اخبار السودان لحظة بلحظة

«الحريات الأربع» بين الخرطوم وجوبا.. مصـــالـح ومحــاذير

تقرير: ملوك ميوت
على الرغم من مضي أكثر من ثمانية أعوام على توقيع اتفاقية الحريات الأربع بين السودان وجنوب السودان، والتي تشمل بنودها حرية الدخول والخروج والتنقل والامتلاك والجنسية المزدوجة للمواطنين بين البلدين، إلا أن تنفيذها لا يزال محل تساؤلات كثيرة بعد أن وقفت عثرات أمام تنفيذها على أيام النظام المخلوع وحالياً في ظل الحكومة الانتقالية هناك مشاورات بشأن تنفيذ الاتفاقية لتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي وصولاً إلى تحقيق أهدافها المرجوة فإن الاتفاق سيكون من الموضوعات التي سيتم تناولها بين قيادات البلدين بشكل مستمر رغم التحفظات والمحاذير التي أثيرت حول هذا الخصوص .
وحول هذا الخصوص أرسل عضو الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان جون ريتشارد تطمينات للذين سبق وأن أبدوا بعض التحفظات والمحاذير، وقال على السودان أن يطمئن بعد الخطوات السياسية التي خطتها مع حكومة دولة جنوب السودان بأنه لا تخوف من اتفاق الحريات الأربع (التنقل والتملك والعمل والإقامة) الموقّع من دولة جنوب السودان، وأضاف أن نص الحريات الأربع تمنح لمن استوفى الشروط وفق اللوائح والقوانين، ودعا ريتشارد القوى السياسية كافة إلى العمل المشترك لإنزال الاتفاق لأرض الواقع التي تصب في مصلحة الشعبين..
أمر ضروري
ومن جانبه يقول الدكتور أولاو أدينق نيجوك إن تنفيذ اتفاقية الحريات الأربع هو أنسب الفرص ولكن يجب عدم ربط علاقات الشعب الواحد بالتفاعلات الكيميائية السياسية للأنظمة في السودان وجنوب السودان، وأضاف علينا أن نتذكر أن الشعب الواحد يعيش في دولتين وبالتالي فإن موضوع الحريات الأربع، أمر ضروري خصوصاً في ظل الحكومات الانتقالية، هنا وهناك حتى نضمن العيش الكريم للشعب الواحد دون المساس بالعلاقات التاريخية ذات الجزور العميقة
صدمات الانفصال
وقال مصطفى كبسور رئيس حركة الإصلاح والتنمية، إن تنفيذ اتفاقية الحريات الأربع بين البلدين عامل أساسي لتقوية جسور العلاقات المجتمعية بين الشعب الواحد في دولتين. وأضاف إن هذه الخطوة ستحدث تقارباً كبيراً بين المواطنين الذين كانوا أمة واحدة، وأوضح كبسور أن المتابع للساحة السياسية الآن بين الدولتين يلمس أن المزاج العام بين الشعبين إنه وجهان لعملة واحدة، وهذا ما يسهل صدمات الانفصال.وأشار كبسور أن تنفيذ اتفاقية الحريات الأربع حدث سياسي يؤكد جدية كلا الطرفين، وهذا ما كان ما ينتظره المواطن منذ زمن بعيد، مشيراً إلى انعكاس تلك الخطوة على الوضع الاقتصادي في البلدين .
تكافؤ المصالح
وقال الخبير الدبلوماسي السفير لاقو شارلس واني إن الاتفاقية لم تجد الظروف التي يمكن أن تنطلق فيها في عهد النظام البائد، مما شكل أكبر خطأ لأنها تمت في أسوأ فترة للعلاقات بين الحكومة السودانية وحكومة دولة جنوب السودان. وأضاف واني إن الظروف السياسية التي كانت بين شد وجذب أدخلت الاتفاقية الى غرف الانعاش دون أن تحقق المرجو منها في تلك الفترة ولم تخضع للدراسة الكاملة حتى تخدم مصالح البلدين. وأشار واني إلى أن الاتفاقية قائمة على مبدأ تكافؤ المصالح بين البلدين لكن الحكومة السودانية كانت تعاني من ضغوط دولية كثيرة مما أجبرتها أن تستخدم هذه الاتفاقية ككروت ضغط لتحقيق مكاسب سياسية في كل جولة تفاوض مع حكومة جنوب السودان في ذاك الوقت. وأوضح واني في حديثه لـ(الإنتباهة) لكن بعد التحول السياسي في السودان وفي ظل الحكومة الانتقالية يمكن أن تكون هناك علاقات صحيحة تنفذ من خلالها كافة بنود الاتفاقية مؤكداً إمكانية صمود الاتفاقية في وجه كثير من الرغبات غير المعلنة..
مرجعيات فكرية
وقال أستاذ القانون الدستوري ونائب عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة ام درمان الإسلامية دكتور أمير محمد كافي إن الواقع السياسي الراهن يلقي بظلاله على المنطقة العربية والأفريقية بصورة متكاملة وأن تطور ملف مساجلات السلام في السودان مهم في أداء فترة الحكومة الانتقالية في السودان ودولة جنوب السودان. فالتعاطي في هذا الملف -اي السلام- في الدولتين، ينبغي أن ينظر للعلاقات الأزلية للبنية المجتمعية الواحدة قبل انفصال جزء عزيز من السودان مكوناً دولة جنوب السودان الحالية، وأن أصول الحركة الثقافية وامتدادها الفكري في النظم السياسية السودانية وإمكانية إعادة تقديرها كمرجعيات فكرية إيجابية لكلا البلدين. فالسلام ينبغي أن يتطور لإعادة بناء الثقة ووحدة الإقليم كمصير مشترك باعتبار أن الانفصال أحد بنات أفكار بعض السياسيين هنا وهناك، ومصالح دولية اقتضت ذلك في حينها، عليه فالوصل الوجداني حاضر في معاملات شعبي البلدين..والحديث عن إمكانية وجود حريات أربع بين البلدين ينبغي أن يتصدر تصرفات الحكومتين وأن تجد الاهتمام وتوقع في إطار تسوية مشكلة سياسية وفكرية في السودان القديم وتنظر في سياق مقدمات وحدة قادمة لا محالة وبالتالي تكوين دولة اتحادية بنظام كونفدرالي يراعي مصالح البلدين لأن هذه المعاني هي فرضيات واقع في السياسة الإقليمية والدولية..
التفاعل الإستراتيجي
ويقول شول موسس الناشط والمحلل السياسي إن أولوية المرحلة المقبلة بين الدولتين تدخل في عدة مسارات لكن أهم مسارين بين البلدين هي مسار السلام لا سيما بعد تحقيق السلام حالياً في جوبا برعاية سودانية نفس التفاعل الإستراتيجي يجب أن يكون سلام السودان ضمن أولوية قيادة في جوبا وهذا يدخل في كيفية تحقيق السلام والأمن في البلدين، ومن ثم التفكير في مسار العلاقات بين جوبا والخرطوم التي كانت في شكل مرحلي، أي بناء ما يعكر العلاقة، أما إعادة رسم خارطة جديدة لعلاقات بين القطريين هنا يذهب في اتجاهين إما الرجوع إلى اتفاقية التعاون المشتركة بين البلدين التي تم توقيعها عام 2012 بين جوبا والخرطوم أو توسيع دائرة الاتفاقية بإبرام اتفاقية تعاون جديد تشمل المتغيرة وهي السلام كمتغيرة جديدة أما عن الحريات الأربع رهينة بند التعاون الأمني بين البلدين كانت غائبة بسبب نشاط حالة التمرد في الشرط الحدودي إذن.. مشكلة عدم إنزال برتوكول التعاون المشترك بين البلدين كانت لأسباب غياب السلم والأمن آنذاك لكن حالياً المسار بين البلدين تمضي نحو توطيد العلاقات من ناحية وتأكيد ذلك التفاعل السياسي بتتويج سلام المناطق الثلاث النيل الأزرق جنوب كردفان دارفور وهي مدخل لتأكيد بناء العلاقات بين جوبا والخرطوم في شكل أوسع تحت اتفاقية التعاون المشتركة أو إمكانية إبرام اتفاقيات جديدة.

The post «الحريات الأربع» بين الخرطوم وجوبا.. مصـــالـح ومحــاذير appeared first on الانتباهة أون لاين.

اترك رد