اخبار السودان اليوم

بوبار البنزين

سهير عبد الرحيم
يوم أمس الأول وأنا عائدة في طريقي الى المنزل، شاهدت احدى محطات الوقود بها صف متواضع من السيارات، انفرجت اساريري وقلت الحمد لله ان الازمة انتهت.
لم اقف في الصف لأن سيارتي كانت ممتلئة بالوقود، ولكني أردت أن أعرف السر الخفي في الصف القصير، وسألت عامل المحطة، هل انتهت أزمة البنزين فأجابني: لا لم تنته، ولكن هنا يُباع البنزين التجاري.
(أهاااا) قلتها له، أعدت النظر مرة اخرى الى السيارات الواقفة، فوجدتها من نوعية السيارات الفارهة الفخمة ذوات الدفع الرباعي، ومعها عدد لا بأس به من سيارات (ناس قريعتي راحت).
الشاهد في الأمر أن الجميع اتجه وبلا استثناء للبنزين التجاري وعامل السعر لم يكن مهماً، فالمؤكد أن الزمن الكثير المهدر في الصفوف يضيع الكثير من العمل ويضعف الانتاجية، وهنالك من يحرص على عمله بشدة أو انه يتكسب اضعافاً مضاعفه ولا يبالي ابداً بارتفاع السعر.. المهم فقط الوفرة.
بمعنى أن السعر المرتفع للوقود لا يشكل هاجساً لأولئك الذين اصطفوا لتعبئة خزانات سياراتهم، ما يهمهم هو الحفاظ على الزمن وعدم اهداره في وقفة حتى وإن كانت تلك الوقفة الارخص سعراً.
ولأننا في السودان نعشق (الجخ والبوبار)، فربما نشاهد غداً اغاني حماسة على شاكلة:
بعبي عربيتو بالتجاري يا بلالي
وفي الصفوف ما بزازي بلالي
وبكب من البنزين الغالي يا بلالي
وربما استفادت الحكومة من البوبار بالبنزين التجاري، وتدريجياً وحبة حبة الى أن يحل السعر التجاري مكان السعر المدعوم، وبذلك تكون الحكومة قد رفعت الدعم عن الوقود بدعم وتأييد من أصحاب المركبات.
إن ما قامت به الحكومة من فتح نفاج اسمه البنزين التجاري إنما هو اسم الدلع لـ (رفع الدعم) ولكن هذه المرة بمباركة شعبية.
المشكلة أن هذه الحلول العقيمة والمكرورة لا يحدونا اي أمل في أن نرى اثرها على حياتنا، بل هي سلسلة من رفع الدعم لن تبدأ بالوقود ولن تنتهي بالخبز.
العقول العقيمة تدور في فلك الحلول العقيمة، والحكومات العاجزة تبني سياساتها الاقتصادية من جيب المواطن وليس من خزانة الدولة.
خارج السور:
إبراهيم البدوي أنت أقل قامةً من حكومة الأزمات، وأقل كثيراً كثيراً من قيمة هذه الثورة.

The post بوبار البنزين appeared first on الانتباهة أون لاين.

Exit mobile version