اخبار السودان لحظة بلحظة

السودان: إسحاق أحمد فضل الله يكتب: الحوار مع معلم

(يوم مرسوم في التختة كديس
ويوم غنماية شاكلة التيس
هايج ومايج زي ابليس
ألعن شيء شغل التدريس
والماهية قروشاً.. قلال)
– الأستاذ/ المعلم/ الذي يشكو لنا من المهنة هذه..
– الأغنية أعلاه كانت هي أغنية المعلمين في الخمسينات
– أغنية عن المرتب البائس والمعلم البائس
– وفي الستينات تصدر (دكتور زيفاجو).. الرواية.. وفيها.. في روسيا الشحاذ.. واللص.. والمعلم.. هم طبقة واحدة.. حتى المحاكم تحمل النظرة ذاتها
– وأيامها.. وعن البؤس والمعلم.. الشاعر عمر أبوريشة يقول عن مهنته/ وكان معلماً/ وعن التلاميذ
(وبعثت فيهم سيبويه مجدداً
وصنعت من بعد الخليل خليلا
وصنعت ما لم تعرف الأيام يوماً
وصبرت صبراً في الدروس جميلا
لأرى حماراً بعد هذا كله
رفع المضاف إليه والمفعولا
– ثم يصرخ
يا من يريد الانتحار.. وجدته
إن المعلم لا يعيش طويلا)
– وفي المعلمين ذاتهم بؤس داخل البؤس
– فالمعلم الجديد حين يدخل المدرسة منقولاً ينظر التلاميذ إليه.. يفحصونه (وكانت هناك فتحة في مؤخرة بنطلونه)
– وأحد التلاميذ يقول
: هو معلم جغرافيا
قال الآخر.. لا.. بل معلم تاريخ
و..
وتلميذ يقول بهدوء
: بل هو معلم لغة عربية وعلامة ذلك الفتحة الظاهرة في آخره
– بؤس قديم؟! نعم.. ويتبدل؟؟
نعم.. يتبدل إلى الأسوأ الآن
– وفي عالمكم.. والمعلمين.. وفي كل شيء في السودان كله..
– وفي العالم العربي كله
-…………….
– ونتكاسل عن الجدال لأن التطور في الجدال هو شيء الآن مثل
– الناس يشتمون.. في الأربعينات أحدهم..
وكان قد اشتهر بما يسمى (الشذوذ) يشتمه أحد بهذا
– وصاحبنا يقول لمن يشتمه
اكتبها
– والآخر.. وعلى مائدة متسعة أمامهم يكتبها بالطباشير.. كبيرة
– وصاحبنا يخرج رزم المال من جيبه ويظل ينثرها ويغطي بها الكلمة تماماً
ثم قال: أتراها؟
قال الآخر : لا
قال صاحبنا: الحال كلها كده
– والسؤال الآن بين حالنا وحال صاحبنا يومئذ هو
أن حال صاحبك يغطى بالمال
: والآن.. لا مال .. ولا حال.. ولا..
– كما أن الفرق هذا أن صاحبك يومئذ يغطي.. ويشعر بالحاجة إلى الغطاء
– بينما الآن.. الشعور هو أنه لا حاجة للغطاء
– العكس صحيح.. الآن الشعور هو ضرورة كشف كل شيء.. فالخراب يستعرض عضلاته..
-……………….
– الكسب إذن كان هو كسب المعلم البائس وكسب هذيل مسكين
– والتطور يجعل الكسب هو كسب صاحبنا
– وحتى صاحبنا يبقى عنده الشعور الفطري بالغطاء.. فيغطي
– ثم تطور يلغي الشعور هذا
شعور غطاء القبح بالمال .. ثم تطور يجعل القبح المفلس يعلن إفلاسه هذا.. في شراسة
– ويلطم من لا يقبل هذا
-…………..
– ليس عندنا فقط.. بل ما نصفه هنا هو ما يجري الآن في العالم كله
– الفرق هو أن العالم ما زال بعضه يغطي ما يفعل
– غطاء يستخدم (الجمال)
– وغطاء يستخدم السلاح
– وغطاء يستخدم أسلوب تور الساقية
(قديماً كان الناس يضعون غطاءً فوق عين تور الساقية حتى يظل يدور ويدور)
– ومن الدوران و(الدوار) الذي يديرنا هو أننا.. ننتقد.. ونصرخ
– ننتقد…
– والنقد وكشف الأخطاء يعني أننا ما زلنا نظن أن الدولة تصنع الخراب لأنها تجهل الصواب
– وأنها متى ما عرفت الخطأ وبسبب النقد الذي نوجهه لها توقفت واستغفرت وصلت صلاة الأصالة
-والاعتقاد هذا يعني أننا / نحن/ بلا عقل
– فالدولة تعرف ما تفعل
– وبعض ما تعرفه الدولة التي تحكم الآن هو أنها تذهب بعد عام ونصف (الفترة الانتقالية)
– والدولة لا تريد أن تذهب
– لهذا الدولة تدعو جنود الأمم المتحدة.. لأن وجود الأمم يجعل العالم / الذي يحكم الخرطوم يومها/ هو ما يحدد إن كانت الأجواء صالحة لقيام انتخابات
– والأجواء هذه لن تصلح أبداً
– حكم إذن
– وخراب منظم إذن
– وخراب تحميه قوات الأمم المتحدة إذن
– وخراب يمنع عقولنا من أن تفهم هذا إذن
– وخراب يجعلنا/ حتى إن عرفنا/ عاجزين عن الإصلاح
– وخطوات تصمم بحيث إنك/ عند اليأس/ ترفع يدك لتضرب
– عندها.. من يطلق الرد هو جنود الأمم المتحدة..
– عندها مقاومة وطنية
– عندها حرب أهلية
– ونحن هنا نظل لخمس سنوات نحذر من سوريا في السودان
السيد المعلم
– خذ الطباشيرة وادخل الفصل
– فالمعلم مرحلته قبل السابقة هي أنه من الشحاذين واللصوص
– ومرحلته المقبلة هي
– اللهم لا حول ولا قوة إلا بالله

The post السودان: إسحاق أحمد فضل الله يكتب: الحوار مع معلم appeared first on الانتباهة أون لاين.

اترك رد