تحقيق: صديق رمضان
لم تجد أسرة الشهيد محمد إسماعيل حمزة غير التسليم بقضاء الله وقدره بعد ان وصلها نبأ استشهاده بجانب زوجته الطبيبة حليمة أبكر زكريا وابنيهما حذيفة وحمزة في الطائرة العسكرية التي سقطت بعد إقلاعها من مطار الجنينة بخمس دقائق وهي في طريقها الى العاصمة الخرطوم، ولكن بعد مضي أكثر من شهر فان أسرة الشهيد محمد اسماعيل لا تزال تبحث عن تفسير وتوضيح يزيح الغموض الذي اكتنف ملف استشهاده وزوجته وابنيه، فالهواجس والظنون تتقاذف أفرادها الذين لا يعرفون على وجه الدقة هل كانت رواية وزير العدل صحيحة بأنه تنازل عن مقعده للشهيدين الطفلين حذيفة وحمزة ووالدتهما أم ان روايته غير سليمة، ويبحثون عن إجابات شافية عن هل تم إسقاط الطائرة عن عمد أم أنها سقطت لخطأ فني.
أربعة محركات
قبل التقصي في أسباب سقوط طائرة الجنينة لابد من الاشارة الى ان انتنوف 12 هي طائرة نقل بمحرك توربيني بأربعة محركات تم تصميمها في الاتحاد السوفيتي، وهي النسخة العسكرية من طراز أنتونوف إن-10 ولها العديد من النسخ والتصاميم ، وعلى مدار أكثر من ثلاثة عقود كانت طائرة أنتونوف إن-12 هي طائرة نقل البضائع والمظليين المتوسطة المدى للقوات الجوية السوفيتية، وتم بناء ما مجموعه 1248 طائرة من هذا الطراز، وتعتبر طائرة أنتونوف إن-12 هي النسخة العسكرية من طائرة نقل الركاب أنتونوف إن-10 ، وقد تم تصميمها بالاعتماد على تصميم طائرة أنتونوف إن-8، وحلقت لأول مرة في ديسمبر 1957 ودخلت الخدمة العسكرية السوفيتية في عام 1959 ، وفي البداية كان يتم تصنيع الطائرة في مصنع الطيران الحكومي في مدينة إيركوتسك في روسيا (5,000 كم شرق موسكو) ومنذ عام 1962، نُقل الإنتاج إلى مدينة طشقند حيث تم هناك بناء 830 طائرة ولاحقا انتقل الإنتاج إلى مدينتي فارونيش وقازان ، وتتميز طائرة أنتونوف إن-12 بسعة تصل إلى 100 من المظليين المجهزين بالكامل أو ما يقارب 20,000 كجم (44،090 رطل) من البضائع ، والتي يتم تحميلها من خلال باب التحميل الخلفي المنحدر ولها القدرة على الإقلاع من المدرجات القصيرة وتبلغ سرعتها حوالي 520 كم / ساعة أما من حيث الشكل والحجم والقدرة ، فإن طائرة أنتونوف إن-12 تشبه طائرة لوكهيد.
سقوط مفاجئ
رغم هذه المميزات للطائرة الروسية إلا انه في الثاني من شهر يناير واسرة الشهيد محمد اسماعيل تتفاءل بعام جديد كانت أحلامهم عند الساعة الخامسة في ذات اليوم مع موعد مع القدر الذي وضع حدا لها حينما سقطت الطائرة التي كانت تقلهم بجانب أربعة عشر من العسكريين والمدنيين من مدينة الجنينة الى الخرطوم ، حيث استشهد طاقمها المكون من سبعة أفراد (أربعة ضباط وثلاث رتب أخرى)، إضافة إلى ثلاثة قضاة وثمانية من المواطنين، بينهم أربعة أطفال، ليصل نبأ استشهادهم الى اسرتهم الكبيرة عقب صلاة المغرب وبعد ان انقضت أيام العزاء انتظرت الاسرة طوال شهر للحصول على إفادات قاطعة عن أسباب سقوط الطائرة خاصة وان ثمة أحاديث ظلت تدور في وسائط التواصل الاجتماعي تؤكد ان الطائرة تم إسقاطها عن عمد رغم نفي القوات لمسلحة التي تتبع لها الطائرة انتنوف 12 التي سقطت. هذه الأحاديث ، والاسرة وخلال الأيام الماضية ظلت تطرق أبواب وزارة العدل لتتأكد من رواية الوزارة التي أكدت ان الوزير نجا من الحادث لانه أخلى مقعده لسيدة وطفليها،غير
ان رواية تشير الى تلقي الوزير مكالمة دفعته الى الهبوط من الطائرة وعدم السفر على متنها.
بيان ولكن؟
في الثاني والثالث من شهر يناير فان الوسائط الإعلامية المختلفة أرجعت هبوط الوزير من الطائرة الى تلقيه مكالمة تفيد بوجود قنبلة في الطائرة وانه اختار عدم السفر على متنها وهذه الأحاديث وضعته في موقف محرج لجهة انه في نظر منتقديه لم يأمر بإيقاف الرحلة ، وفي الرابع من ذات الشهر فان وزارة العدل لم تجد غير إصدار بيان لتبرئة ساحة الوزير من الاتهامات الموجهة اليه، ووقالت وزارة العدل وقتها في بيان (تبين أن السيد وزير العدل كان قد قرر الرجوع إلى الخرطوم دون الوفد لأنه كان مسافرا إلى خارج السودان ليلة أمس؛ بعد صعوده إلى الطائرة وجلوسه وحرسه على مقعديهما دخلت امرأتان كانت تحمل كل منهما طفلاً وكان مع إحداهما زوجها (على ما يعتقد السيد الوزير)، والذي كان يحمل كذلك طفلا)، وتابع البيان(طلب أحد أفراد الطاقم من النساء الخروج من الجزء الذي كان يجلس فيه السيد الوزير والجلوس في الجزء المخصص للشحن من الطائرة، هنا قال له الوزير إنه لا يمكن لهما الجلوس مع طفليهما في ذلك الجزء من الطائرة، لكن أفراد الطاقم كانوا يصرون على ذلك بسبب محدودية المقاعد، وانه في تلك اللحظة قرر الوزير النزول من الطائرة والرجوع إلى المدينة وطلب من المرأتين الجلوس في مكانه ومكان حرسه الشخصي، ليغادر الوزير المطار إلى مقر الأمانة العامة لحكومة ولاية غرب دارفور، حيث كان نائب رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء وبقية الوفد يعقدون لقاءً مع مجموعة من
المجموعتين القبليتين المتصارعتين بمدينة الجنينة)، وختم البيان (بعد انتهاء الاجتماع مباشرة، علم السيد الوزير أن الطائرة التي كان ينوي السفر بها إلى الخرطوم قد سقطت لسوء الحظ، واستشهد كل من بداخلها، نسأل الله، مرة أخرى، أن يتغمد شهداء الطائرة برحمته الواسعة وأن يلهم آلهم وأصدقاءهم والوطن بأسره الصبر والسلوان).
شكوك وظنون
بيان وزارة العدل لم يأت مقنعا لاسرة الشهيد محمد إسماعيل حمزة التي ترى ان ما ذكرته الوزارة يتعلق بزوجة وطفلي الشهيد وانها وفي سبيل الاستيثاق من حقيقة المعلومات الكثيفة حول هذا الأمر حاولت الجلوس الى وزير العدل لتتعرف على الحقيقة كاملة وتضيف على لسان شقيق الشهيد سعد اسماعيل حمزة وشقيق الشهيدة سالم عز الدين إسماعيل وابن أخت الشهيد رضوان أبكر زكريا :ادعى وزير العدل انه تخلف عن الرحلة لإخلاء مقعده للشهيدة حليمة وابنيها بحسب البيان الذي أصدرته الوزارة في يناير عقب الحادث ،ولم يكن البيان مقنعا ولا حتى ادعاءات الوزير منطقية ، وقد دارت أحاديث كثيرة حول تلقيه مكالمة، وكنا ننتظر من الوزير عقد مؤتمر صحفي باعتباره آخر شخص قد قابل الشهداء وفاتهم حتى يوضح ملابسات الحادث ، كما ان الوزير وبما انه قال بحسب بيان وزارته ان ترك مقعده للشهيدة وطفليها لدواعي إنسانية كان عليه ان يسجل زيارة الى اسرة الشهيدة ويتقدم اليهم بتعازيه ولإزالة الغموض الذي اكتنف الحادث ولكنه لم يفعل ،وتلفت الأسرة الي ان وزارة الإعلام اكدت بانه سيتم تشكيل لجنة تحقيق ولكنهم حتى الآن لم يتلقوا ما يفيد بوجود لجنة تعمل من أجل تقصي الحقائق عن أسباب هبوط الطائرة، وطالبت الاسرة بإجراء تحقيق نزيه وشفاف حول سقوط الطائرة وتوضيح الملابسات كاملة، وتعتقد الاسرة انه وبحسب الظروف الغامضة ان الحادث غير طبيعي وبه شبهة جنائية وعمل مدبر من جهة غاشمة، واكدت الاسرة تمسكها بضرورة ان يعقد وزير العدل مؤتمرا صحفيا يوضح فيه الحقائق كاملة.
تفجير وغموض
أسرة الشهيد محمد إسماعيل حمزة تعتقد بان ثمة أشياء غامضة تحيط بملف سقوط طائرة الانتنوف 12 ، وترجح نظرية إسقاط الطائرة عبر عمل مدبر، كما أشارت الى عدم تكوين لجنة تحقيق لتقصي الحقائق حتى الآن،وهذا ماسألت عنه الناطق الرسمي للقوات المسلحة العميد ركن عامر محمد الحسن محمد الذي كشف في حديث لـ(الإنتباهة) ان تقصي الحقائق عن أسباب حوادث الطائرات يستغرق زمنا ليس بالقصير لجهة أنها من التحقيقات المعقدة لتقاطعها مع جوانب فنية وليس الاكتفاء بأخذ الأقوال فقط ، مبينا انه بعد تحليل الصندوق الأسود للطائرة يمكن الحصول على المعلومات التي قادت الى سقوط الطائرة ،عطفا على تسجيل زيارة ميدانيةلموقع الحادث ، مؤكدا أن اللجنة الفنية بدأت عملها وأن الوصول الى النتائج النهائية مسألة وقت ، منوها الى ان الطائرة تعتبر آلية تابعة للجيش وأن هذا يعني ضرورة تكوين لجنة تحقيق لمعرفة كيف سقطت ، وفيما يتعلق بإسقاط الطائرة بصاروخ او عبوة ناسفة فإن الناطق الرسمي للقوات المسلحة قال ان هذه أحاديث تدور في الوسائط ولا علم لهم بها ،غير انه يستدرك ويشير الى ان اية طائرة عسكرية وقبل إقلاعها تتعرض لتفتيش دقيق من الاستخبارات العسكرية كما يتم إخضاع ركابها الى التفتيش وذلك لسلامتها ، نافيا تلقيهم معلومات وشواهد توضح ان الطائرة تعرضت الى عمل مدبر لتفجيرها.
إجابات من الوزير
حاولنا الحصول على إجابات وتوضيحات من وزير العدل، ولكن فشلنا في الوصول اليه ،علما ان له رأيا مسبقا في الحديث لـ(الإنتباهة) على الرغم من انه وزير لكل السودانيين وينبغي ان يكون أول المنفذين لقوانين حرية التعبير وان يكون متاحا للجميع دون فرز ،غير ان الحديث المطلوب منه ان يوضح للرأي العام ولأسرة الشهيد محمد إسماعيل حمزة حقيقة ما حدث وكذلك أن تكشف القوات المسلحة عن عمل اللجنة التي كونتها .
The post سقوط طائرة الجنينة..من يزيل الغموض !! appeared first on الانتباهة أون لاين.