اخبار السودان لحظة بلحظة

أما في هذا.. فلاعذر ياحمدوك!!

أحمد يوسف التاي
لستُ مُنزعجاً من هواجس ما يسمى بالدولة العميقة، ولا أوهام الثورة المضادة، لسبب بسيط جداً، لأننا كنّا على يقين أن المؤتمر الوطني حزب صنعته (الظروف) واُستُولد من رحم النظام ورضع من ثديه، وكنا نُدرك حد اليقين أنه متى ما سقط نظام الإنقاذ سيسقط معه هذا الحزب المصنوع مثله مثل الحزب النازي في ألمانيا، والاتحاد الاشتراكي في السودان، والبعث العربي في العراق…الخ.
لكن الذي يثير الشفقة والمخاوف على ثورتنا، هو ابتعاد «قوى التغيير» عن أهداف وشعارات الثورة، واستسهال السير على طريق النظام المخلوع وقع الحافر بالحافر. فذالكم هو السلاح الذي سيهزم الثورة ويحقق أهداف الفئات المناوئة دون أن تطلق سهماً واحداً من كنانتها.
سيتفق معي كل الناس على أن هدف الثورة الأول هو التغيير، وإذا لم يتحقق التغيير، فهذا يعني أننا خسرنا أعظم ثورة، وأهدرنا أكبر فرصة للتغيير..التغيير الذي يؤسس لأرضية صلبة تُقام عليها دولة الحقوق والقانون والمؤسسات والحكم الرشيد..التغيير من دولة القهر والاستبداد إلى دولة تحترم الحريات وتعلي شأنها، وتغيير الظلم بالعدل، الحرب بالسلام، والفساد بالشفافية، والطغيان السياسي بالديمقراطية الحرة، وهشاشة الساحة السياسية وتناسل أحزابها إلى ضبطها وفاعليتها، وأخيراً تغيير الوضع الاقتصادي المأزوم بآخر يسوده الرخاء والاستقرار.
وبناءً على النقطة أعلاه، فإن المواطن يريد أن يرى أن هناك تغييراً قد حدث، يريد أن يعيش واقع التغيير ويشعر به فعلاً ليستيقن أن دماء شهدائه لم تذهب هدراً، وأن التضحيات الكبيرة كانت ثمناً لأمر يستحق..
المواطن السوداني بوعيه يدرك تماماً أن هناك تغييراً معقداً يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين، وبالتالي لايمكن إحداثه ضربة لازب. فلابد من وقت كافٍ لإنجازه مثل الوضع الاقتصادي المُعقّد، لكن بالمقابل هناك تغيير لايحتاج إلى وقت و(قومة نفس) و(درس عصر). والأمثلة لذلك كثيرة، فمثلاً: تغيير الممارسات الفاسدة لمسؤولي النظام المخلوع لاتحتاج لمؤتمرات ووِرَش عمل وسمنارات، لذلك لن نجد مبرراً للصفقة الفاسدة لوزير المالية وشركة الفاخر، وهذه ممارسة (كيزانية)، ولن نجد تبريراً لتسلط لجان المقاومة وممارسة سلطات خارج نطاق الدولة والقانون، وهذه ممارسة (كيزانية)، ولم نجد أي تبرير لمحاولة وزير العدل تسييس القضاء والتي فضحتها رئيسة القضاء نفسها، وهذه ممارسة (كيزانية)، وكذا محاولات حميدتي لاستقطاب الإدارات الأهلية في بداية الثورة، والطريقة الأحادية التي انتهجها البرهان في لقاء نتنياهو، ومنهج تغييب الآخرين الذي مضى فيه حمدوك وهو يطالب الأمم المتحدة بوضع السودان تحت الوصاية الدولية، وهكذا يمكن أن نشير إلى عدد من النماذج والممارسات التي جاءت الثورة لتغييرها، وهي ممارسات لايحتاج تغييرها إلى إمكانيات مالية، وقد نصبر على الغلاء، ولكن هذه ممارسات لن نبررها لأحد ولن نستطيع عليها صبراً..اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

The post أما في هذا.. فلاعذر ياحمدوك!! appeared first on الانتباهة أون لاين.

اترك رد