تقرير: ندى محمد احمد
المؤسسات الأمنية والعسكرية تتعرض للاختراق، وذلك ما دفع به احد قادة المجلس السيادي حالياً والمجلس العسكري سابقا، وهذا التصريح الجهير مدعاة للتساؤل عن ماهية الجهات المقصودة التي تتعمد اختراق المؤسسات الأمنية، وما غاياتها من ذلك، والمعالجات المطلوبة لمثل هذه الاختراقات التي تشكل خطراً على الدولة.
هناك محاولات كبيرة لاختراق المؤسسات الأمنية والعسكرية في السودان من عدة جهات، وهو ما يُشكل خطراً على الدولة، ذلك هو تصريح عضو مجلس السيادة الفريق شمس الدين الكباشي لـ (العربية).
ووصف كباشي المظاهرة التي انطلقت في الخرطوم الخميس الماضي بسبب إحالة أحد الضباط بالقوات المسلحة إلى المعاش بـ (الغريبة).
وللقيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي محمد ضياء الدين اعتراف جهير في حواره مع قناة (النيل الأزرق) قال فيه عن حزبه: (نحن موجودون فى داخل الجيش وداخل الامن، وكل القوى الاجتماعية والشرطة ومؤسسات الدولة المدنية كلها كانت متاحة للجميع، لذلك حرصنا على قطع الطريق امام التمكين منذ وقت مبكر)، وأضاف قائلاً: (لو كنا نريد الانقلاب لقمنا به ولاستلمنا السلطة بالتلفون، لأننا كنا نمتلك الكادر العسكرى المؤهل المستلم كل الوحدات العسكرية تقريباً، وكل الاحزاب الرئيسة لديها وجود داخل المؤسسة العسكرية). ولمعالجة هذا الوضع ولترسيخ الديمقراطية دعا المكونات السياسية للاتفاق على عدم العمل دخل المؤسسة العسكرية.
الفريق اول محمد بشير سليمان لفت الى ان دلالة تصريح الفريق الكباشي حول محاولات اختراق القوات النظامية حقيقة، وقال: (ظلت القوات المسلحة منذ امد بعيد مجال اختراق للاحزاب السياسية، خاصة الايديولوجية منها، واي حزب في قوى التغيير لديه توجه لاختراق القوات المسلحة، هذا ان لم تكن لديه مجموعات داخل القوات المسلحة)، واوضح ان الاختراق الذي عناه الفريق الكباشي هو اختراق داخلي من قبل المكونات الحزبية، وأضاف في حديثه لـ (الإنتباهة) ان معظم تلك القوى لها بعد خارجي واجندة خارجية، وبينما يتباكى السياسيون على القوات المسلحة ويدعون لهيكلتها، تشير الاحداث الى انهم هم اكثر من عمد لاختراقها، اما دلالة الاختراق فهى عدم الإيمان بالديمقراطية ودولة المواطنة، والسعى لاستلام السلطة باي شكل من الاشكال، فالقوات المسلحة هي آلة القوة التي يمكن بواسطتها السيطرة على السلطة، وجزء من آليات الصراع بالدولة سياسياً. وذهب بشير الى ان مكونات قوى التغيير ليست على قلب رجل واحد، ولديها مآرب للسلطة وليس لبناء الدولة، وتنظر للقوات المسلحة باعتبارها البديل الذي يمكن ان تغتال به الديمقراطية اذا فشلت، او تعمد لتنفيذ انقلاب عسكري اذا شعرت بمحاولات لإقصائها. وتصريح الفريق الكباشي يوضح انهم مدركون لمحاولات الاختراق، وانهم على علم بمن تم اختراقهم داخل القوات المسلحة.
وفي ما يتعلق بمخاطر الاختراق فصلها بشير في عدم الإيمان بالديمقراطية على مستوى تلك الاحزاب وعلى مستوى الدولة، فالغاية هي السلطة عبر القوات المسلحة مما اضعفها، سواء من قبل المؤتمر الوطني وغيره من الاحزاب التي اتجهت لآلية الانقلابات، وهي الآن تتحدث عن الديمقراطية، ومنها حزب الامة القومي في انقلاب 1958 في اطار صراع مع الحزب الاتحادي الديمقراطي، والشيوعيون والقوميون العرب والبعثيون استغلوا القوات المسلحة واحدثوا انقلاب مايو 1969م، وقد شهدت مايو عدة اختراقات للقوات المسلحة من بينها انقلاب حسن حسين وهاشم العطا واخرى لم تعلن، وفي انتفاضة ابريل كان في القوات المسلحة من يمثل احزاب الانتفاضة، وقال ان الملازم محمد صديق الذي احدثت إحالته للمعاش ضجة كبيرة يتبع لاحد احزاب قوى التغيير، ولفت الى ان الفريق الكباشي بحديثه يقصد قوى الحرية والتغيير.
ما قاله المتحدث باسم الحكومة عن هيكلة القوات المسلحة والشرطة كلمة حق اريد بها باطل، فالمقصود هو تسريح او إبعاد كل من ليست له علاقة بقوى التغيير في القوات المسلحة، وإحلال آخرين بدلاً منهم ينتمون لها، سواء على مستوى الضباط او على مستوى الصف والجنود، وهذه هي مرحلة التسييس الاكبر للقوات المسلحة.
اما الترياق لهذا الاختراق فهو ميثاق سياسي قوامه الايمان بالحكم الديمقراطي وبناء دولة المواطنة بمفهومها الواسع، مرفقاً بإصلاح سياسي للاحزاب، وإصلاح مؤسسي للدولة في اطار قومية مؤسساتها في القوات المسلحة والشرطة والامن بجانب الاعلام والقضاء والمال، وبدون ذلك لا علاج لجرثومة اختراق القوات النظامية للوصول للسلطة. وفي المقابل نفى عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي السوداني كمال كرار، نفى صحة الاتهام الموجه لقوى الحرية والتغيير بأنها هي المتهمة بالاختراق الذي تحدث عنه الفريق الكباشي، وقال في حديثه لـ (الإنتباهة): (من يطرح اتهامات عليه أن يأتي بالدليل)، واصفاً إياها بالمزايدات، وقال: (لا توجد اية محاولات للاختراق من قبلنا في قوى الحرية والتغيير، خاصة أن غايتنا هي قومية المؤسسات الرسمية، خاصة القوات النظامية)، واردف قائلاً: (هناك بطء شديد في تنفيذ هذا التوجه، وانعكس ذلك البطء في الإشكالات التي حدثت في الفترة الماضية، ومنها احداث هيئة العمليات، والاحداث المصاحبة لموكب الخميس الماضي، فنحن نطالب بقومية الجيش والأمن والشرطة، بعيداً عن اي تدخل واحتواء، فالمفترض انتقال تلك القوات من خانة حماية النظام البائد إلى خانة خدمة البلاد، وهذه هي الفكرة الاساسية). وفي رده على ان هدف قوى التغيير من هيكلة القوات النظامية وعلى رأسها القوات المسلحة هو التمكين لمكوناتها المختلفة، رد بقوله: (هذا زعم غير صحيح، فالهيكلة المنصوص عليها في إعلان الحرية والتغيير هدفها الوصول لجيش قومي وشرطة قومية وأمن يخدم أغراض أمن البلاد، فمن غير المقبول ان تظل هذه الاجهزة كما هي بروح النظام البائد وعقليته، وقد تجلى ذلك بوضوح في موكب الخميس الماضي على سبيل المثال، فلا يعقل أن يظل الموجودون سواء الفريق الكباشي او غيره مدافعين عن عقلية القمع، فهيكلة القوات النظامية مطلوبة وضرورية، وهي تستند إلى إعلان قوى الحرية والتغيير).
The post المؤسسات الأمنية..(رافعة) الوصول للسلطة appeared first on الانتباهة أون لاين.