اخبار السودان اليوم

مع سكرتير الحزب الشيوعي المهندس محمد مختار الخطيب.. بدون تحفظ (2-2):

حاوره: فتح الرحمن شبارقة
هذا الحوار مع سكرتير الحزب الشيوعي السوداني المهندس محمد مختار الخطيب بدأت الحديث بشأنه في دار الحزب بالخرطوم(2) وأكملناه في منزله بالحاج يوسف. ولستُ أدري هل من مفارقة بين مقر الحزب ومنزل سكرتيره، أم أن الأمر متسق. فقد جئت إلى مكتبه بدار الحزب دون سابق موعد فوجدت الخطيب على وشك الدخول في اجتماع ولم يمنعه ذلك من الترحيب بي وتبادل التحايا. قال لي: (تعال في البيت يوم الخميس أشرب معانا شاي المغرب وأعمل الحوار).. ذهبت إلى منزله المتواضع في (محطة الصهريج) في الموعد. فأحسن، وكريمته الفضلى – التي التقطت لنا صور هذا الحوار- الترحيب بـ (السوداني). وعندما هيأت الخطيب إلى أن الأسئلة ستكون ساخنة، قال إنه يتفهم حرص الصحفيين على استجلاء الحقائق ولا يمانع من طرح أي سؤال. بل تحدّث حتى في المحاور التي كانت على مشارف الإحراج، بتلقائية من تعود على هذا النوع من التساؤلات مسبقاً، دون أن يسلك أي منعطفات لغوية للهروب من صيغة الأسئلة- كما سنرى:

بالعكس نحن نأخذ عليهم أنهم مازلوا ينظرون في الحل الخارجي والارتباط مع أمريكا وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وهو ما يجري حالياً من سعي برهان للاعتراف بإٍسرائيل وعقد مفاوضات جوبا بدلاً عن ايجاد حل حقيقي ثم دعوة حمدوك لتدخل الأمم المتحدة وحتى زيارة الرئيس الألماني كل ذلك يمضي في استباق حركة الجماهير حتى لا تمتلك إرادتها، وحتى تكون إرادة السودان مرهونة للخارج..

*كأنكم ضد إصلاح علاقات السودان الخارجية؟
– نحن لسنا ضد إصلاح علاقاتنا مع الدول الخارجية وتبادل الخيرات والمنافع مع الشعوب وأن نحافظ حتى على سلامة كوكب الأرض، فهذا شيء مشترك، لكن نرفض أن نكون في اتجاه تابع لسياسات الرأسمالية العالمية. ويجب أن نكتفي ذاتياً في الداخل ثم ما يفيض عنا نتعامل به مع الآخرين.

*على ذكر الخارج.. هناك اتهامات توجه لك بصورة شخصية، فأنت وحزبكم متهمون بإطلاق قنابل تؤثر في علاقات الحكومة مع بعض الدول.. والبعض حملكم مسؤولية ايقاف 2.5 مليار دولار من المنحة السعودية الاماراتية بسبب نقدك لهما؟
– أولاً الوضوح مع الجماهير ضرورة، وهذه مهمتنا. ونحن يهمنا السودان أولاً ولا نريد أن يتدخل الآخرون في شؤوننا. ونعلم تماماً اللعب الذي لعبته دول إقليمية وخارجية في ما يجري حالياً بالسودان، والأيام برهنت ذلك..

*عفواً يا باشمهندس.. ألا ترى أن هذا الوضوح الذي تتحدث عنه مضر في الواقع؟
– كيف؟.. فالناس لا يأتون إلينا لأنهم يعطفون علينا، هم يأتون لأن عندهم مصالح عندنا، والمصالح أصلاً موجودة، لكن كيف نقدم هذه المصالح في سبيل أن نتبادل الخيرات معاً هذه هي الإشكالية. وليس كلام الحزب الشيوعي أو غيره هو الذي يؤثر في هذه الأشياء. وكيف تستخدم مصالحك وعلاقاتك في سبيل أن تجني من الآخرين منفعة حقيقية.

*هل تعرضتم لعتاب من الجهاز التنفيذي لأن حديثكم تسبب في إحجام بعض الدول عن الدعم كما يقولون؟
– هذا ما قاله حميدتي بشكل مغلف، لكن حميدتي نفسه متهم بأشياء كثيرة، بل يعمل للحفاظ على مكتسباته في الفترة الفائتة. وعندما تحدثنا أن هنالك شركات تابعة لجهاز الأمن ولقوات الدعم السريع وللقوات النظامية بشكل عام ويجب أن ترجع إلى ملكية الدولة، هم رفضوا هذا وقالوا إنهم سيقدمون (2) مليار دولار لخزينة الدولة، إذن هم أصحاب مصلحة في الإبقاء على المؤسسات القديمة.

*ألا ترى إن الانتقادات من هذا النوع تصب في مصلحة الثورة المضادة وتوفر ذخيرة حية للهجوم على الحكومة- كما قال الإمام الصادق المهدي- دون أن يسمي جهة بعينها؟
– أنا لا أود أن أتحدث عن أحزاب. لكن نحن ضد أي شكل من أشكال الهبوط الناعم، ولن نسكت على أي توجه للانحراف بهذه الثورة عن ما ترمي إليه الجماهير. نحن نود أن نصل ونؤسس لدولة مدنية ديمقراطية أساس الحقوق والواجبات فيها المواطنة ونعمل إصلاحاً حقيقياً كما توافقنا في مواثيقنا مع قوى إعلان الحرية والتغيير لإعادة هيكلة السودان الذي توافقنا عليه بباريس في 2016م وأن يكون الاقتصاد مختلطاً قطاع عام وقطاع تعاوني وقطاع خاص وقطاع حتى للاستثمارت الأجنبية…

*كيف تقيّم آداء حكومة حمدوك حتى الآن.. هل هو مرضٍ برأيك.. وهل تسير في الاتجاه الصحيح؟
– حتى الآن الشعب كله يشتكي، والسياسات هي نفس السياسات، ولم يتم تفكيك النظام بصورة صحيحة، والجانب المسيّطر وصاحب السلطة الحقيقية هو المكوّن العسكري في داخل مجلس السيادة وهم الذين يديرون السودان حالياً، مجلس الوزراء مجرد من أي ركائز قوة في داخل السلطة لتنفيذ إرادته.. وبالتالي مجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير بتوقيعهما على ذلك الاتفاق يتحملان ما وصل إليه حال الحكومة الانتقالية ..
*كأنك ترى أن حال حكومة حمدوك الآن لا يسر؟
– لا يسر حقيقة.

*وزير المالية يرى أنه لا خيار سوى رفع الدعم، وذكر مبررات تبدو منطقية.. فماهو موقفكم من هذه القضية؟
– نحن ضد رفع الدعم بشكل عام نتيجة لأن رفع الدعم هي روشتة البنك الدولي. والدعم أساساً هو لوضع استقرار، وهو شكل من أشكال الاستثمار أيضاً لأنه عندما يحصل ويكون الناس في حالة استقرار حقيقي تحدث زيادة في الإنتاج وغيره. الجانب الآخر هو أن رفع الدعم سيؤثر على الفقراء، فهو سيرفع الدعم من فقراء المواطنين والشرائح الضعيفة..

*عفواً وزير المالية قال عكس ذلك تماماً، وأوضح إن دعم البنزين مثلاً يستفيد منه الأغنياء ولذلك هو يريد أن يعيد توجيه الدعم لمستحقيه من الفقراء؟
– لكن في الواقع الأمر ليس هكذا، فهو يتحدث عن أنه سيغطي الأشكال بدعم مباشر للمواطنين، ولكن في الواقع هو لا يتجه لهذا الاتجاه، بل ليس له إمكانات لعمل هذا الأمر. نحن مع مؤتمر اقتصادي يتناقش فيه كل الاقتصاديين وخبراء الاقتصاد في سبيل الوصول لحلول حقيقية لرفع الغبن عن المواطنين. ولا يمكن أن يكون التوجه الذي يمضي الآن هو الحل.

Exit mobile version