اخبار السودان اليوم

قتلناها (نقداً)

(1)
هناك قسوة واضحة في ممارسة النقد على الحكومة الانتقالية – ربما لا شيء اضر بالحكومات الديمقراطية والثورية غير (الانتقاد الدائم) الذي يشيع (الاحباط)، ويجعل ابواب العودة مفتوحة للانظمة الشمولية.
اطول فترة حكومة ديمقراطية لم تتجاوز خمس سنوات – في الوقت الذي يمكن ان يضرب فيه هذا العدد في (6) في الحكومات الشمولية.
الحكومات (العسكرية) اكتسبت استمراريتها من انها كانت غير قابلة للنقد.
الآن في ظل الحريات المتاحة ، ومع ارتفاع سقف الطموحات اصبح انتقاد الحكومة من مسلمات العمل اليومي في السودان – اذ لا يستقيم لك شيء ان لم تسبقه بانتقاد حكومة حمدوك.
اكبر دليل على تفشي (الانتقاد) بعد (الانقاذ) – ان الفريق اول محمد حمدان دقلو (حميدتي) عندما كان قائداً لقوات الدعم السريع في النظام البائد كان غير متاح للانتقاد – وكانت الصحف لا تقبل الاشارة لحميدتي انتقاداً – الآن بعد ان اصبح حميدتي نائباً لرئيس مجلس السيادة اصبح عرضة للانتقادات والهجوم حتى ان الرجل شكا من حدة الانتقادات التى توجه له.
ومكونات قوى اعلان الحرية والتغيير في نفسها تتبادل (الذخيرة الحية) فيما بينها انتقادات تصل حد اشانة السمعة والتخوين.
كل هذه الانتقادات اورثت او خلفت حالة من (الاحباط) – مكّن انصار النظام البائد من السخرية من ثورة ديسمبر المجيدة وحكومتها.
(2)
لا نريد من الاعلام ان يتخلى عن مسؤوليته في الانتقاد والتصويب – لكن نتمنى ان يكون ذلك الانتقاد مجرّداً من المصالح الشخصية – فالكثير من الانتقادات التى تظهر في الساحة الاعلامية الآن يقف خلفها اشخاص يعتقدون انهم احق بالمناصب الرفيعة والمراكز العليا التى يشغلها اخرون من كوادر قوى اعلان الحرية والتغيير.
يبدو ان الانتقادات التى تقدم من قيادات الحرية والتغيير غير المشاركين في الحكومة يحركها هوى النفس.
السيد الصادق المهدي كثير الانتقادات لحكومة حمدوك – واعتقد ان موقف الصادق المهدي ونظرته للمنصب الذي يشغله حمدوك وكان الصادق يشغله في حكومات ديمقراطية سابقة يجعل انتقادات الصادق المهدي غير دقيقة وغير امينة.
كذلك هناك قيادات اخرى مثل عمر الدقير والاصم وغيرهم من القيادات التى كان لها دور كبير في ثورة ديسمبر المجيدة، فشل القيادات الحالية في الحكومة الانتقالية يدفع بها كبدلاء لهم ويعيدهم للمقدمة من جديد. لهذا نقول ان (الانتقادات) التى توجه لحكومة حمدوك تصدر من اصحاب مصلحة – لهذا يجب ان لا نرتهن لها. هذا لا ينفي قصور الحكومة الانتقالية في كثير من المرافق وفشلها في كثير من الجوانب ولا يمنع عن انتقادها بحب او برؤية حكمية تجنبنا الانزلاق الى الفوضى او تشعرنا بالاحباط. في وقت ليس لنا فيه غير التفاؤل والامال والطموحات الكبيرة بثورة ديسمبر المجيدة. العامل النفسي هو الذي يمكن ان يخرجنا من تلك الهوة. لا تكسروا عزيمتكم باحباطكم لانفسكم – اعداء الثورة الحقيقيون لا الدولة العميقة ولا انصار النظام البائد فهؤلاء لم تعد لهم قوة ولا تأثير – وانما اعداء الثورة الحقيقيون هم من ينحرون فيها من الداخل.
من يتحدثون باسمها ويشوّهون صورتها في نفس الوقت.
(3)
الانتقادات التى يوجهها السيد الصادق المهدي لحكومة حمدوك لم يكن يوجهها الامام حتى لحكومة الانقاذ.
الحزب الشيوعي السوداني ايضاً غارق في مثل هذه الانتقادات – وهو الذي كان يكتفي طوال الثلاثين سنة الماضية بحراكه ونضاله في باطن الارض. لماذا الآن الجهر بكل ذلك السوء عن حكومة حمدوك؟.
فشل الحكومة الانتقالية هو فشل لنا كلنا– وبديل الحكومة الانتقالية سوف يكون اسوأ من حكومة البشير في اخر ايامها.
(4)
بغم /
ألا تكفي الدروس التى قدمها لنا الشهداء – في ان نفتح صدورنا للمعاناة دون ان نخفض رؤوسنا – او يعرف الاحباط طريقاً الى قلوبنا. لا تقتلوا الحكومة الانتقالية (نقداً).
ما خرجنا به من الثورة يمدنا لالف سنة ضوئية بالصبر والجلد والفرح بهذا الشعب العظيم. العودة للوضع الصحيح يمر بطريق الاشواك. اقل ما يمكن ان تقدموه للثورة ان تقبلوا المعاناة بشيء من الصبر والحب. لا خيار امامنا غير التماسك.

The post قتلناها (نقداً) appeared first on الانتباهة أون لاين.

Exit mobile version