تقرير: ندى محمد احمد
انتقادات كثيفة لاحقت تحالف قوى الحرية والتغيير الحاكم مؤخراً، ولم يقتصر ذلك على المتابعين للشأن السياسي والخصوم فقط، بل امتد ليسع قيادات وأحزاب بارزة في التحالف، في الوقت الذي يمضي فيه الوقت سريعاً من عمر الحكومة الانتقالية، وبوتيرة أسرع تتفاقم الأزمات التي تحيط بالبلاد، وعلى رأسها تدهور الأوضاع الاقتصادية بصورة مفزعة . فما هي الأسباب وراء الهجوم على التحالف الحاكم ؟، وهل من أسباب لمعالجة تلك الأسباب . وكيف ؟
أحدث الانتقادات التي طالت قوى التغيير وردت من الحزب الشيوعي السوداني ، إذ شدد الناطق الرسمي باسمه فتحي فضل، على ضرورة إعادة النظر في تجربة قوى إعلان الحرية والتغيير حتى تصل لنهاية الفترة الانتقالية بنجاح، وأضاف في حديث للزميلة (الجريدة) أن هناك قوى سياسية داخل الحرية والتغيير وقفت في منتصف الطريق واكتفت بسقوط رأس النظام واتجهت نحو إجراء انتخابات مبكرة أو محاصصات، وقال إن ما يهمهم هو القوى السياسية التي تسعى لترسيخ التحول الديمقراطي، داعياً إياها إلى إعادة النظر في التجربة والاستفادة من أدوات النضال الجديدة متمثلة في لجان المقاومة ولجان تسيير النقابات.
لم تكن ملاحظات الشيوعي هي الأولى من نوعها فقد استبق القيادي بالمؤتمر السوداني والمتحدث الرسمي للمجلس المركزي لقوى التغيير إبراهيم الشيخ الآخرين باتخاذ موقف مبكر باستقالته من كافة مواقعه السياسية بحزبه وبقوى التغيير ومن ضمن حيثيات الاستقالة قوله : (تخلصنا من البشير وبقيت أغلب مهام الانتقال عالقه وبقينا نحن كبقرة الساقية وجمل المعصرة، ندور حول أنفسنا وحول القضايا لم نفلح بعد من العبور إلى الدولة بعد الثورة ، وتلك آفة الثورات).
وفي تصريح ثان له بعد الاستقالة طالب إبراهيم بثورة تصحيحية لإعادة الوعي للحاكمين باسم الثورة.
واضاف في تصريح للزميلة ( السوداني الدولية) إنّ الثورة بعد عامها الأوّل تحتاج إلى تصحيح من خلال مواكب تخرج في 19 و25 ديسمبر.
ووجّه انتقاداتٍ للحكومة، وقال” كان الأمل أنّ تعبر هذه الحكومة بقوةٍ والتزام صارم وتبقى وفية لدماء الشهداء، لكنّ الأداء العام للحكومة لم يرتق إلى حجم التضحيات الغاليات ولم يعبّر عن روح الثورة ومقاصدها ،وأضاف” هناك تراخٍ عام من الحكومة وقيادة قوى الحرية والتغيير في التنسيقية والمجلس المركزي
كما اعترف رئيس الحزب الاتحادي الموحد والقيادي بقوى التغيير محمد عصمت بان قوى التغيير اصبحت عبئاً على الحكومة الانتقالية، جراء غياب الروح التي سادت في ساحة الاعتصام ايام الثورة.
ولفت في حوار مع (الانتباهة) مؤخراً إلى غياب تام للبرنامج الواضح الواقعي القابل للتنفيذ من قبل قوى التغيير ، ولذلك تجتهد الحكومة الانتقالية بمعزل عن حاضنة سياسية كان يجب ان تكون هي السند للحكومة.
عضو مبادرة استاذة جامعة الخرطوم ممدوح محمد الحسن اشار إلى وجود إشكالات كبيرة داخل قوى الحرية والتغيير ، ووصف اسباب الهجوم الذي تعرضت له بالموضوعي ، واوضح في حديثه لـ(الانتباهة) ان قوى التغيير لم تستطع حسم طريقة اتخاذ القرار في داخلها ، فمن غير المعروف ما اذا كان هناك مكتب قيادي ام لجنة مركزية ، وعوضاً عن تقوية نفسها باتخاذ آلية واضحة لاتخاذ القرار ، كان يحدث الخلاف فيما بينها ، وقد تجلى ذلك في اختيار الجهاز التنفيذي ، فلم تجمع مكونات قوى التغيير على الكوادر التي اختيرت لتقلد المواقع الوزارية ، ومن قبل كان الرأي ان قيادات الحكومة ليسوا حزبيين ، بل كفاءات مستقلة ، ولكنهم لم يلتزموا بموقفهم هذا ، كما حدث الخلاف في اختيار اعضاء المجلس السيادي . ثم ان الوثيقة الدستورية نفسها دار حولها خلاف في بعض بنودها، مرده عدم اتفاق قوى التغيير على آلية واحدة تتم من خلالها الإجراءات ، وان كان من الطبيعي الاختلاف في الاراء ، ولكن يمكن لآلية اتخاذ القرار ان تُلزم الجميع بالنزول على قرار الاغلبية ، لكن ما حدث ان هناك احزاباً ترى ان لديها ثقل جماهيري ،وانها الاقوى ، لذلك يجب ان يمضي رأيها على الآخرين.
وإشكال ثان يواجه قوى التغيير وفقاً لممدوح ان الحكومة مولود شرعي للثورة ، وذلك يستدعي من قوى التغيير دعم الحكومة ، وان تعمل على توجيهها وتقويمها داخلياً ، فهي التي قدمتها باعتبارها الحاضنة السياسية للحكومة ،وعوضاً عن انتقادها بصورة معلنة ، كان ينبغي عقد اجتماع لقوى التغيير بهذا الخصوص، على ان تكون مخرجاته ملزمة لها وللحكومة ، واتفق ممدوح مع الراي القاضي بوجود إشكالات كبيرة في قوى التغيير ، من حيث آلية اتخاذ القرار ، وعدم احترام القرارات المتخذة ،والتي من المفترض انها تمثل الجميع ، ولكنه استدرك ليشير بالرغم من عيوب قوى التغيير ، إلا انها تعتبر اكبر توافق بين احزاب وكيانات ، ليس على مستوى السودان فحسب ، بل على مستوى الحاضر الحديث. وفيما يتعلق بالحلول المطلوبة ذهب إلى انها تتمثل في تقوية قوى التغيير ، وتوحد آلية اتخاذ القرار ، والالتزام بالقرارات التي تتخذها الاغلبية ، فمن غير المقبول اتخاذ القرارات ، ويخرج حزب ليعلن انها لا تمثله ، ولفت إلى ان الاهداف التي دفعت مكونات التغيير للتوقيع على إعلانها مختلفة ، فالهدف الرئيس هو إنجاح الفترة الانتقالية ، ومن ثم تتفرغ الاحزاب لبناء هياكلها ومعالجة مشاكلها ، استعداداً لفترة ما بعد الحكم الانتقالي ، ولكن ما حدث ان الاحزاب لم تنتبه لإشكالاتها الداخلية ، وتوسع قواعدها الجماهيرية ، وعوضاً عن ذلك انخرطت في خلافات فيما بينها ، حول حصة كل منها من الوزراء والمجلس السيادي ، وتبادل الانتقادات فيما بينها ، مما اضعفها ، واضاف بان العنوان الابرز حالياً ان قوى التغيير لم ترتق لمصاف الثورة ، وقد تجلى ذلك في اختيارها للحكومة ، وفي الازمات التي تواجهها البلاد في الوقت الراهن ، واشار الى انها جزء من هذه الازمات، وان كانت الحكومة تعاني من قصور ، فاين هو موقف قوى التغيير من تلك الازمات، فهي غائبة، وكان من المفترض ان تقدم رؤيتها لمعالجة القصور الحكومي. من جهته قال القيادي بقوى الحرية والتغيير محمد صادق عبد العزيز لـ (الانتباهة) ان قوى التغيير تحتاج إلى إعادة هيكلة لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والامنية بالبلاد، حتى لا تكون عبئاً على الحكومة ، عبر اتفاق مكونات التغيير على الصيغة الملائمة للهيكلة التي تجعلها اكثر كفاءة وفاعلية ،وجذباً للجماهير. فالتجربة تحتاج لمزيد من التعديل والتطوير ، وفيما يتعلق بتباين مواقف احزاب التغيير تجاه القرارات التي تتخذها قال بالرغم من ان تلك الاحزاب تعلن لجماهيرها راياً مغايراً لما اتفق عليه ، إلا انها تلتزم بالقرار المتخذ ، ووصف ذلك بانه نوع من الالتزام الجيد .
The post (قوى التغيير).. طالتها سهام الانتقاد appeared first on الانتباهة أون لاين.