عبدالسلام العقاب
بلا أدنى جدال، فلقد كانت المواصلات واحدة من المعضلات الجسيمة بجانب رغيف الخبز وغلاء المعيشة الطاحن؛ ولقد كانت تلك المعضلات السبب الرئيس لتحريك الشارع في وجه الإنقاذ إظهاراً لغضب الشعب عن مآلات الحال بالبلاد، فكانت ثورة الشباب ممثلة لجموع الشعب السوداني، ثورة على الجوع والمسغبة ومحنة المواصلات.
كانت ثورة قُصد بها التغيير وفي كل أوجه الحياة وكانت البداية بالخبز والمواصلات وكان من الطبيعي. أن يمتطي جياد تلك الثورة حاكمو اليوم الذين كانوا يحلمون بمثل هذه الهبة العاصفة التي كان وقودها الشباب الذين مهروها بدمائهم الزكية.
وكان الشد والجذب بين المدنيين والعسكر، إلى أن كلل الله المساعي بالنظام الحاكم اليوم ليعبر بالبلاد خلال الفترة الانتقالية إلى قيام الدولة المدنية المنشودة.. ولقد ابتدروا عهد حكمهم بمثل ما اشتكوا منه على عهد الإنقاذ، حيث إنهم لم يبدأوا بما جاءت به الثورة الشبابية، بل بدأوا بالإحلال والإبدال، وليس بأقله من أمر التمكين الذي مارسته الإنقاذ؛ ظللنا جميعاً ندعو للصبر فإن تلك الأزمات الخانقة تراكمية ويحتاج حلها لبعض الوقت وتطاولت الأيام بالناس وهم يخشون من أن تطول أيام الصبر؛ و لا ينكر المتابع أن جهوداً متواضعة تقودها الدولة لفك الضائقة المعيشية والتي لا تزال تراوح مكانها؛ وإن كان المواطنون يأملون في جهود جامحة لجعل الأزمات من كوابيس الماضي، بعض أفراد الشعب يستعجل النتائج وآخرون يخشون على الثورة مما حل بالإنقاذ، وآخرون يدعون آخرين للصبر عليها معللين أن الحكومة لا تحمل عصا موسى. لجعل الانفراج أمراً محسوماً. خاصة والبلاد تعاني شح المورد الأجنبي. وكذا عدم الاستفادة القصوى من المورد المحلي وعدم العمل على تنمية تلك الموارد وما جعل الأزمة تتفاقم. أن الدولار صار سلعة تُباع وتُشتري؛ ومن المعيب ألا تكبح الدولة جماحه حتى أن سعره في السوق الموازي (اسم الدلع للسوق الأسود) تخطى حاجز المائة جنيه بزيادة أكثر من. 100% عما كان عليه قبل التاسع عشر من ديسمبر 2018م تاريخ بداية الثورة، وزاد تبعاً لذلك أسعار كل السلع بلا استثناء، وفي ذات مرة وأنا أتابع استطلاعاً على إحدى القنوات والمواطنون يشكون مر الشكوى من الارتفاع الجنوني لأسعار السلع دللت إحدى المستطلعات على الغلاء الفاحش بقولها: (قبل يومين اشتريت كيس الملح
بـ 25 جنيهاً واليوم اشتريته
بـ 35 جنيهاً)! وعلى هذا الفارق الكبير بين السعرين والذي يمثل ما يقارب الـ 50% في أقل من أسبوع وفي كل السلع المحلية بلا استثناء يكون القياس وحيث لا يعلم غالب الشعب عن السلع المستوردة شيئاً لأنها ليست من مكونات قفة الملاح الشعبية، لذلك لا يسألون عنها ولا يعرفون أسعارها ..
لعل أزمة الخبز ستنتهي قريباً رحمة من الله بعباده وذلك بالإنتاج الوفير الذي يتوقعه كل من رأى حقول القمح والتي شبهها الشاعر بقوله ملأى السنابل تنحني في تواضع؛ ومن البشريات أن الإنتاج. سيكون وفيراً بإذن الله تعالى بالرغم من المعاناة التي لاقاها المزارعون في نقص التمويل وتأخيره، وكذا النقص الحاد في مناسيب الري مما أدى لتأخير الزراعة والتي هي مواقيت بالرغم من تذكيرنا المبكر للدولة أن هذا أول امتحان لحكومة حمدوك إن هي أرادت نجاح أول عروة شتوية حانت مع بزوغ فجر حكومته، ولكأن ما نكتب لا يعدو أنه (كلام جرايد). ولو اهتم السيد حمدوك بالشأن الداخلي وأغلق الباب على نفسه ووزارته للعمل وانصبت جهودهم على الاهتمام بالمورد المحلي، وعملت وزارته على رفع الإنتاجية في كل محصولاتنا الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية وموارد باطن الأرض وظاهرها ذهباً وبترولاً وخضاراً، لكان ذلك خيراً له وللبلاد من ملاحقة المؤتمرات خارج السودان والسعي الحثيث نحو المستحيل لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والذي تضع له واشنطن المتاريس والقيود والشروط المؤذية، وإن تقاربتم أو طبعتم مع ربيبتها إسرائيل .
نعم.. نحن جزء أصيل من المجتمع الدولي والنظام العالمي الجديد والقديم، وكان من الأجدر بحكومة الفترة الانتقالية أن تشحذ الهمم وتقوي العزائم وتبرز وتظهر للعالم قدرتنا على الإنتاج ورفع الإنتاجية وأننا لسنا بالشعب الكسول كما ينظرون إلينا أو يتصورون، والإنتاج خير لنا من أن نتسول العالم أعطونا أو حرمونا وإن أعطونا فذلك بمقابل باهظ نقتطعه من سيادة بلادنا ونخوة أهلها وكرامتهم . (ومافي حاجة بالمجان).
The post إلى السيد رئيس الوزراء وأركان حربه في الوزارات appeared first on الانتباهة أون لاين.