اخبار السودان لحظة بلحظة

حكاية وداد بابكر

بقلم: محمد عبدالماجد

(1)
في وقت سابق نشط الاستاذ عثمان ميرغني في دعوته لتحويل سجن كوبر الى (متحف) ، تأكيداً لعبق (السجن) ، باعتباره السجن (العتيق) في السودان، وهذا شيء بالتأكيد لا نحمد عليه ولا نشكر. ميرغني ذهب ابعد من ذلك في دعواه حين توقف عند سجن الرجل الذي رفع علم الاستقلال الزعيم اسماعيل الازهري في سجن كوبر – وحسب ان ذلك امراً كافياً (لمتحفة) سجن كوبر الذي حبست فيه شخصيات عظيمة – يكفي ان فنان افريقيا الاول محمد وردي كان احد سجنائه الى جانب محمود محمد طه والصادق المهدي وحسن الترابي وغيرهم من الشخصيات الشهيرة. الذي فات على عثمان ميرغني كما اشرنا لذلك وقتها ان صاحب (التيار) يكرّس لنقطة سوداء في تاريخنا، فما جدوى ان يكون (للقمع) متحف نزوره ونقف عنده ونسترجع ذكراه كأنه شيء حسن.
اعادنا لذلك الذي جاء به عثمان ميرغني، ما اشعر به الآن اذ اشعر ان سجن كوبر تحول فعلاً في الفترة الاخيرة الى (متحف) – حيث يحبسون فيه قيادات النظام السابق ويخرجونهم منه وكأنهم يزورن (متحفاً).
ولا احسب ان الذين يحبسون في سجن كوبر الآن بعيدون عن الاحساس بانهم في (متحف) – وهذا سبق صحفي يمكن ان نحسبه للاستاذ عثمان ميرغني الذي تحققت نبوءته الآن وقد كنا نستهجن منه ذلك، ونرى استحالة ان تتحقق نبوءته.
(2)
كل قيادات النظام السابق، ومن افسد منهم تحديداً– لم نشهد لهم محاكمات ولم تصدر في حقهم عقوبات، وانما ظلوا يرحّلون الى كوبر ويخرجون منه ، ثم يعودون اليه – وكأن في الامر مساومة او ترهيب او رسائل تطلق في الفضاء.
فقط تمت محاكمة افراد الامن الذين قتلوا الشهيد احمد الخير، اضافة الى محاكمة البشير على عملات صعبة ضبطت في حيازته – ما دون ذلك فان المحاسبات تبدو بعيدة عن القضاء، وهي ما زالت محاسبات سياسية في يد السلطة الامنية في البلاد.
هذا الامر يجعل لا اختلاف فيما كان يحدث في النظام البائد، وفيما يحدث في النظام القائم الآن.
(3)
استوقفتني في الفترة الماضية ان الاخبار التى ترتبط بوداد بابكر زوجة المخلوع تحظى بمتابعة شديدة – ولها ردود افعال كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي. اخشى ان تختصر المحاسبات والمحاكمات للنظام البائد على تلك الاخبار التي ترتبط بوداد بابكر. اختزال الامر كله في وداد بابكر – يجعلنا نغض الطرف عن جرائم كثيرة وكبيرة حدثت من قيادات النظام السابق– ولم يجد النظام الحاكم الآن الجرأة غير محاسبة ومحاكمة وداد بابكر.
الاثارة والضجيج احياناً تأتي بعمد وتخرج عن قصد لتغطية امور اخرى، وإلّا دعونا نسأل كيف يطلق سراح مأمون حميدة وتحبس وداد بابكر؟.
حتى رئيس النظام السابق بكل تجاوزاته كان في سجنه يحمل هم زوجته وداد بابكر ويبحث لها عن مخرج– اذ يشعرك ذلك ان كل القضايا خلصت على وداد بابكر.
قالت صحيفة الانتباهة امس(الثلاثاء) إنّ البشير طلب من اثنين من أقربائه أثناء زيارتهما له بسجن كوبر، الاتصال بمحامٍ محدّد تجمع به علاقة، لبحث إمكانية إخراج وداد من سجن التائبات في أم درمان ووضعها تحت الإقامة الجبرية بمنزلها. وذكرت الصحيفة أنّه أشار لأقربائه بأنّ المحامي المقترح تربطه علاقة بالنائب العام. وتحقق النيابة مع وداد بشأن الثراء الحرام وامتلاك أراضٍ.
قبل ذلك كانت اخبار وداد بابكر تشغل الناس وتشعل مواقع التواصل الاجتماعي عن جرائم وصلت لحد الابادة، غير الجرائم التي حدثت في المال العام ولم تسلم منها مؤسسة في العهد البائد.
من بين تلك الاخبار – ضبط (مصوغات) وداد بابكر– وحرمانها من (هاتفها الجوال) ومصادرته منها– والتحقيق معها في (سيارة) تمتلكها وقطعة ارض مملوكة لشقيقتها.
هل هذه هي كل (القضايا) التي تفجرت ثورة ديسمبر المجيدة من اجلها.
هل سوف تختصرون الفساد في (مصوغات) وداد بابكر و(موبايلها)؟ –  وما خفي كان اعظم.
ما جدوى مصادرة الهاتف الجوال لوداد بابكر.. وما قيمة (صيغتها) امام الاموال والذهب الذي نهب في العهد البائد وما زال ينهب!!.
(4)
بغم /
اتذكر ونحن طلاب في المرحلة الابتدائية ان استاذنا كان بعد ان يوزع ورقة (الاختبار) على الفصل يكون غليظاً وفظاً مع الطلاب الذين لم يدفعوا (رسوم) الاختبار وليس الطلاب الذين (رسبوا) في الاختبار.
اعتقد ان الحكومة الانتقالية الآن تفكر بنفس الطريقة.

The post حكاية وداد بابكر appeared first on الانتباهة أون لاين.

اترك رد