اخبار السودان اليوم

الوثيقة الدستورية.. هل حان وقت الجرح والتعديل؟؟

تقرير: ندى محمد احمد

ظلت الكواليس المصاحبة لإعداد الوثيقة الدستورية مثار جدل، بين طرفيها قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري، وامتد الجدل إلى ما بعد التوقيع عليها في السابع عشر من أغسطس الفائت، كما استطال الخلاف حولها بين قوى التغيير والجبهة الثورية، ما قبل مفاوضات جوبا، والآن جاء دور مبادرة أساتذة جامعة الخرطوم لتنضم إلى حلبة المنادين بتعديل الوثيقة، عبر مبادرة لم يتم الإفصاح عن تفاصيلها بعد، بيد أن عنوانها العريض معالجة ما أسمته بالتشوهات الدستورية.

طرحت مبادرة أساتذة جامعة الخرطوم مشروعاً وطنياً، يستهدف ما أسمته معالجة تشوهات الوثيقة الدستورية، ونقلت الزميلة (الصيحة) عن عضو المبادرة ممدوح محمد الحسن أن الهدف من المشروع وضع رؤية للخروج من الأزمات الحالية، وإنجاح الفترة الانتقالية بإذابة الخلافات التي طرأت على مكونات الحكومة. فالمبادرة تسعى لإعداد مسودة مشروع وطني، يتم التأمين عليه من جميع الأطراف المتنافرة وهي الحرية والتغيير، لجان المقاومة، والمجلس السيادي بشقيه المدني والعسكري، فضلاً عن عدم التنسيق بين المجلسين السيادي والوزارء .
نائب مسؤول الإعلام بالمؤتمر السوداني نور الدين صلاح، وصف كلمة تشوهات بالحادة بعض الشيء. وأشار في حديثه لـ(الإنتباهة)، أن الوثيقة الدستورية بها بعض النواقص التي تحتاج لإكمال، وهي متعلقة بأن الوثيقة ناقشت عموميات، تحتاج للمزيد من التفاصيل. ولفت الى قصور في تحديد صلاحيات كل من المجلس السيادي ومجلس الوزراء والفصل فيما بينهما. وثمة حاجة للتفصيل في ما يتعلق بملف السلام، وذكر بالملحق الخاص بالسلام الذي أضيف للوثيقة، على خلفية التفاهمات التي تمت بين قوى الحرية والتغيير والحركات المسلحة في أديس أبابا .
ونوه الى المستجدات المتعلقة بعملية السلام من خلال مجريات التفاوض الحالية بجوبا. وفيما يختص بما اذا كان المؤتمر السوداني قد بلور رؤية لمعالجة النواقص المشار إليها.، وأوضح نور الدين، كانت هناك مبادرات كثيرة لفتح الوثيقة الدستورية، وقد تم إرجاؤها الى حين توقيع اتفاق السلام، باعتبار أن اتفاقية السلام ستحوي الكثير من البنود التي ستضاف للوثيقة، لذلك فقد رجح أن يتم إرجاء تعديل الوثيقة الدستورية إلى حين إكمال مفاوضات السلام، ليتم التعديل على الوثيقة مرة واحدة. وقال إن مبادرات تعديل الوثيقة جاءت من أحزاب قوى الحرية والتغيير، بالإضافة الى قانونيين، لديهم ملاحظات على مستوى الصياغة القانونية. وفي ما يتعلق بمبادرة أساتذة جامعة الخرطوم ذات الصلة بالوثيقة، قال إن المبادرة لم تناقش مع قوى الحرية والتغيير، ولكن الأخيرة على علم بالمبادرة المطروحة من أساتذة جامعة الخرطوم، والذين لديهم أيضاً رؤية في الجانب الاقتصادي من قبل خبراء اقتصاديين. وقال نور الدين إنه يمكن اصطحاب لرؤية مبادرة الخرطوم حول معالجة القصور بالوثيقة الدستورية لدى تعديل الوثيقة عندما يتم توقيع اتفاقية السلام، ولفت الى وجود تواصل بين قوى الحرية والتغيير ولجنة جامعة الخرطوم في العديد من القضايا.
يذكر أن مبادرة أساتذة جامعة الخرطوم التي كان ميلادها في الأسبوع الثالث من يناير 2019، من الكيانات الموقعة على ميثاق قوى الحرية والتغيير . وقد هاتفت (الإنتباهة) عدداً من القائمين على مشروع معالجة الوثيقة الدستورية، بيد أن مشاغل آنية حالت بينهم وبين التعاطي مع الصحيفة حول تفاصيل المشروع .
المحلل السياسي الفاتح محجوب، قال إن مراجعة الوثيقة الدستورية تتوقف على وجهة النظر السياسية لبعض المجموعات بقوى الحرية والتغيير التي تفتكر أنه من الأفضل أن يتم نزع معظم صلاحيات المكون العسكري، بينما يرى المكون العسكري نفسه أن المجلس السيادي الذي يضم خمسة من عضويته أن سلطته تشريفية، وأن السلطات الحقيقية بيد مجلس الوزراء. وأضاف في حديثه لـ(الإنتباهة)، أن تلك المجموعات بقوى الحرية والتغيير تدعو بأن يكون للمكون المدني كافة صلاحيات الحكومة المنتخبة، وهذا غير صحيح من ناحية قانونية ودستورية، فالحكومة الانتقالية صلاحياتها محدودة، وذلك بخلاف صلاحيات الحكومة المنتخبة. ووصف التغيير الذي حدث بالبلاد في الحادي عشر من أبريل الماضي بأنه عمل مشترك ما بين المكون العسكري والمدني، والاثنين كونا حكومة تقاسم سلطات على نحو ما، وهذا الوضع لا يصلح فيه القول بحكومة مدنية تمتلك كل الصلاحيات.
وفي ما يتعلق بتعديل الوثيقة، ذهب محجوب الى أنه وبموجب الوثيقة يحق للطرفين تعديلها عبر اجتماع مشترك لمجلسي السيادة والوزراء، وبموافقة المكون العسكري، كما يحق للمجلسين تشريع القوانين المطلوبة لتكملة الوثيقة كما يشاؤون. وذكر أن علاقة قوى الحرية والتغيير بالوثيقة الدستورية انتهت بالتوقيع على الوثيقة الدستورية، التي بناءً عليها تم تشكيل مجلسي السيادة والوزراء وبقية مكونات الحكومة .
يذكر أن الإعداد للثيقة الدستورية شهد جدلاً كبيراً بين المجلس العسكري الحاكم آنذاك، وقوى الحرية والتغيير، كما وصفت بأنها مهدت لنظام حكم رئاسي وليس برلماني كما كان القصد المأمول منها. كما ثار جدل بعد التوقيع عليها بوجود وثيقتين، إحداها معلنة، وأخرى مخفية. كما دعت الجبهة الثورية لاحقاً لإدراج اتفاقها الذي توصلت إليه مع قوى التغيير في أديس أبابا كاملاً، الشيء الذي لم يحدث وفقاً للثورية، بينما تم ذلك وفقاً لقوى التغيير. ومؤخراً ولدى إعلان رئيس الوزراء عبد الله حمدوك تعيين ثلاثة وزراء دولة مؤخراً لعدد من الوزارات (للخارجية والعمل والتنمية الاجتماعية، والنقل والبني التحتية)، احتج تجمع المهنيين ووصف ذلك بالمخالف للوثيقة الدستورية.

The post الوثيقة الدستورية.. هل حان وقت الجرح والتعديل؟؟ appeared first on الانتباهة أون لاين.

Exit mobile version