اخبار السودان اليوم

«الجنائية» والسودان.. الخيارات المتاحة

تقرير: ندى محمد احمد
تظل قضية تسليم مطلوبي الجنائية الدولية والمتهمين من قيادات النظام السابق، محل شد وجذب كبير، بين قوى الحرية والتغيير خاصة الجبهة الثورية، ومابين المكون العسكري، ومكونات اجتماعية أخرى مع وضد، وأول أمس قدم وزير الإعلام عدة خيارات للتعامل مع مطلوبي الجنائية، فما هو الخيار الأقرب أمام الحكومة ولماذا؟
نقلت «رويترز» عن وزير الإعلام فيصل محمد صالح، أول أمس قوله بأن أحد الاحتمالات هو أن تأتي المحكمة الجنائية الدولية إلى السودان، ومن ثم يمثل المطلوبون أمامها في الخرطوم، أو أن تكون هناك ربما محكمة مختلطة أو ربما يجري نقلهم إلى لاهاي .
وأضاف أن الحكومة ستبحث هذه الخيارات مع المحكمة الجنائية الدولية.
يذكر أن قضية تسليم مطلوبي الجنائية الدولية وعلى رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير ، ووزير دفاعه الأسبق عبد الرحيم محمد حسين، ووالي شمال كردفان الأسبق أحمد محمد هارون، بالإضافة إلى علي كوشيب، برزت مؤخراً كإحدى عقبات التفاوض بين الحكومة والجبهة الثورية في جوبا، في حين تصر الحركات المسلحة بالثورية على تسليم مطلوبي الجنائية للمحكمة الدولية، وكان موقف الوفد الحكومي أن هذه القضية من المسائل التي لا تفصل فيها الحكومة التنتقالية، مثلها مثل طرح العلمانية التي تنادي بها الحركة الشعبية جناح عبدالعزيز الحلو.
وفي الحادي عشر من فبراير الجاري صرّح عضو مجلس السيادة السوداني وعضو وفد المفاوضات الحكومي، محمد حسن التعايشي، أنهم اتفقوا مع الثورية على تسليم المطلوبين من المحكمة الجنائية الدولية لمواجهة العدالة في لاهاي، ولم يذكر التعايشي متى سيتم تسليم البشير والآخرين للجنائية الدولية..
يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت في أعوام 2008 و2009 و2010 أوامر اعتقال بحق البشير وعبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع الأسبق وأحمد محمد هارون أحد مساعدي البشير ووزير الدولة بالداخلية الأسبق، وعلي كوشيب، بتهم ارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب..
وفي المقابل ظلت حكومة البشير ترفض التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية التي أحال لها مجلس الأمن الدولي ملف دارفور، بعد إجراء بعثة أممية تحقيقاً حول مزاعم جرائم في الإقليم.
من جهته وصف رئيس الجبهة الثورية ما حدث بالاختراق الكبير والانتصار للثورة والثوار، وقال لموقع (الراكوبة) إن هذا الاختراق يفيد ان المفاوضات قائمة بشكل أساسي على نهج تحقيق العدالة .
وفي اول تعليق له بعد تصريحات وفد الحكومة في جوبا عن الجنائية، أكد رئيس مجلس السيادة الفريق اول عبدالفتاح البرهان في حوار مع (الشرق الاوسط) أن “مثول المطلوبين من النظام السابق أمام المحكمة الجنائية الدولية، لا يعني تسليمهم ليحاكموا في لاهاي”، متابعاً إن «مسألة إخراج شكل المحاكمة ومكانها أمر قابل للمراجعة والتباحث بشأنه بين الأجهزة المعنية في الحكومة وشركائها.
كما لفت كينيث روث مدير «هيومن رايتس ووتش» وفقاً لـ(رويترز ) عقب عقد اجتماعات مع الفريق البرهان «لم نكن على ثقة بشأن الكيفية التي ستسير بها الأمور في الاجتماع مع الجنرال لكنه أكد تماماً ما سمعناه من مسؤولين حكوميين آخرين، واضاف تعهد بالتعاون الكامل.
تجدر الاشارة الى المحكمة الجنائية الدولية لا تتدخل إلا إذا كانت الدول غير مستعدة أو غير قادرة على محاكمة المتهمين بنفسها .
المحلل السياسي محمد التجاني ذهب الى ان اهم ما في قضية مطلوبي الجنائية الدولية، هي ان الخطوة الاولى بالموافقة على المحاكمة امام الجنائية الدولية قد تمت، واوضح في حديثه لـ( الإنتباهة) ان اقرب خيار تتعامل معه الحكومة من الخيارات التي طرحها وزير الاعلام هو
خيار المحكمة المختلطة، وهذا يتطلب من الحكومة المصادقة على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية، ومن ثم تنشئ المحكمة المختلطة بالتعاون مع المحكمة الجنائية .
وفسّر ترجيح الهجين إلى انه يحقق غاية الحركات المسلحة، بمثول المطلوبين امام الجنائية ، كما يحقق للحكومة مسألة تماسك الجبهة الداخلية، باعتبار ان لديها قضاة وطنيون مشاركون في المحكمة، وبالتالي فان الهجين تحقق رضا كل الاطراف، في الحركات المسلحة والحكومة، والمتضررين من الصراع في دارفور .
ولمعرفة كيفية المصادقة على ميثاق الجنائية الدولية هاتفت (الانتباهة) استاذ القانون الدولي دكتور عثمان عبدالوهاب عثمان، الذي اوضح ان الحكومة سحبت توقيعها من ميثاق الجنائية ابان مذكرة التوقيف التي صدرت بحق قيادات البلاد، ذلك ان الخرطوم كانت قد وقعت على الميثاق ولم تصادق عليه، واشار الى ان المصادقة على الاتفاقيات الدولية تتم عندما لا تكون الاتفاقية قد دخلت حيز النفاذ، ولما كانت الجنائية الدولية قد دخلت حيز النفاذ بالفعل، فان الإجراء الذي ينبغي إتباعه حالياً هو الانضمام . وفصّل عثمان خطوات الانضمام كالاتي :
ترسل وزارة الخارجية المعنية بالشأن الخارجي إلى وزارة العدل لتدرس خيار الانضمام، ويتم ذلك عبر إدارة الاتفاقيات بالوزارة، ومن ثم ترفع الإدارة مذكرة بقرارها لوزير العدل مرفقة معه اداة التصديق، والشهادة الدالة على الصياغة بالانضمام، فيوقع وزير العدل بدوره على المذكرة وأداة الصياغة، ومن ثم يرفع ذلك لوزارة الخارجية، التي تستعرضها بدورها امام مجلس الوزراء، وفي حال تمت إجازتها من قبل مجلس الوزراء، تعاد مرة اخرى لوزارة العدل، حيث يتم تعديل الادوات، ومن ثم ترسل إلى مجلس السيادة، لتتم إجازتها عبر مجلسي السيادة والوزراء، ويلي ذلك نشر قرار الإجازة في الجريدة الرسمية (الغازيتا ) بوزارة العدل، وهذه الخطوة تفيد ان السودان اكمل خطواته الداخلية للانضمام للجنائية . وفيما يتعلق بالخطوات الخارجية للانضمام قال عثمان تعمل وزارة الخارجية على ارسال مرسوم الإجازة الى مكتب الوديع بالامم المتحدة، وتالياً ترفع الامم المتحدة الامر الى موقعها الرسمي، بان السودان قدم إيداعه بتاريخ كذا، وانضم بتاريخ كذا لاتفاقية الجنائة الدولية .

The post «الجنائية» والسودان.. الخيارات المتاحة appeared first on الانتباهة أون لاين.

Exit mobile version