقدومنا لهذه القرية، وكان في استقبالنا عمدة القرية الناير الكنيتا. وفي الصباح الباكر وبعد ان تناولنا الشاي والقهوة كانت المفأجاة التي كنت لا اتوقعها.

أوضاع مأساوية
ويسرد مواطنو قرية التروس معاناتهم وقالوا انهم يسكنون تحت اشجار غابة (الكتر) وفي رواكيب (القـش) لتحميهم من حرارة الشمس والبرد، وتحت الاشجار تنتشر البهائم (ابقار ــ اغنام)، مما اتضح لنا جلياً بان الانسان والحيوان يعيشان في مكان واحد غير معزولين عن بعض، والادهي والامر انهم يشربون الماء من بركة واحدة (ترعـــة)، حيث تقوم الحيوانات بعد الشرب بالتبول والتبرز داخل هذه البركة تاركة وراءها رائحة كريهة داخل الماء.
انعدام الخدمات
ويعاني المواطنون بالتروس من صعوبة توفير ابسط مقومات الحياة، لجهة انهم يقومون بجلب المياه من اماكن بعيدة بالدواب (الحمير) محملة بـ (الجركانات)، وعلي ظهورها اطفال صغار تتفاوت اعمارهم بين (7 ــ 10سنوات)، اضافة الى ذلك عدم وجود اماكن مخصصة لقضاء الحاجة (الحمامات) مما يدفعهم الى الذهاب بعيداً عن القرية لقضاء الحاجة تحت الاشجار. ويضيف المواطنون الى مأساتهم عدم وجود مركز صحي او (شفخانة)، ولا يوجد بينهم شخص له خبرة في الاسعافات الاولية، بجانب عدم وجود قابلة قانونية، وقالوا بل توجد قابلة قالت انها رأت في المنام انها تقوم بتوليد المرأة الحامل، واستمرت على تنفيذ هذا المنام وتطبيقه في نساء المنطقة، ولفتوا الى انها تقوم بقطع (الحبل السري) للجنين بـ (موس الحلاقة). وحال اصابة المرأة بحالة نزيف فإنها تسعف بـ (التراكتور) وتوضع في ترلة وهي تنزف لمحلية المزموم، وربما تصل او تموت في الطريق لوعورته، لافتاً الى وجود اشجار كثيفة ومتشابكة في الطريق، وقالوا انه في فصل الخريف يزداد الوضع سوءاً وينقطع الطريق تماماً، الا ان رجال القرية يأتون باربع ترلات يجرها بابور، وتوضع المرأة في احدى الترلات، ويوجد عدد كبير من الرجال، حتي اذا تعطل الوابور يقومون بجر الترلات حتى محلية المزموم التي تبعد عن القرية اكثر من (33) كيلومتراً.
الحال يغني عن السؤال
ووقف عدد من المسؤولين على امر هذه القرية التي تختلف فيها الحياة، وقاموا بزيارة المنطقة بعد تلقي العديد من الشكاوى، ليلاحظوا عدم وجود مسجد في القرية حتي تؤدى فيه الصلوات، اما صلاة الجمعة فلا تصلى في القرية، بينما تصلى صلاة العيدين في منطقة المزموم. ولم ينته الامر هنا، بل انعدمت المقابر بالقرية لدفن الموتى، ويقومون بدفنهم في مقابر بعيدة عن القرية، وعلى بعد عشرين كيلومتراً تقريباً في قرية تسمى جريوا، وهم يحملون الميت (الجنازة) في ترلة، ويكون هذا الوضع في كل الفصول عدا الخريف الذي يزيد معاناتهم بهطول الامطار على جثمان الميت، وربما يمكثون يوماً او يومين ولم يدفن الميت وهو على ظهر الترلة، وهناك عوامل كثيرة تقف امامهم، اما الاطفال الصغار فيدفنون على بعد مسافة قريبة من محل السكن، وهذا يؤثر نفسياً في والديهم الذين لا يغمض لهم جفن.
الغرق في الجهل
ولم يكن لسكان قرية التروس حظ في التعليم، لتصل نسبة الامية في القرية الى 100% اي لا يعرفون القراءة والكتابة، وكيف يؤدون الفرائض وغسل الجنازة. ولا توجد اية مدرسة او اي دور لتقديم دورات علمية وتوعية في هذه القرية.
تجاهل مسؤولين
واضاف مواطنو القرية انهم طوال وجودهم لم تتم زيارة لاحد افراد حكومة ولاية سنار سواء كان الوالي او المعتمد. فيما ناشد الاهالي كافة المسؤولين في حكومة الولاية والمركز ان يهتموا بامرهم وينظروا لهم بعين الاعتبار، متمسكين بحقوقهم في تلقي الخدمات الأساسية.

The post مـواطنـو قـريـة التـــروس ..«الحيـــــاة في الغابة»!! appeared first on الانتباهة أون لاين.

اترك رد