اخبار السودان اليوم

(الانتباهة) داخل (مدينة الأموات) !

ووهان: د. محمد حسن

تمكنت (الإنتباهة) بواسطة المحاضر الجامعي الدكتور محمد حسن محمد الباحث في الشؤون الصينية الذي انضم اخيراً الى مركز الدراسات السودانية في جامعة (يانجو) الواقعة في مقاطعة (جيانسو) الصينية، تمكن من اجراء عدة مقابلات مع السودانيين من افراد الجالية والطلاب الذين يدرسون في الجامعات الصينية المختلفة في مدينة (ووهان) في مقاطعة (خوبي)، وهي المدينة التى انتشر فيها الفايروس الشهير (كورونا)، ويقطن مدينة (ووهان) حوالى (11) مليون نسمة، كما تحتضن اكثر من (80) مؤسسة اكاديمية عليا من جامعة الى معهد ومراكز بحوث متخصصة، وقد يصل تعداد الطلاب الاجانب فيها الى ما يقارب (20) الفاً من جميع الجنسيات الدولية.. المحاضر الجامعي محمد حسن الاستاذ بجامعة الخرطوم الذي مازال موجوداً في الصين في رحلة بحثية، اكد التزامه بنقل تفاصيل ما يجري في الصين حول سلامة السودانيين من خلال اتصاله مع سفارة السودان في بكين والسلطات الصينية كمهمة انسانية تجاه ابناء البلاد العالقين هناك بشكل دوري عبر (الإنتباهة): –

مدينة (ووهان)
في منتصف يناير الماضي كانت كل الاسر تستعد للاحتفال والتجهيزات لرأس السنة الصينية الجديدة، مثلما يستعد جموع السودانيين لقدوم العيد كل عام، حيث تزدحم الاسواق والاقبال على الشراء استعداداً للعيد، لكن قبل أن تكتمل فرحة الصينيين بالعيد تم الاعلان عن تفشي فايروس (كورونا) من مقاطعة خوبي بمدينة ووهان، وهي تقع في الجنوب أقرب الى وسط الصين.. مدينة ذات تاريخ عريق مرت بها كثير من الاحداث التاريخية خلال مسيرة الصين الطويلة، ويقطنها ما يزيد عن (11) مليون مواطن، وبها اكثر من (80) مؤسسة اكاديمية عليا من جامعة ومعهد دراسات ومراكز بحوث متخصصة، وقد يصل تعداد الطلاب الاجانب بها الى ما يقارب (20) الفاً من كل الجنسيات، وبها خطوط لمترو الانفاق والقطارات السريعة، وهي حلقة وصل بين مدن الجنوب ومدن الشمال، وشهدت نهضة عمرانية سريعة وقوية، وشوارعها نظيفة ومرتبة، وبها الكثير من الحدائق العامة وامكان الترفيه والساحات العامة، ونمت اقتصادياً فصارت مركزاً تجارياً مرموقاً.
السودانيون بخير
مدينة (ووهان) بها عدد كبير من السودانيين والاخوة الافارقة والعرب، لكن بحمد الله حتى كتابة هذا السطور لم يصب اي منهم بشيء، بعد ان تم حظر المدينة بسبب المرض الذي ظهر فى مطلع يناير، لكن حتى الآن نطمئن جميع الاهل بالسودان الى ان ابناءهم في الصين عموماً وبشكل خاص في (ووهان) بخير.. نعم هنالك وضع حرج لكن المصلحة الفردية والمصلحة العامة تقتضي ذلك، فإن البقاء في سكن الطلاب اكثر امناً من الخروج، فهنالك تعلميات وتوجيهات من الدوائر الرسمية بالتزام البيوت وعدم الحركة الا للضرورة القصوى وعدم التنقل بين المدن .
احتواء الفايروس
رغم المحنة الا ان الشعب الصيني امتثل لهذه الارشادات، مما يؤكد مقدرة الصين الكبيرة على احتواء الفايروس مقارنة مع حدوث ذلك في اي مكان آخر، فاعراض المرض السعال والصداع والحمى والقشعريرة، وتم استنفار كامل واستعداد لكل الكوادر الطبية بالبلاد وكل المؤسسات الطبية، ومن مكاني الآن في الصين استطيع القول ان الوضع تحت السيطرة، رغم انها محنة ومحنة كبيرة، لكن الصين حكومةً وشعباً قادرة من خلال ارثها وثقافتها وامكاناتها الهائلة على تجاوز هذه المحنة باقل الاضرار، واثناء كتابتي لهذا المقال قمت بالاتصال بالاستاذ في جامعة الجزيرة قناوي محمد احمد طالب الدكتوراة الذي يوجد الآن بمدينة (ووهان) هو وزوجته واطفاله، وقد طمأنوني بأنهم بخير ويلتزمون في بيتهم الذي يسكنون فيه وهو عبارة (شقة) ضمن الحي الصيني القريب من الجامعة وغيره من السودانيين.
تدابير الصين
الحكومة الصينية بلا شك قادرة على تجاوز هذه المحنة، فقد اتخذت العديد من التدابير الوقائية وساعدتها في ذلك خبرة طويلة في مكافحة الاوبئة من قبل الاختصاصيين الصينيين، خاصة مع تجربة انتشار السارس عام 2013م قبل عقد من الزمان، وثقافة الشعب الصيني، توفر الامكانات، استخدام التقنيات، القرارات السليمة، التقارير الصحيحة، المتابعة الدائمة والاهتمام الاعلامي العالمي، حيث تم اغلاق كل المعابر أرضاً وجواً الى المدينة، ومنع الدخول والخروج الا وفق الاجراءات الصحية المتبعة، وتم وقف جميع الرحلات والسفريات من والى المدينة… وتم بناء مستشفى ضخم لاستيعاب المصابين، وعلى مستوى الطلاب الاجانب تم تعليق الدراسة المباشرة في جميع انحاء الصين، والاستعاضة عنها بالدراسة عن بعد عبر الانترنت، وقد انتظمت بفضل التكنولوجيا والامكانات المتوفرة، وتم الابقاء على الطلاب في مساكنهم وتقييد حركتهم منعاً للاصابة بالمرض، وتم الزام جميع الطلاب وجميع سكان الصين بلبس الكمامات الواقية، واتباع الارشادات الوقائية، وتجنب الازدحام واماكن التسوق، وفرض بصورة إجبارية على المواطنين عند دخول المتاجر قياس درجة الحرارة، وتم توفير أجهزة للكشف عن المرض بتحديد درجة حرارة الجسم، حتى على مستوى الداخليات والبوابات السكنية ــ يحمد للجهات المختصة الصينية هذا التدبير ــ وتم انزال تطبيق على شبكة الانترنت للمتابعات الصحية شمل جميع انحاء الصين، كما ان هنالك تطبيقاً آخر يخبرك بوجود اصابة شخص في المحيط الذي حولك، ونستطيع ان نقول ان الصين تمكنت من احتواء المرض والحيلولة دون انتشاره ومازالت الجهود مبذولة في القضاء عليه، وذلك بشهادة المنظمات والجهات الرسمية العالمية المختصة .
ووهان المنكوبة
هذه المدينة الرائعة الجميلة تحولت الى كابوس يهرب منه كل الناس، واعتقد انني على ثقة بأنها سوف تعود أفضل مما كانت، وتوجد فيها رابطة للطلاب السودانيين التى تضم ما يزيد عن (150) طالب (ماجستير ودكتوراة) بعضهم مبتعثون من جهات حكومية وبعضهم منح حكومية، ويعيشون ظروفاً بالغة الصعوبة خاصة بعد أن قامت الكثير من الدول بإجلاء مواطنيها من الطلاب خاصة على المستوى العربي، وقامت معظم الدول بإرسال طائرة، آخرها الوفد المصري الذي قام بترحيل جميع الطلاب المصريين من المدينة .
ورابطة الطلاب بالتنسيق مع سفارة الصين في بكين قاموا بالترتيبات الضرورية والتنسيق مع الجهات الحكومية الصينية لإجلاء السودانيين، ومن خلال الاتصال بالسفارة أفاد مصدر رفيع المستوى بقيامهم باتصالات مكثفة مع الجانب الصيني لإجلاء الطلاب السودانيين من مدينة ووهان، وقد أبدى الجانب الصيني تعاوناً كبيراً، والعمل يجري على إعداد وإخراج الأمر وفق الضوابط الطبية والصحية التي تضمن سلامة خروج ووصول جميع الطلاب السودانيين (الراغبين) في العودة الى ذويهم، وتتبع هذه الترتيبات إجراءات مماثلة في السودان، كما أكد المسؤول بالسفارة سلامة جميع السودانيين بجمهورية الصين وعدم اصابة أي طالب او مواطن سوداني، نافياً الشائعات التي تناقلتها تطبيقات التواصل الاجتماعي (واتساب وفيسبوك وغيرها) عن وجود اصابات لسودانيين بالصين، كما اشاد بدور الجانب الصيني وتعاونه، وشدد المسؤول على المتابعة المستمرة لبقية الطلاب السودانيين المنتشرين في الجامعات الصينية بالمحافظات المختلفة، وفي ختام حديثه اشار الى ان الشعب الصيني وحكومته قادران على تجاوز هذه المحنة، وانه حتى تاريخ الإثنين (17) فبراير لم يتلقَ الطلاب السودانيون بمدينة ووهان أي تأكيد عن زمن وصول الطائرة التي سوف تقلهم الى السودان، لكن حتى وصولها فإننا سوف نجري بشكل يومي مقابلات معهم ننشرها تباعاً عبر (الإنتباهة).

The post (الانتباهة) داخل (مدينة الأموات) ! appeared first on الانتباهة أون لاين.

Exit mobile version