اخبار السودان اليوم

المجتمع القائد (نهر النيل) أنموذجاً

د. حسن محمد صالح
نظرية المجتمع القائد واحدة من النظريات التي راجت على حساب القبضة الأمنية والتحكم السياسي والتدخل الرسمي والحكومي في كل كبيرة وصغيرة من غير ان تترك الحكومة وأجهزتها وعسسها للمواطنين مجالا لتقديم المبادرات والتصدي لقضاياه الأساسية مثل التعليم والصحة وحفر مياه الشرب وتشييد المساجد وبناء الزوايا للمسافرين وإخراج الصدقات وصرفها في أوجه الخير المتعددة. ونشأت هذه النظرية انطلاقا من كون المجتمع سابقا للدولة والحكومة. ولاية نهر النيل خرجت عن بكرة أبيها في يوم الاحد١٥ فبراير ٢٠٢٠م للمطالبة بعودة اللواء عبد المحمود والي الولاية الذي تقدم باستقالته التي تحدثنا عنها في المرة السابقة وقد خرجت كافة محليات الولاية ومدنها وقراها كي تثني الوالي عن الاستقالة ولم يكن ذلك الاحتشاد بتوجيه من حزب او كيان سياسي كما يحدث في مواكب الزحف الأخضر أو لجان المقاومة او الحرية والتغيير حيث يتم وضع الميزانيات وتصرف الأموال على المواكب، ولكن نهر النيل تحركت من تلقاء نفسها ومن غير تنظيم حكومي او سياسي او حتى إعلامي تمت المسيرة الاجتماعية التي قوامها الإدارة الأهلية والطرق الصوفية والشباب والطلاب والمرأة وخرجت بنظام محكم في ظل تجاهل تام من قبل الإعلام الرسمي والحكومي الذي عتم على المسيرة في حين ان القائمين على أمر هذه الوسائل الإعلامية الرسمية(اذاعة وتلفزيون) ظلوا يقيمون الدنيا ولا يقعدونها اذا لم يقم التلفزيون على أيام المجلس العسكري الانتقالي بنقل التظاهرات التي يطلقونها لتشكيل الحكومة المدنية وغيرها ولكنهم اليوم يتجاهلون صفوف الخبز والبنزين وزيادة الأسعار. خرج الناس في نهر النيل ليعلنوا تأييدهم للواء عبد المحمود ليس لانه عسكري كما يعتقد البعض ولكن لأن الرجل له مشروعات تنموية في الولاية لابد من إتمامها لمصلحة لمواطنين كما جاء في المذكرة التي قام مواطنو نهر النيل برفعها لرئيس مجلس السيادة القومي. وخرجوا لأنهم يرفضون الوصاية عليهم من من أطلقوا على أنفسهم اسم لجان المقاومة والذين بدلا من القيام بدورهم في الرقابة الشعبية وتوفير الخدمات للمواطنين أصبحوا يتدخلون في العمل الحكومي ويطالبون بعزل الولاة العسكريين ويطالبون في ذات الوقت بتعيين ولاة مدنيين من الأحزاب المشاركة في الحرية والتغيير ومن الحركات المسلحة التي دخلت في المحاصصة من بوابة السلام في جوبا على طريقة زولي وزولك دون النظر لمصالح الناس وأمنهم ومعاشهم. وفي ظل هذا الفراغ فان المجتمع سوف يتقدم ويمارس حقه في السلطة والثروة وسوف تجد الحكومة الانتقالية نفسها في مواجهة مع الجماهير بدلا من الدولة العميقة التي ذابت وتلاشت ولم تعد الشماعة التي تعلق عليها قحت فشلها وصار المجتمع القائد هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة ونهر النيل أنموذجاً.

The post المجتمع القائد (نهر النيل) أنموذجاً appeared first on الانتباهة أون لاين.

Exit mobile version