تقرير: ندى محمد احمد
«مجلس الوزراء طلب بقاء الولاة العسكريين». خمس كلمات فقط، أنهى بها رئيس مجلس السيادة، الفريق عبدالفتاح البرهان، الجدل الكثيف الذي صاحب وجود الولاة العسكريين، من قبل قوى الحرية والتغيير، الذين لم تنقطع مطالبهم بتعيين ولاة مدنيين، بل وإعداد قوائم الولاة المدنيين، تمهيداً لإعلانهم، كما أن أذرعهم بالولايات والمتمثلة في لجان المقاومة ما انفكت تُسيّر المظاهرات للمطالبة بإقالة الولاة العسكريين. فهل شرع مجلس الوزراء في تجاوز قوى التغيير كتحالف حاكم، والتعاطي مع مجلس السيادة مباشرة ؟
في حواره مع صحيفة (الشرق الأوسط) قال رئيس مجلس السيادة، الفريق عبدالفتاح البرهان، إن الولاة العسكريين باقون في مناصبهم، بطلب من الجهاز التنفيذي، لكننا أبلغنا الولاة العسكريين بالعودة إلى قيادتهم العسكرية إذا تصاعدت المطالب بإقالتهم .
كثرة الطرق على ضرورة تغيير الولاة العسكريين واستبدالهم بولاة مدنيين من قبل قوى الحرية والتغيير في الخرطوم والولايات، دفعت المجلس السيادي في سبتمبر الفائت لاتخاذ قرار بسحب جميع الولاة «العسكريين» من جميع الولايات، إلا أنه تم إرجاء الإعلان عن ذلك مؤقتًا، نظراً لوجود رئيس الوزراء عبد الله حمدوك خارج البلاد، حيث يشارك في الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وقد نقلت الزميلة «التيار»، آنذاك أن المجلس السيادي ناقش قضية الولاة بشكل تفصيلي، واتخذ قراراً بسحب جميع «العسكريين» منهم، وأشارت إلى أنه سيتم سحب الولاة العسكريين حتى من الولايات ذات الخصوصية الأمنية وإفساح المجال لقيادات مدنية، وكان المجلس السيادي آنذاك قد عقد اجتماعه الدوري في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، في محاولة لاحتواء اضطرابات شهدتها المدينة بعد احتجاجات طلابية ضد نقص الخبز، بالتزامن مع بداية العام الدراسي في الولاية، وسط مطالبات طلابية بإقالة حاكم الولاية.
وفي سبمتبر الماضي أيضاً انتقد عضو المجلس السيادي الفريق شمس الدين كباشي، ما يتعرّض له الولاة العسكريون، مستبعداً إقالة والي جنوب دارفور على خلفية أحداث نيالا الأخيرة، وأضاف في حديثه للزميلة «الصيحة» إنهم طالبوا بضرورة سحب جميع الولاة العسكريين واستبدالهم بمدنيين، لأنّ جهدهم غير مُقدّر من قبل «قوى التغيير»، وأضاف: «نحن اللواء عندنا لواء لا يُذل ولا يُهان»، وتابع: «هؤلاء الولاة لم نقم بتعيينهم، لكن الظروف هي التي جعلتهم في هذا المنصب على اعتبار أنّهم قادة المناطق وما يفعل معهم لا يتناسب مع مكانتهم».
وكان الولاة العسكريون المكلفون من قبل المجلس العسكري سابقاً، طالبوا في سبمتبر الماضي بإنهاء تكليفهم، وذلك في اجتماعهم مع وزير الحكم الاتحادي يوسف آدم الضي في الخرطوم، وقالوا إنه آن أوان اختيار حكام مدنيين للولايات بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، وأضافوا أن فترة تكليفهم التي استطالت ألقت بظلالها السالبة على قواعدهم العسكرية، ونادوا وزارة الحكم الاتحادي ورئاسة مجلس الوزراء والمجلس السيادي باستصدار قرار الإعفاء بما يحفظ لهذه القيادات المكلفة رجوعها لقواعدها العسكرية.
يذكر أن اتفاقية حسن النوايا التي وقعتها الحكومة من خلال وفدها المفاوض في جوبا، مع الحركات المسلحة اشتملت على بند ينص بتأجيل تغيير حكام الولايات الى ما بعد توقيع اتفاق السلام . وفي المقابل دعت قوى الحرية والتغيير الى ضرورة تغيير الولاة العسكريين بولاة مدنيين مؤقتاً، وعندما يتم توقيع اتفاق السلام مع الحركات المسلحة، تتم اعادة تعيين الولاة مجدداً . الشيء الذي رفضته الجبهة الثورية تماماً، وفي نوفمبر الماضي
ذكر أسامة سعيد المتحدث الرسمي باسم «الجبهة»، أنّ رئيس الجبهة الهادي ادريس، بعث بخطاب للمستشار توت قلواك، رئيس لجنة الوساطة لمحادثات السلام مع الحكومة، أكد فيه تمسك «الجبهة الثورية» بإعلان جوبا الخاص بإجراءات بناء الثقة والتمهيد للتفاوض الموقع بين حكومة السودان و»الجبهة»، في الحادي عشر من سبتمبر الماضي، وخصوصاً ما ورد فيه بشأن إرجاء تكوين المجلس التشريعي وتعيين الولاة إلى حين الوصول إلى السلام.
وأكد البيان «رفض الجبهة الثورية القاطع لأي محاولة من طرف واحد لما اسماه خرق اتفاق إعلان جوبا مع تصريحات بعض قادة قوى الحرية والتغيير الداعية لتعيين الولاة وتكوين المجلس التشريعي بشكل منفرد.»
ولما توالت المظاهرات المطالبة بتنحي الوالي في ولاية نهر النيل، أعلن الوالي اللواء عبدالمحمود حماد حسين العجمي في مطلع الشهر الجاري، تنحيه عن منصبه وكلف الأمين العام للحكومة محمد الأمين بمهامه الدستورية. وجاء قرار التنحي عقب احتجاجات شعبية طالبت باقالته جراء الأزمات المتعلقة بالخبز والوقود والمواصلات، وفي التوقيت نفسه أعلن والي النيل الأبيض عن تنحيه من منصبه، وانهى عملية تسليم وتسلم للامين العام بولايته.
وللوقوف على رؤية قوى الحرية والتغيير تجاه مطالبة مجلس الوزراء بالابقاء على الولاة العسكريين في مواقعهم، اتصلت (الانتباهة) على مجموعة من قيادات قوى الحرية والتغيير، الا انهم اعتذروا عن التصريح لاسباب تترواح ما بين الانشغال اوعدم وقوفهم على تفاصيل حديث البرهان حول الولاة .
المحلل السياسي الفاتح محجوب استهل حديثه لـ(الانتباهة) بالاشارة الى اتفاق جوبا الذي تحدث عن تأجيل تعيين الولاة الى ما بعد توقيع اتفاق السلام، وبناءً على ذلك جاء قرار الابقاء على الولاة العسكريين في مواقعهم، واضاف هناك قوى اخرى – في اشارة الى قوى الحرية والتغيير – تريد استباق المفاوضات، لفرض ولاة ممثلين عنها، واشار الى ان اختيار ولاة مدنيين مؤقتين ومن ثم عزلهم لدى توقيع اتفاق السلام يسبب اشكالية، وبالاشارة الى مشاكل الولاة العسكرييين مع لجان المقاومة اوضح الفاتح ان المشاكل سوف تستمر، حتى ولم تم اختيار ولاة مدنيين، طالما هناك ازمة في الوقود والدقيق، فالبلاد الان في ازمة، وهذه مشكلة اكبر من الولاة انفسهم، وتساءل قائلاً هل يستطيع الوالي المدني توفير الدقيق او الوقود او كبح جماح التضخم؟ وعاد ليجيب بانها قضايا قومية يتم حلها على المستوى القومي .
The post الولاة العسكريون.. «اطلب العزل تُوهب الملك» appeared first on الانتباهة أون لاين.