اخبار السودان لحظة بلحظة

ازدياد جرائم القتل.. دم المسؤولية يتـفــــرق

تحقيق: صديث رمضان
(زمان بنسمع بجرائم القتل بعد فترة طويلة وبتكون دائما في محلات بيع الخمور البلدية)، ويمضي الرجل الخمسيني الذي كان يجلس أمامي في مركبة عامة أقلتنا من شرق النيل الى وسط الخرطوم في حديثه عن جرائم القتل، وينوه الى أنها ازدادت كثيرا خلال الفترة الأخيرة ،وأبدى تعجبه من ذلك ، ما جهر به الرجل الخمسيني الذي يدعى الفاضل جاء من واقع قراءته لحظتها لصحيفة اجتماعية كان يحملها في يده أوردت على صدر صفحتها نبأ مقتل طالب بجامعة المشرق ببحري ، وهذه الجريمة وغيرها أوضحت تنامي درجة العنف في المجتمع السوداني الذي لم يألف الكثير من جرائم القتل البشعة التي حدثت في الفترة الأخيرة.
جثة النيل
دعونا نستدل بعدد من نماذج جرائم القتل البشعة التي شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة ومنها حادثة أثارت التعجب وهي تلك التي كان مسرحها الضفة الشرقية للنيل الأزرق وتحديدا بالقرب من كوبري المنشية حيث تم العثور على جثة شاب مقتولا، وحسب التحقيقات التي قادتها الشرطة فإن مواطناً أخطر شرطة منطقة (حلة كوكو) بعثوره على جثة الشاب“أ.ع”، ملقاة قرب الكوبري، فكفلت فريقاً أجرى تدابيره الجنائية حيال الحادثة، وكشفت التحقيقات الأولية لمسرح الجريمة عن أن الشاب تعرض لفعل جنائي، وأوضح تقرير الطبيب الشرعي عن تعرض الشاب إلى الاعتداء بآلة حادة، عليه كثفت الشرطة تحرياتها ونجحت في القبض على المتهم في وقت وجيز وأخضعته للتحقيق فأقر بارتكابه جريمة القتل، لتدون الشرطة ضده بلاغاً بالقتل العمد، تمهيداً لتقديمه للمحاكمة.
أبشع جريمة
وفي ذات شهر يناير من هذا العام فان مدينة ام درمان استيقظت على وقع نبأ مؤلم وذلك حينما عثرت الشرطة على جثة شاب مقطعة الأوصال وكان الأمر غريبا ومحيرا لبشاعة تنفيذ الجريمة التي حدثت بشكل غير مألوف في السودان وكانت المفاجأة الأكثر بشاعة ان القاتل شقيق المقتول، حيث تمكنت قوة مشتركة من مباحث ولاية الخرطوم وشرطة محلية امبدة من القبض على متهم قام بقتل شقيقة وتقطيع جثته بسبب خلاف حول ميراث، وألقت الشرطة القبض على المتهم بعد ساعة واحدة فقط من اكتشاف الجريمة التي أقر بارتكابها.
تقطيع وتغليف
أما أكثر الجرائم التي أثارت حيرة الرأي العام تلك التي كشفت عنها شرطة ولاية الخرطوم التي لابد من الإشادة بها لتمكنها من فك طلاسم الكثير من جرائم القتل الغامضة التي حدثت في الفترة الماضية ، وتفاصيل الجريمة الغريبة التي نجحت في رفع ستار أسرارها تتمثل في ان طالبا جامعيا وسائقا في سفارة أجنبية قتلا اثنتين من الفتيات ، وهذا ما كشفه مدير شرطة ولاية الخرطوم الفريق خالد بن الوليد، الذي يوضح تلقي الشرطة بلاغا من مواطن يوم11/1/2020 يفيد بالعثور على جثة امرأة داخل كيس أسود في مكب للنفايات بالقرب من عمود كهرباء بين المسجد والمدرسة بمنطقة امتداد ناصر، وفور تلقي البلاغ تحركت الشرطة بأعلى مستوياتها وفرق المباحث ومسرح الحادث والكلاب البوليسية حيث وجدت جثة الفتاة الأولى بدون رأس وأطراف، تم توزيع فرق المباحث بقيادة العقيد مصطفى مكاوي لكشف أبعاد الجريمة وقادتهم الكلاب الشرطية لموقع معين بحي الرياض حيث تم التعاون والتنسيق مع أجهزة المخابرات، وأضاف ابن الوليد أن الوسائل التقنية ساعدت في الوصول إلى الجناة، وبعد فحص الحمض النووي للقتيلة ، وبتتبع بلاغات المفقودين كانت اسرة تقيم بمدينة الأبيض ولاية شمال كردفان سجلت بلاغا لدى الشرطة بفقدان ابنتها “العاملة”والبالغة من العمر (31) عاما ،وبأخذ عينة من الأم تطابق فحص الحمض النووي لها مع القتيلة ، وبعد ذلك تمكنت الشرطة من العثور على قاتلي الفتاتين اللذين سجلا اعترافات تفصيلية بارتكاب جريمة قتل الفتاة مقطوعة الأوصال.
مصرع إمام مسجد
ومن الجرائم التي شهدها شهر يناير كان مسرحها جنوب الخرطوم ذهب ضحيتها إمام مسجد وخفير، حيث تلقت الشرطة جنوب الخرطوم بلاغاً بالحادثتين إثر العثور على المجني عليهما مقتولين ضرباً بآلة صلبة مما تسبب في تهشيم الرأس بالكامل، ودون بلاغان بالوفاة في ظروف غامضة وأحيلت الجثتان للمشرحة وباشرت الشرطة تحرياتها للقبض على الجاني، وأشارت بيانات اتهام إلى شاب اشتهر بـ “ابو صبة” وردت معلومات توضح بأن شاباً معتاد إجرام يحمل صبة أسمنتية سبق وأن أصاب بها عدة أشخاص ضرباً بالرأس، وتمكنت مباحث شرطة جبل الأولياء من إلقاء القبض على منظومة إجرامية تسمى “الصبة” مكونة من أربعة متهمين ترتكب جرائم مشابهة للحادثتين وسجلت اعترافاً قضائياً ودون في مواجهتهم بلاغات بأقسام شرطة جنوب الخرطوم.
الموت ذبحاً
في امبدة فإن المدينة الواقعة غرب العاصمة الخرطوم ‏فجعت بجريمة قتل بشعة راحت ضحيتها امرأة في العقد الرابع من العمر، حيث لقيت مصرعها ذبحاً داخل منزل زوجها المتهم، وذلك على خلفية نقاش كان قد دار بين الرجل وزوجته القتيلة حيث استمر النقاش بين الطرفين بحسب آخر لحظة، إلى وقت متأخر من الليل وتطور النقاش بينهما فسدد الزوج طعنة لزوجته والتي حاولت الاستنجاد بالجيران، إلا أن الزوج قام بتكميم فمها وذبحها كالشاة من الوريد إلى الوريد، وقد تفاجأت ابنة المجني عليها بالدماء متجمدة أمام غرفة والدتها، فاستعانت بالجيران الذين تدافعوا لتقديم يد العون وعثروا على الزوجة جثة هامدة ومذبوحة من الوريد إلى الوريد، وتم إبلاغ الشرطة والتي خفت إلى مسرح الحادث وقامت باتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة تجاه الجريمة، وألقت القبض على المتهم.
تهشيم الرأس
أما في موقف شندي القديم الذي يقع بمحلية بحري فقد شهد جريمة بشعة لقي فيها شاب حتفه وتعود الوقائع الى أن نقاشاً دار بين المجني عليه والمتهم الذي يعمل في موقف شندي القديم وتطور إلى عراك، وأثنائه تمكن المتهم من رجمه بحجر على رأسه ما أسقطه دون حراك وعندها لاذ المتهم بالهرب، وبإبلاغ الشرطة اتخذت الإجراءات الفنية اللازمة وبعد تحريز مسرح الحادث وتصويره أحالت الشرطة الجثة للمشرحة بأمر تشريح صادر من النيابة لمعرفة أسباب الوفاة بعد تدوين بلاغ تحت طائلة المادة (130) من القانون الجنائي.
طلق ناري بكردفان
وفي حاضرة شمال كردفان مدينة الأبيض التي شهدت في الفترة الأخيرة الكثير من الجرائم الغريبة، فان المواطن عبد الرحمن أبو حواء توفي إثر إصابته بطلق ناري من قبل مجهول. وأصيب المواطن ماهل عمر وتعرض لنهب دراجته البخارية، وكشفت لجان مقاومة الأبيض عن انتشار حوادث النهب والسرقة بالأحياء والطرقات ووصفتها بالمريبة، وحملت الأجهزة النظامية مسؤولية تلك الأحداث لغيابها شبه التام عن دورها في حفظ الأمن وتوفير الحماية للمواطنين، ووصفت تعامل الأجهزة النظامية مع الأحداث بغير المسؤول وطالبت بتكوين لجنة للتحقيق في قضية الشهيد أبو حواء والمصاب ماهر.
أسباب متعددة
ماهي أسباب تفشي جرائم القتل في الفترة الأخيرة؟ طرحت هذا السؤال على إحدى المجموعات بتطبيق الواتساب التي تضم عددا من الباحثين الاجتماعيين والخبراء النفسيين والناشطين ، كل الذين أدلوا بإفاداتهم اكدوا على أن الجرائم البشعة التي حدثت اخيرا من قتل وتقطيع للجثث لا تشبه الأخلاق السودانية ،واتفقوا كذلك على أنه غير مألوفة وان أساليبها تعد دخيلة خاصة تلك الحادثة التي راحت على إثرها فتاتان،يقول الباحث النفسي أحمد ان الإنسان بطبعه يميل الى الهدوء وعدم إقحام نفسه في مشاكل تعرضه لمساءلات قانونية، كما ان الإنسان السوي يعمد الى حل مشاكله دون اللجوء الى العنف ،بيد أن أحمد يعتقد بأن جرائم القتل الأخيرة تحمل أساليبها بين ثناياها مؤشرات توضح أن الذين ارتكبوها إما أنهم يعانون مشاكل نفسية أو أنهم لم يكونوا في كامل وعيهم ، ويقول إن القتل المفاجئ يختلف عن الذي يأتي بتدبير وتعمد ، معتقدا بان الجرائم الأخيرة توضح تنامي المشاكل النفسية في المجتمع وتفشي روح الجريمة ،غير ان إيناس وهي خبيرة علم اجتماع تمشي في طريق مختلف من احمد وترى بان المجتمع السوداني غشيته الكثير من الظواهر السالبة التي تبدو غريبة وأبرزها الجنوح نحو العنف الذي تعتقد انه وليد لظروف اجتماعية واقتصادية ونفسية مضطربة وغير مستقرة ، وقالت إن الجريمة ستمضي في ازدياد إذا لم ينتبه المجتمع اليها ويعمل على معالجتها ،معتبرة التفلت بات من سمات العاصمة والولايات وان هذا الأمر دوافعه السرقة التي بدورها تقود أحيانا إلى القتل .
حقائق ووقائع
رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الشرطة للحيلولة دون وقوع الجريمة خاصة جرائم القتل، وجهدها الكبير لعدم تدوين بلاغ ضد مجهول إلا انها تمضي في ازدياد وهذا يعني ان المسئولية تضامنية بين المجتمع والجهات الشرطية لبحث جذور أسباب وقوع جرائم بشعة وغير مألوفة والعمل على إزالتها.

The post ازدياد جرائم القتل.. دم المسؤولية يتـفــــرق appeared first on الانتباهة أون لاين.

اترك رد