اخبار السودان اليوم

ليس بـ«البل» فقط

أحمد يوسف التاي
عبارة «شُكراً حمدوك» من فرط تكرارها بطريقة دعائية سطحية صارت مُنفّرة، ومُستفزة للشعب السوداني، وفي رأيي هي الآن في ظل الأوضاع الحالية تناسب استخدامات الشامتين من أنصار النظام المخلوع لأجل السخرية ولا ترقى حتى للدعاية السياسية لأن الحال باين والجواب يكفينا عنوانه، اللهم إلا إذا كنا نُرددها كالببغاء» دون وعي.. حتى حمدوك نفسه عبّر عن استيائه منها لأنه يعلم يقيناً أنه لم يفعل حتى الآن شيئاً يستحق من أجله الثناء والإطراء فعلى ماذا نشكر حمدوك؟، فهو الآن يحتاج للمساعدة لا التطبيل بهذه الطريقة الفجة.
نحن نتفق مع مُحبي حمدوك وحتى مع حملة «الدفوف» في أنه سوداني أصيل وود بلد، ومتوازن ومحترم وحظي بإجماع كبير من الشعب السوداني، هذا الإجماع الكبير وضعه هو وطاقمه الوزاري في تحدٍ كبيرٍ… ونحنُ أيضاً نُدرك أن المَهمة التي اُوكلت إليه لهي مهمةٌ عظيمةٌ وصعبةٌ للغاية وتحتاج إلى طاقم استثنائي وجهدٍ عظيم، وأن الدمار الذي ألحقه النظام المخلوع بالاقتصاد والسياسة والمجتمع لهو دمار شامل يحتاج إلى وقتٍ طويل وعملٍ دؤوب وجهود خارقة… كل ذلك يدركه الشعب السوداني حد اليقين ولهذا ظللنا ندعو إلى عدم التسرع في الحكم بفشل حكومة حمدوك لسبب واحد فقط لأن المهمة عسيرة وحجم الدمار كبير للغاية والعلاج يحتاج إلى صبرٍ طويل المِراس…
لكن أن يمارس بعض المنسوبين لقوى الحرية والتغيير نوعاً من الـ»بروباغندا» السياسية والإعلامية لحكومة حمدوك لتغبيش وعي الناس وجرّهم للتأييد الأعمى والتصفيق لأشياء غير محسوسة بالمرة فإن في ذلك عدم احترام لعقول الناس ومحاولة لاستغفالهم في زمن ثورة الوعي.. (ياخ نصبر عليهو لكن ما بطريقة إلغاء العقول والمشي خلف القطيع)…
الحقيقة التي لا مراء حولها هي أنه قبل حكومة حمدوك كان يوجد نظام فاسد مستبد أضاع هيبة الدولة ومرّغ سمعتها بين دول العالم وأهدر مواردها وبدد ثرواتها ومكّن منسوبيه من مقابض المال العام حتى اُثروا ثراءً فاحشاً حد المجون دون حسيبٍ أو رقيب فدمّر كل شيء، ولهذا وحده يُقدّر السودانيون حجم المأزق والتحدي، ولهذا وحده أيضاً يدركون صعوبة المهمة الملقاه على عاتق الحكومة، فالناس يستمدون الصبر على حمدوك من وعيِّهم بعمق الأزمة التي تركها نظام البشير، ويشحذون هممهم للتصبُر على حمدوك من واقع إدراكهم لقيمة الأمن وحجم التحدي، فالأمر لا يحتاج إلى دعاية وتغبيش للوعي و»خم»…
عندما سقط نظام البشير مضى التفكير بإجماع كل السودانيين على أن الخروج من هذا المأزق هو التوافق على تشكيل حكومة كفاءات تؤكل إليها المهام الانتقالية المحددة، ولهذا يُفترضُ أن تكون حكومة حمدوك تم اختيارها بعناية من الكفاءات الوطنية لتكون قادرة على التحدي والعلاج والحل، فالحل ليس بـ»البل» وحده، فالأوطان لا تُبنى بـ»البل» فقط، بل بالجهود المخلصة والعمل الدؤوب المسنود بالخبرات والمؤهلات والتجرد ونكران الذات والتوازن… ثم يبقى القول إن حمدوك حتى الآن لم يفعل شيئاً نشكره عليه بهذه الصورة الدعائية الفجة السمجة التي لا تحترم العقول، دعوه يعمل أولاً وينجز المهام الموكولة إليه ثم «كسِّروا التلج» كما تشاءون… الـلهم هذا قسمي في ما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الـله، وثق أنه يراك في كل حين.

The post ليس بـ«البل» فقط appeared first on الانتباهة أون لاين.

Exit mobile version