د. منصوريوسف العجب
تعتمد الحرية الاقتصادية التي تتعارض مع الاحتكار على شريطة أن تلعب الدولة دور المنظم والمراقب للحياة الاقتصادية لتحقيق مبدأين: مبدأ الفاعلية والكفاءة، الثاني يستهدف ترشيد الموارد وتعبئتها على أسس عادلة لراحة المواطن.
* سمات الاقتصاد السوداني وأسباب الأزمة:
– الازدواجية الاقتصادية (قطاعان تقليدي وحديث، جنباً إلى جنب) لكن يهمنا القطاع الحديث على القطاع التقليدي بصورة مدمرة مما أفقده أساس اقتصادها المعيشي .
– مما حد من حجم السوق المحلي وتراكم رأس المال وتطوير العمالة الماهرة.
– الدولة الناهبة (predatory state) والذي يرمز لتراجع الدولة عن مسؤوليتها التاريخية في تقديم الدعم والخدمات الاجتماعية للقطاعات الفقيرة في الوقت الذي تفرض عليهم الضرائب الباهظة التي أنهكت كاهلهم، من هذا المنطلق تصبح الدولة وهمية في نظر هذه المجموعات مما يشجع النعرات الإثنية والانفصالية، من الأمثلة لذلك انهيار مشروع الجزيرة ومشروع جبل مكرة وغرب السافنا بدارفور.
– ضعف وتدهور القطاعات الإنتاجية وغياب الترابطات الأمامية والخلفية بينهما.
– سلبيات سياسة الاقتصاد الحر وعدم قدرتها على تحريك الاقتصاد ورفع العملية الإنتاجية إلى الأمام مما ينعكس على التوازن الداخلي والخارجي
أدى هذا الضعف إلى العجز في التوازن الداخلي (الميزانية) والخارجي (الميزان التجاري والمدفوعات) كدليل واضح على فشل هذه السياسة التي مفترض فيها رفع الإنتاجية مما ينعكس إيجاباً على التوازانات.
– استشراء الفساد مما ضرب الفائضين الاقتصاديين الحقيقي والكامن.
– عدم تكامل قطاع الخدمات مع القطاعات الإنتاجية، مما نتج عنها اقتصاداً استهلاكياً
– ضعف وتدهور أهم ناقل وهي السكة الحديد.
– غلاء المعيشة الطاحن الذي يقع أثره على القطاعات الفقيرة.
– عدم العدالة في التوزيع .
– ضعف الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم على الرغم من بعض الجهود المبذولة.
– نزوح غير معهود من الريف إلى المدن مما أدى لترييفها.
– التهميش الاقتصادي والذي يعني غياباً وانعداماً للمساواة، وعادة ما يشير إلى عدم الوصول إلى الموارد الأساسية أو عدم توفرها، يمكن تحديد نوعين من التهميش وعادة ما يقصد بالمهمشين الذين يحرمون من السلع المادية الاجتماعية والثقافية أو من الهياكل الأساسية التي تسمح لهم بالمشاركة الحقيقية في السلطة وتلبي الاحتياجات الأساسية الضرورية لحياة ذات معنى لهم، ثم من الممكن أيضاً أن نميز بين التهميش الذي يحدث عندما يحرم الناس من الوصول إلى وسائل الإنتاج، والتهميش الذي يحدث كنتاج لعدم توزيع السلع الأساسية بينهم، أن سبب النوع الأول من التهميش يكمن في حيز الإنتاج في الوقت الذي يكمن فيه النوع الثاني في حيز التوزيع، إن التفاوت الناتج عن ذلك في التعليم والصحة والتوظيف والدخل وفي الوصول إلى الموارد والخدمات والتمثيل السياسي والمرتيط بالتهميش، يعمل على إدامة عجز المحرومين، لذلك نقول: لتكون حياة المواطن ذات معنى وقيمة لابد من حصولها على السلع التي تلبي احتياجاته الأساسية، ولا معنى للحق في الحياة إن لم تتوفر سبلاً للحياة الكريمة.
– الانتشار الخطير للنشاطات الاقتصادية الطفيلية حيث أصبح الدولار سلعة.
– الاستهلاك التفاخري والتظاهري والبذخي غير المسبوق.
– اتساع رقعة الحرب حول الموارد المادية والبشرية لجبهات القتال وتدمير ونهب العناصر المهمة لإنتاج الغذاء وتخزينه، نهب الغذاء وتضييق الرقع الزراعية للألغام …الخ.
– تدني حاد للدخول.
– معدلات عالية للعطالة.
– التدني الحاد في الخدمات العامة.
– إنكماش العون الخارجي (الحصار الاقتصادي).
– التفاوتات الإقليمية.
– ضعف وعدم كفاءة الإدارة لارتفاع تكلفة الإنتاج.
– القصور في القوى العاملة الماهرة المطلوبة.
– التشوهات الهيكلية في العملية التسويقية بالمنتج وتاجر التجزئة، وفاقم زيادة الغلاء.
– غياب سياسات الأسعار الملائمة وتدهر شروط التجارة الخارجية وتشوهات النظام المصرفي والضرائب الباهظة.
– ضعف المؤسسات لتطوير التكنولوجيا الملائمة والأبحاث.
– تهميش الرعاة وصغار المنتجين وحصرهم في أراض هامشية ذات خصوبة متدنية .
– ضعف البنيات التحتية .
– ارتفاع تكلفة الإنتاج مما أضر كثيراً بالمزارعين.
* رؤى مستقبلية:
أولاً: ضرورة وضع معالجة السلبيات في الاقتصاد الحر من خلال نظام الحكم السليم، بإعادة تقييم هذه السياسة بهدف تخفيف آثارها السلبية على الفقراء، صحيح أن هنالك كما يقول البروفيسور جوزيف استقلتز: هناك علاقة مكملة بين دور الحكومة والسوق، ويفترض أن يعملا في شراكة، فعلى الرغم من أهمية السوق في الاقتصاد إلا أن هنالك دوراً مهماً كان محدوداً للحكومة لتلعبه في غياب المساواة مثلاً، والعطالة وتلوث البيئة، كلها مسائل لابد أن تلعب فيها الحكومات دوراً مهماً لتصحيح فشل السوق في ذلك.
عليه نرى لابد من مفهوم جديد لدور الحكومة أو الدولة في الاقتصاد، وذلك بأن تلعب الحكومة دور الرقيب على نفسها وعلى القطاع الخاص، وأن تشجع دور القطاع الخاص وتكامله مع نشاطاتها، وأن تعمل الدولة على توفير الخدمات الاجتماعية والاحتياجات الأساسية للمواطنين وتوفير البني التحتية للاقتصاد بالشراكة مع القطاع الخاص مع ضرورة تبني ميثاق سلوك للمستثمرين يحترم حقوق النقابات والسلامة وحماية البيئة مع الاهتمام بالاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية لمواطن مناطق الاستثمار والمسؤولية الاجتماعية للشركات.
ثانياً: اهتمام الدولة وتركيزها على القطاعات الإنتاجية وترابطها مع بعض مع ربط قطاع الخدمات مع القطاعات المنتجة.
ثالثاً: إصلاح وتطوير القطاع التقليدي، وضبط الممارسات الضارة للزراعة الآلية.
رابعاً: التوسع بصورة أفقية ورأسية بين السلع النقدية والغذائية، مع ضرورة تطوير النظم الزراعية ورفع القدرات وتوطين المدخلات الزراعية كالأسمدة والمبيدات والآلات الزراعية مع زراعة التقاوى المحسنة وإنتاج الأعلاف.
خامساً: الاهتمام بصحة الحيوان والمراعي والثروة السمكية.
سادساً: تصنيع المنتجات الزراعية والحيوانية مع الاستفادة من المخلفات الزراعية مما يوسع من الطاقة الاستيعابية للقطاع الصناعي ليستوعب الهجرة للمدن ويحسن من القيمة المضافة .
سابعاً: تهيئة البيئة المناسبة لتطوير الطاقات المعطلة للزراعة والثروة الحيوانية والسمكية مع إزالة التشوهات في العملية التسويقية.
ثامناً : الاهتمام بالقطاع النباتي والغابات للحفاظ على التوازن البيئي وتجنب التصحر.
تاسعاً: حسم موضوع الأراضي والحيازات بتبني خرائط استثمارية.
عاشراً: ضرورة تكامل القطاعين الزراعي والصناعي.
أحد عشر: الاهتمام برأس المال الفكري والتدريب الفني والتقني.
الثاني عشر: أهمية تبني سياسة ضرائبية سليمة.
الثالث عشر: ضرورة معالجة الدين الخارجي بالعمل على إلغاء الدين الخارجي ومبادلة الدين فيتم بذلك التنمية المحلية.
الرابع عشر: إصلاح الخدمة المدنية ومحاربة الفساد، لأنه يضر بتعبئة الفائض الاقتصادي الحقيقي والكامل، مع محاربة الاستهلاك التفاخري وغير الضروري واستيراد السلع البذخية.
الخامس عشر: التعامل بحذر مع العولمة.
السادس عشر: تبني إستراتيجية الاحتياجات الأساسية.
السابع عشرتبني التخطيط الأقليمي كفناء اقتصادي متكامل والتنمية الريفية المتكاملة.
الثامن عشر: التركيز على ذوي الدخول الدنيا التوجيه الاستثمار بدلاً عن المكافآت ويقترح البروفيسور (cherery) ضرورة الاهتمام بالفقراء من خلال معدلات نمو مستهدفة، وتولي وزناً أعلى لنمو دخل دخل المجموعات الأكثر فقراً وتحدد المجموعات المستهدفة في كل من الريف والمدن، وتعيد توجيه الاستثمار العامل رفع الطاقة الإنتاجية والدخل لهذه المجموعات. هنالك إمكانية مهولة لرفع دخل المجموعات ذات الدخول الدنيا من خلال سياسة تحويل الاستثمار الذي يحقق تحسينات ضخمة في أنماط تركيز الأصول مع الزمن، فاذا كان الدخل في المجموعات الصغيرة مقيداً بفقدان رأس مال المادي والإنساني وللوصول للبنية التحتية فأن إعادة توزيع الموارد المقدرة بـ (2%) من الدخل القومي الاجمالي لفترة 25 عام، ليست بصغيرة وتكون ذات جدوى.
التاسع عشر:
الاهتمام بصناعة النفط والتعدين مع التعامل بحذر مع الشركات في هذا المجال .
العشرون: وضع خططاً للأمن الغذائي تهدف لتمكين واستحقاق الفلاحين.
وخلاصة ذلك:
كل ذلك يتطلب احترام ثلاثة مبادئ مهمة وهي: المشاركة – ولم الشمل-والالتزام.
The post فشل حكم الإنقاذ اقتصادياً بالتجربة العملية.. ورؤى مستقبلية appeared first on الانتباهة أون لاين.