بقلم: احمد مجذوب البشير
أثارت الخطوة المفاجئة التي أقدم عليها الفريق عبد الفتاح البرهان بلقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أثارت موجه عارمة من ردود الأفعال الضاجة والصاخبة على الصعيدين الداخلي والخارجي..رفضاً او تأييداً للخطوة..وﻻ غرابة في ذلك..فالخطوة تعتبر تغييراً جذرياً وموقفاً حدياً بالغ التباين لمسار العﻻقات التاريخية للبلدين..وللحقيقه والتاريخ إن هذا التوجه..بدأ منذ فترة ليست بالقصير وسط غالبية نُخب النادي السياسي وطبقته المهيمنة العاجزة الحائرة، وإن كان الأمر ابتدأ يدور همساً وداخل الغرف المظلمة..حتى أعقبته بعض التصريحات المجاهرة في بعض الوسائط اﻻعﻻمية من هنا وهناك لشخصيات عرفت بإثارة الجدل والخروج عن المألوف..كأنبوب اختبار وجس نبض لمدى تقبل الناس لمثل هكذا خطوة وقابليتهم..ومن البداهة.. عند خروج غير المألوف من حالة السكون والكمون الى حالة الجهر والعلن في الهواء الطلق ومع كثرة الطرق والتداول..تعتاد الأذن على سماع ما لم يكن مطروقاً..والعين على ما لم يكن متاحاً..وتسقط بذا كل عوامل الرهبة والقداسة..الى أن يحدد الناس والمجتمع مواقفهم سلبياً ام إيجاباً من القضية المطروحة..ولكن وفق معرفة ودراية ﻻعاطفة مهتاجة..وعلى هذا النسق، فمن الجيد أن يخرج هذا الأمر للعلن حتى يعرف الكل موقعه من هذه القضية وموقع اقدامه منها..هل تقف على أرضية ثابتة وقوية ،ام أرضية هشة ومتحركة!!..
ودعونا نطرح بعض الأسئلة عن هذه القضية..قضية العﻻقة مع إسرائيل.. لعل اﻻجابة عليها توضح بعض من مﻻمح الموقف الواجب اتخاذه .ضداً اوتماهياً:
-السؤال الأول: هل قضيتنا مع إسرائيل هي قضية صراع من أجل أرض واحتﻻلها، ام انه صراع وجودي يمس الجغرافية والتاريخ والدين والثقافة واﻻجتماع؟.
– السؤال الثاني : هل وجود إسرائيل كدولة في المنطقة وجود طبيعي متسق مع محيطه الجغرافي..ويتواءم مع النسق الثقافي واﻻجتماعي السائد..ام انها كائن نشاز وجسم ورمي ﻻيمت لمحيطه بصلة وجد كشوكة في خاصرة المنطقة وبؤرة توتر مستدامة؟
السؤال الثالث: ماذا عن مشروع الهيمنة الإسرائيلي من النيل للفرات..هل هو مشروع حقيقي ام ظنون متوهمة؟
السؤال الرابع: هل من شواهد على سعي اسرائيل للهيمنة السياسية واﻻقتصادية على رقعة ضخمة من الجغرافيا تتجاوز جغرافيتها السياسية، ام ﻻتوجد مثل الشواهد؟
-السؤال الخامس هل صحيح أن مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي..يتجاوز الجغرافيا للتاريخ والعقائد أم أن ذلك ظن فاسد واعتقاد باطل ؟
-السؤال السادس- ما دور إسرائيل في تأجيج النزاعات والحروب واﻻضطرابات في بعض الدول..حتى تلك التي ﻻتﻻمس حدودي بينها(جنوب السودان ودارفور نموذجاً وليس حصراً)؟ هل لأن تلك الدول تناهض احتﻻلها لفلسطين فقط.؟! ام أن لﻻمر عﻻقة برؤية استراتيجية لمشروعها؟ كما كما ذكر (افي دختر) وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي في محاضرة عام 2008 عن نجاح خطتهم بشأن دارفور وأنها أحرزت نتائج إيجابية أكثر من المتوقع والمأمول.
-السؤال السابع: ماهي الفائدة المنظورة والباذخة التي حققتها الدول التي أقامت عﻻقات مع إسرائيل سواء دوﻻً عربية ام أفريقية ام آسيوية؟
-السؤال الثامن: اذا كنا نحن في السودان نريد التطبيع حتى نزال من قائمة الدول الراعية لﻻرهاب..وتنفتح لنا خزائن الدول الصديقة لإسرائيل كأمريكا والتي تخشاها كاﻻتحاد الأوروبي والصناديق الدولية التي تأتمر بإمرتهما..ومن بعد يتنزل علينا المن والسلوى وتنقشع ظلمة الوضع اﻻقتصادي الخانقة..فإذا كان هذا ظننا ومرامنا..فلننظر لصنيع هؤﻻء بوعدهم لطاقم نيفاشا. الغرير الساذج. الذي اشترى السمك في الماء.. فلم ننل من الوعود الكاذبة شروي نقير..وماذا فعلوا أيضاً مع دولتهم التي غرروا بها وشجعوها على الانفصال(جنوب السودان) ..ألم يتركوها نهباً للصراعات والنزاعات حتى أضحت دولة فاشلة..تفرض العقوبات عليها وعلى قادتها من نفس الجهات التي شجعتها على السير في طريق الجحيم..أﻻ تكفي هذه العبر؟
-السؤال التاسع: هل انسدت كل السبل لإصﻻح حالنا ولم يتبق سوى هذا السبيل؟ ام أن عجز عقلنا المخطط المأزوم هو الذي صور لنا هذه الرؤية الملتبسة..و أن طريق الخﻻص ذو اتجاه واحد ﻻبديل عنه؟هل من تجارب ملهمة استطاعت أن تكسر هذا الطوق..وتستقل بقرارها وأن تنهض بشعوبها دون مسايرة او تبعية أحد..؟
السؤال العاشر: ماذا لو أن المردود من هذه الخطوة كان غير المأمول ودون الطموح..وهو أمر وارد حسب الشواهد..ماهي خطط صانع القرار البديلة..وكيف يتسنى له مواجهة حالة الإحباط التي سوف تسري في نفوس الناس..بسبب خيبه الأمل وانسداد الأفق..ما السبيل لطوق النجاة المرتجى؟
السؤال الحادي عشر: بعد خطوة التطبيع هذه وتخلينا عن موقفنا التاريخي المساند للقضية الفلسطينية هل سوف تكف إسرائيل عنا ممارسة الكيد المؤذي والضرر المدمر؟ام أن رؤيتها الإستراتيجية العابرة لكل شيء والتي تقوم على أن مصلحة إسرائيل فوق كل اعتبار..هي التي تحكم العﻻقة بينها وبين أي مكون..سواء أكان شعباً ام حكومة ام فصيﻻً؟
السؤال الثاني عشر:هل ندري أن إسرائيل عندما تتحرك في كل الساحات،سياسية او اقتصادية.اوعﻻقات دولية..إنما تتحرك وفق منظورها المعرفي..ومخزونها القيمي..ودوافعها الحضارية..التي تجعلها تظن أنها فوق الجميع وعلى الجميع الخضوع والإذعان لهذه الرؤية..وأليس هم شعب الله المختار وأرضهم الواقعية اوالمتخيلة..الفعلية او المفترضة هي ارض الميعاد؟
-السؤال الثالث عشر: تلك هي امتهم وهذا هو شعبهم..وهذه هي رؤيتهم الكونية تطبق عملياً في الواقع وليست نظريات في بطون الكتب وأضابير المكتبات.. فماذا عننا نحن أمة الغفلة والمتاهة؟..هل كُتب علينا التيه كما كُتب على بني إسرائيل أتباع موسى عليه السﻻم؟ ام أن ثمة فسحة من أمل ورجاء حتى لو لم تكن في القريب المنظور؟ نعوذ بالله من خيبة الأمل والرجاء.احمد مجذوب البشير
The post أسئله بين يدي التطبيع appeared first on الانتباهة أون لاين.