الخرطوم : هادية قاسم ــ تصوير:بجاوي
امتلأت ساحة الميناء البري في الخرطوم منذ صباح أمس، بعدد كبير جداً من سائقي البصات السفرية والشاحنات الذين نفّذوا إضرابهم عن العمل في يومه الأول الذي سيستمر لثلاثة أيام مقبلة .
ما جعل (الربكة) سيدة الموقف بالنسبة للركاب الذين كانوا ينوون السفر إلى الولايات بعد حجزهم للتذاكر ليتفاجأوا بعملية الإضراب التي جعلتهم يلجأون إلى وسائل نقل أخرى بأسعار كبيرة أو يرجعون بخفي حنين إلى ديارهم .( الانتباهة ) كانت حاضرة ونقلت تفاصيل ما حدث واستنطقت عدداً من المتضررين :-
إحباط
لم يكن المواطنون الذين حزموا حقائبهم لأجل السفر الى الولايات يدركون أنهم سيعودون أدراجهم الى منازلهم أو يدفعون أضعاف قيمة التذكرة بسبب إضراب سائقي البصات السفرية الذي لا ناقة لهم فيه أو جمل، وربما سرت لديهم موجة من الإحباط وهم يقضون ساعات النهار في انتظار الفرج، لكن باءت محاولاتهم بالفشل وقاموا بتنظيم وقفة احتجاجية شأنهم بذلك شأن السائقين أنفسهم الذين نظموا ذات الوقفة .
حليمة ابراهيم والتي كانت تبحث عن بص يقلها الى مدينة رفاعة ذكرت للصحيفة أنها ظلت واقفة بالميناء البري منذ أكثر من أربع ساعات وانها لم تجد بصاً يقلها الى وجهتها، وأكدت أن الشرائح التي تقف جانباً بالميناء تحمل الركاب لكن بمبالغ طائلة وهذا ما جعلها تقرر العودة الى منزلها بالخرطوم .
كما أكد أحد المسافرين المتجهين الى ولاية النيل الأبيض أنهم تضرروا من الإضراب وتعطلت مصالحهم . وقد أبدى حسن أيضاً استياءه من مسألة الإضراب مشيراً الى انه كان متجهاً الى إحدى الولايات القريبة لأجل أداء واجب العزاء في أحد أقاربهم لكن وبسبب هذا الإضراب فسوف يكتفي بالاتصال بهم فقط .
خسائر
بالرغم من علم شركات النقل بالإضراب إلا أنها قد ابتاعت للمواطنين تذاكر السفر ،مما جعل الركّاب يسرعون لإرجاع التذاكر بعد ان علموا بتعطيل العمل . فخسرت بذلك الشركات مبالغ طائلة .
مطالب مشروعة
عضو لجنة سائقي الميناء البري، حسين حسن محمد أحمد، قال في حديثه للصحيفة ان مشاكلهم تتلخص في أن لجان التسيير بصورة عامة لم يتم تكوينها ،وسبب هذا التعطيل ضرراً بالغاً بالنسبة لهم لجهة عدم قانونية أي إجراء يتم على ضوئه التخاطب به مع الجهات الرسمية .وقال ان السائقين يشتكون من عدم وجود مرتبات ثابتة وتأمين صحي وتأمين اجتماعي بجانب سحب رخصهم من قبل المرور بسبب بعض المخالفات البسيطة والتي في الأغلب تتلخص في السرعة الزائدة . وكشف عن سحب رخص لعدد ( 176) سائقاً بالميناء البري مما جعل أصحاب السفريات يلجأون الى سائقين آخرين .
وذهب الى أن السائقين الجدد تسببوا في وقوع حوادث كثيرة بسبب عدم الخبرة الكافية . وأشار في حديثه الى أنه ظل يعمل في قطاع البصات السفرية منذ 42 عاماً وأن الحوادث الأخيرة التي بلغ مجملها 13 حادثاً لم يتم التعرف على الفاعلين، وقال إن الأضراب بدأ أمس وسيستمر الى ثلاثة أيام .
وذكر حسين أن أصحاب المكاتب قاموا ببيع التذاكر لعدد كبير من الركاب بالرغم من علمهم بالإضراب وهذا ما أوقع الضرر على المواطنين . مضيفاً أن رئيس المرور عقيد الطيب قد جلس مع السائقين وتفهم وضعهم خاصة فيما يتعلق بسحب الرخص غير المبررة ووعد بحل المشكلة . وأكد أيضاً أن الحوافز التي يتقاضاها سائق البص السفري غير مجزية، وبالتالي تتعرض أسر السائقين في الأغلب الى التشرد مثلما حدث ذلك مع بعض السائقين الذين تعرضوا لحوادث مرورية وبُترت أرجلهم .وختم حسين حديثه بأن الجهات الرسمية اذا لم تستجب لمطالبهم فسيتم مد الإضراب .
عرقلة
إبراهيم يوسف محمد – سائق – ذكر في حديثه لـ(الانتباهة) أن مسألة سحب الرخص من السائقين من أكبر المشاكل التي تواجههم، ووصف الأمر بالعرقلة التي يتسبب فيها آخرون مثل أصحاب الركشات الذين يسيرون في طريق المرور السريع . وأضاف أن مطالبهم التي ينادون بها هي مطالب دستورية وقانونية، مناشداً الجهات الرسمية بضرورة الوقوف عليها .
رفع الإضراب
زاكي الدين مزمل – سائق في خط الخرطوم – أسوان، ويعمل في البصات السفرية قرابة الثلاثين عاماً أكد في حديثه للصحيفة أنه أحد المتضررين خاصة وأن إدارة المرور قد سحبت رخصته بسبب السرعة الزائدة . وقد اتفق مع غيره في أن الحوافز والتامين الاجتماعي أهم مطالبهم .مشيراً الى أن الإضراب لن يتم رفعه ما لم تتحقق مطالبهم .وكشف عن أن السائقين كانوا مُقيّمين في السابق بعكس ما يحدث الآن من تهميش وتجاهل .
200 جنيه فقط
محمد أحمد مصطفى، سائق بص سفري اتفق في حديثه مع زملائه الذين لخصوا مطالبهم في النقاط المذكورة أعلاه، مشيراً الى أن عملهم عن طريق حوافز الرحل الفورية . وكشف عن قيمة الحافز الذي يتقاضاه سائق البص الى ود مدني الذي يبلغ 200 جنيه فقط – وكوستي – الأبيض 500 جنيه .وقال إنهم تضرروا كثيراً من الغرامات المالية . وزاد : حالياً نحن متضررون من الإضراب نفسه فأطفالنا جائعون ولا يوجد لدينا حوافز ولا بدل وجبة ولا غيره ) .
أزمة متفاقمة
الأمين العام لتجمع سائقي البصات والشاحنات واللواري السفرية، محمد عبد القادر محمد زين، ذكر في إفادته لـ(الانتباهة) أن الأزمة متفاقمة منذ ثلاثين عاماً إلا أن الأمر لم يتم البت فيه، وذكر أنهم كجسم يبلغ عددهم أكثر من 26000 سواق، وأشار الى أنهم يعانون من مشاكل كثيرة بينها عدم وجود اللجان التسييرية التي تأخر تكوينها، وقال إن لديهم أكثر من ستة أشهر وهم يسعون في تكوينها مع الجهات ذات الصلة لكن دون جدوى . موضحاً أنهم رفعوا مطالبهم الى رئاسة الوزراء ورئاسة العمل والتنمية البشرية وكذلك تجمع المهنيين، وأفصح أن هذه الجهات جميعها قد فشلت في حل الأزمة .
رشاوى
رئيس تجمع سائقي البصات والشاحانات السفرية السر حسن قال للصحيفة، إن الإضراب الشامل لكافة الولايات مرده عدم الاستجابة للمطالب المشروعة التي رفعها سائقو البصات السفرية والشاحانات . وقال إن الفترة الفائتة تمت مخاطبة كافة الجهات الرسمية وتم تقديم مقترح أجور لوزارة العمل وتم طلب اجتماع مع رئاسة الوزراء وتمت مخاطبة المرور لكن كل ذلك لم يؤت أُكله مما دعاهم الى الإضراب. وكشف عن أن السائقين ظلوا يعانون من أشياء كثيرة من بينها سحب الرخص من قبل المرور وما يعرف بالرشاوي التي يتقاضاها رجل المرور والتي أرهقت جيوب السائقين .وأكد أيضاً أن هنالك شركات بسيطة جداً حاولت أن تكسر الإضراب مثل شركة في بحري واخرى في الميناء البري وغيرها في ام درمان.
ذريعة
مصدر من المرور فضّل حجب اسمه قال للصحيفة إن إضراب السائقين لم يكن بسبب المطالب التي ذكروها فحسب بل اتخذوها ذريعة، موضحاً أن إدارة المرور حينما أحكمت قبضتها على المخالفين من السائقين ومن ثمّ ضيّقت عليهم بسبب مخالفاتهم التي تتمثل في شحن (العفش ) او أخذ ركاب من الشارع العام فقد فقدوا بذلك مبالغ كانت تعوّضهم كثيراً عن الحوافز .مضيفاً : وإلا لماذا لم نسمع أصواتهم من قبل !
وقد أكد المصدر أن إدارة المرور تعمل وفقاً للقوانين وهي لا تسحب الرخصة الا إذا كانت هنالك مخالفات تستحق ذلك .
لم تصلنا
ولمعرفة حقيقة الأمر بوجهه الآخر تحدثت ( الانتباهة ) مع رئيس لجنة تسيير اتحاد غرف النقل السوداني كابتن عادل المفتي الذي أكد أن لجنة تسيير غرفة النقل باتحاد اصحاب العمل لم تتجاوز فترة الشهرين في العمل وطالب الجهات المختصة بضرورة الإسراع في تكوين نقابات، وقال إن نقابة السائقين لم يتم تكوينها إلا قبل اسبوع، وأن تجمع السائقين ليس جزءاً منهم وإنما يمثلون الجانب التشغيلي لأصحاب العمل .وذكر أن المطالب التي يطالبون بها لم تقدم لهم ولكن اتضح أن هذه المطالب قدمت الى وزارة العمل، وأشار الى ان مطالبهم تتمثل في المرور وسحب الرخص، وقد تم الاتفاق معهم في هذا الجانب وفقاً لقانون الدولة وهي قوانين ملزمة تسري على السائقين في حال المخالفات التي تتضمن السُكر أو المخدرات أو الهروب بعد وقوع الحادث أو التهريب أو قرارات الطبيب الملزمة .وذهب الى ان هذه القوانين لا يمكن تجاوزها ،معتبراً تجمع السائقين المعني غير قانوني لجهة عدم تكوين لجنة تسيير لعمل النقابات . أما فيما يتعلق بزيادة الرواتب فكشف المفتي أنها تحمل شقين وهما أنها قطاع غير حكومي وبالتالي يسري عليهم قانون الحد الأدنى للأجور وهي سياسة دولة وملزمة للجميع . وألمح الى أنهم كأصحاب عمل لا يستطيعون فرض مرتبات بعينها .وقال إنهم اتفقوا كلجنة تسيير للنقل مع اتحاد اصحاب العمل بعقد ورشة تضم الأطراف المعنية منها المرور ووزارة العمل لمناقشة مشاكل القطاع .وذكر المفتي أن الوقت الراهن لا يصلح للإضراب. ملخصاً مهمتهم في حماية الثورة الى ان يتم التوصل الى حلول وقرارات بشأن كل القطاعات خاصة النقل .وجزم بان الإضراب تترتب عليه آثار سالبة على المواطنين بيد أنه ذكر ان بعضهم تجاوز الأزمة من خلال السفر عبر الحافلات ،فيما انحصر الإضراب في الميناء البري فقط .وقال في خاتمة افادته إن الرواتب لن تتم بين ليلة وضحاها لجهة أن البصات تتبع لأفراد ووحدهم من يقرر ذلك ،وأن وزارة العمل مناط بها تحديد الحد الأدنى للأجور فقط . وناشد بدوره العاملين بالصبر قائلاً : إن الوقت ليس للإضراب .
The post إضراب سائقي البصات السفرية..مطالب مشروعة ولكـــــــن ..؟! appeared first on الانتباهة أون لاين.