الخرطوم: رباب علي
امتلأت قاعة وكالة الأنباء السودانية بحشد كبير من المهتمين بالشأن الاقتصادي الذي لم يبعد كثيراً عن معاناة المواطن اليومية من تراكم الازمات والتي ارتسمت بشكل مباشر في أزمتي الوقود والخبز، وحملت منصة المنبر الذي استضاف وزير المالية ابراهيم البدوي عن تمويل الموازنة وترشيد الدعم والبدائل المتاحة والذي اكد بأهمية معالجة تشوهات الخدمة المدنية لتحقيق الرضا الوظيفي والعدالة والتقدم بمقترحات لتعديل المرتبات لتحقيق قدر معقول من الدخل المتناسب مع التضخم وتحقيق رضا وظيفي لمعالجة التشوهات، وزيادة الحد الادنى للاجور وما وضع من أرقام تأشيرية فقط حتى قرارات اللجنة التي تفصل في قضية المفصولين تعسفياً.
والاصلاح الضريبي عن طريق سياسات ومؤسسات ضريبية محددة كهيئة الاستثمار لزيادة تنافسية الصادرات والبدء بقطاع الذهب وفتح الباب للقطاع الخاص لتحصيل نقد اجنبي لصالح الدولة وتخصيص حصائله لصالح السلع الإستراتيجية.
منح متوقعة
ولفت البدوي الى أن تمويل الموازنة يعتمد على الايرادات الاتحادية عبر انواعها الثلاثة الايرادات الضريبية والجمركية والتي تقدر بـ 158 مليار جنيه وفيها زيادة معقولة مقارنة بالسابق بنسبة 8% من الناتج المحلي، فيما مبلغ 253 مليار جنيه ايرادات اخرى والنسبة الاكبر من التمويل ايرادات ذاتية وتشكل ما بين 60ـ70%، المنح والقروض تعادل 156 مليار جنيه ومرتبطة بمؤسسات التمويل العربية والبنك الاسلامي ومؤسسات التمويل الدولية والتعاون الدولي الثنائي ، وهي تشكل حوالي 43% من اجمالي المنح والقروض، ومؤسسات التمويل الدولية تشكل 48%، فيما التعاون الدولي 9%.
وذكر أن هناك مؤسسات لديها متأخرات على السودان كصندوق الكويت وفشل النظام السابق في دفعها وبدأت الحكومة في سدادها مقابل مشاريع تنموية كبيرة تم ادراجها في المكون التنموي، الى جانب مؤسسات التمويل الدولية المتعلقة بالجوانب التنموية المدرجة في الموازنة والتعويل على الصندوق العربي للانماء الاقتصادي في مشاريع متعلقة بالقيمة المضافة في القطاع الزراعي بمبلغ 160 مليون دولار ومن الصندوق الكويتي 160 مليون دولار، ومنحة الصندوق السعودي حوالي 134 مليون دولار لترفيع محطة قري وتوسعة المستشفى السعودي ومراكز التدريب المهني بالولايات، بنك التنمية الاسلامي 132 مليون دولار من مشاريعه الخط الناقل بابنوسة عديلة، بنك التنمية الافريقي 140 مليون دولار
و17 مليون دولار من البنك الدولي ، ايضاً المنح والقروض المرتبطة بالتمويل الثنائي كمنحة إيقاد 21 مليون دولار بجملة تمويل تعاون ثنائي 58 مليون دولار، وكالات الامم المتحدة المختلفة 462 مليون دولار والاتحاد الاوروبي 107 ملايين دولار، منحة الصين 69 مليون دولار.
ديمقراطية الشارع
وأبان البدوي أن الهدف من الإصلاح الاقتصادي يقوم على أسس موضوعية للتقديرات لأهمية المكون التنموي بأن تم التوافق على إصلاح اقتصادي يحقق التنافسية للصادارات السودانية وللمغترب لتحويل مدخراتهم عن طريق القنوات الرسمية وتم التحرير الكامل لصادر الذهب وكل السلع الاساسية التي يتم تصدريرها وصولاً لإنشاء السلطة المالية التي ستنشئ البورصة المرتبطة بالمنصات العالمية وتفعيل قانون الاستثمار الجديد.
وأقر بوجود تحديات كبيرة الا أن الآفاق واعدة بالتفاعل معها عبر الاصلاح المؤسسي والاعتماد على ديمقراطية الشارع الذي ستكبح الفساد المؤسسي لعبور المرحلة.
سياسات خاطئة
وأكد البدوي أن سلوك التهميش الذي تعرضت له وزارة المالية لا زال موجوداً لأنه قام على عمل مؤسسي إلا أن المحاربة بدأت بقانون إزالة التمكين ولجنة مشتركة لمراجعة الاصول والاموال المجنبة وتسليمها للوزارة بمشاركة السلطات الامنية والعدلية واستخدام هذه الاموال لدعم الموازنة، وكشف عن اتجاه للدخول في مجالس ادارات الشركات المتصلة بالاجهزة السيادية كالتصنيع الحربي وغيرها عبر حوار بناء للدخول في كل التفاصيل وهناك شركات ذات صبغة هندسية عسكرية وهذا شأن مشرف جداً لنا في الدولة، ولكن ذات الصبغة المالية يجب أن تؤول للمالية والبحث عن مساهماتها لدعم الموازنة وتشغيل الشباب تقديراً لوجود سياسة صناعية تحقق نتائج ايجابية في افرع الاقتصاد المختلفة.
وأوضح البدوي أن أكبر محفز لتهريب الذهب السياسات الخاطئة وعدم وجود حافز لتجار الذهب وفتح السوق الآن له سيؤدي الى حركة اقتصادية كبيرة تمكن الدولة من استقطاب حصائله وتعميم التجربة على الصادرات الاخرى.
قانون دولة
وأوضح البدوي أن دعم الدقيق والوقود قانون للدولة ونلتزم بذلك حسب الموازنة المجازة ونواجه صعوبات، ولكن الموقف مقدور عليه ببعض المجهود، إلا أن الوضع ليس يائساً، والاختناقات في الخبز موضوعية وليست لعدم توفر الدقيق ووجود مساعٍ لاستخدام بدائل مثل الاستخلاص الاكبر اضافة للخبز المخلوط مع الاستمرار في دعم الخبز، وهناك مساعٍ من وزارة الصناعة والتجارة لوضع تسعيرة للخبز وتنظيم الاسواق لمحاربة الغلاء عبر المجمعات الاستهلاكية والخدمية ومحاربة السياسات الاقطاعية المتعلقة بتسيد السماسرة والوسطاء. وفي ما يتعلق بالمشتقات البترولية في مشكلة الخط الناقل، تتم معالجته ومع الصعوبات التي تواجه المواطن، إلا أن مسألة تحديد الكوتة بـ(4) جوالين للسيارة ضرورة لا بد منها لأن الوقود مدعوم بشكل كبير جداً ومن الطبيعي أن نذهب في هذا الطريق.
وقطع بأهمية ترشيد الدعم والخروج منه بصورة سريعة جداً لصعوبة الدفاع عن دعم البنزين. أما الجازولين فيمكن أن يكون هناك تحرير متدرج له وهي مجرد وجهات نظر وهناك آراء تدفع في الاتجاه لرفض الرفع ولكن تكلفته كبيرة جداً، وهذا يعالج بالبدائل بالتمويل النقدي المباشر العادل واشتماله للكل واستهدافه الفقراء، أضافة لإعطاء المواطن خيار استخدام الموارد.
وقال إن جبل عامر تم الاعلان عنه رسمياً للدولة على الرغم من أن شركة الجنيد لها استثمارات ومصنع له حسابات في المراجعة ويقوم بدفع ضرائبه ويدفع حصيلة الكرتة لبنك السودان.
محاربة هدر الدعم
ولفت البدوي الى أن آليات المحافظة على الدعم من الهدر ترتكز على تفعيل الدفع الإلكتروني والسجل المدني لتوزيعه على المستحقين، إلا أن توقف البطاقات الذكية بسبب العقوبات حد من اتمام التجربة، مبيناً الاتجاه لتوظيف موارد المانحين للدفع الإلكتروني في ستة أشهر وهو بديل فعال لن يترك مجالاً للوسطاء، كما أن تشجيع الإنتاج بالاتفاق مع لجنة تسيير اصحاب العمل لتجميد الضرائب لحين الوصول لاتفاق معهم ومساعٍ لافتتاح اكتتاب بالنقد الاجنبي والمحلي لإضافة موارد جديدة لتحسين الموازنة.
وتم الترتيب مع بنك السودان لإضافة نوعين من المهجرين الاول وديعة بحد 300 دولار ترد بالتزام قانوني قبل ستة اشهر من نهاية الفترة الانتقالية، والآخر عبارة عن تبرع بسقف 30 دولار إلا أن العقوبات الامريكية حدت من فتح حسابات خارج الامارات والسعودية والمالية لم تدر ظهرها لهذه المبادرات وهناك تجميد لهذه التحويلات لترتيبات لها علاقة بالدول المذكورة سابقاً.
تعويم سعر الصرف
وقطع البدوي بوجود الدولار الجمركي بعد أن حرك النظام السابق سعره الى 18 جنيهاً احدثت موجة تضخمية كبيرة لارتباطه بسلع اساسية مستوردة، وعند تحريك سعر الصرف الى 48 جنيهاً للقطاع الخاص، لم تكن هناك ضغوط تضخمية لأن معظم الصادرات نقدية، مؤكداً أن التغلب على ندرة النقد الاجنبي وتحويلات المغتربين والصادرات يوجب تعويم سعر الصرف للقطاع الخاص مع الحفاظ على الدولار الجمركي لأنه اخطر مؤشر لتخصيص الموارد في الاقتصاد، ولجهة أن هزيمة السوق الموازي بعد سيطرته على الاقتصاد فإن التعويم سيؤدي الى السيطرة عليه لانتفاء وجود الحافز للمغترب والمصدرين وسيحد من عملية التهريب والاستيراد غير المبرر ويشجع الصناعة المحلية، معلناً عن ترتيبات امنية لمحاصرة التهريب في مطار الخرطوم وهي مساندة فقط للسياسات الصحيحة لإعدام حافز التهريب.
وقال إن الحد الادنى للاجور يتعلق بقيود الموازنة وإن تم رفعه الى 8 آلاف سيُحدث انفجاراً فيها وسيولد ضغوطاً تضخمية تقضي على الزيادات، وهناك مساعٍ للسيطرة على التضخم للمحافظة على المميزات النسبية للموازنة .
اختراق
وذكر أن هناك اختراق مهم في قضية اعفاء الديون للفصل ما بين مسار إزالة اسم السودان من لائحة الدول الراعية للارهاب وإعادة تأهيله لإعفاء الديون والحصول على القروض الميسرة وبدأنا الحوار مع نادي باريس وعدد من المنظمات وعدم الانتظار حتى ازالة اسمه، وفي شهر ابريل سيكون هناك تقرير مشاورات البند الرابع المتعلقة بصندوق النقد الدولي وبعد الحوار المجتمعي سيتم التفاوض معه للدخول في آلية يستند عليها نادي باريس ولإعفاء الديون التي هي اكثر من 60 مليار دولار ولا بد من النقاش مع صندوق النقد الدولي ومنظمات المجتمع الدولي لاخراج تقرير ايجابي يتيح لنادي باريس عقد مؤتمر للاعفاء واعادة التأهيل.
ونبه الى أنه على الرغم من رفع العقوبات عن السودان، إلا أن البنوك العالمية ترفض التعامل خوفاً من الضبابية في الموضوع وهذا أثر على القطاع الخاص وتحويلات الحكومة، وطالبنا بإعادة فتح «سيتي بانك» لفرعها في السودان في الزيارة الاخيرة، إلا أنه اتضح أنها قطاع خاص وقد أبدت رغبتها واستعدادها مشترطة معرفة موقف الحكومة الامريكية من العلاقة مع السودان.
ترتيبات عاجلة
وأبان وكيلة المالية آمنة ابوبكر أن ضمان إنفاذ الموازنة يتطلب ترتيبات عاجلة بفاعلية عبر اجراءات توفير التمويل لبرنامج الاصلاح الاقتصادي تبدأ بتحصيل الايرادات القومية وفق الفئات والرسوم الضريبة المباشرة وغير المباشرة، واصدار الضوابط الصارمة لمنع التجنيب الذي أضر بولاية المالية على المال العام واحكام السيطرة على إيرادات الدولة وتوجيهها للمسار الصحيح عبر آليات قوية لمحاربة الممارسات السالبة بالتعاون مع الجهات المختصة، وقالت إن الاعفاءات الجمركية كانت تمثل جانباً كبيراً من الايرادات غير الموظفة ولم يستفد المواطن او الدولة منها في تنفيذ البرامج التنموية، وإصدار دليل فئات الرسوم المجازة بالموازنة ودراسة وتحليل تقييم أوضاع الشركات والمؤسسات وتحويلها لشركات مساهمة عامة لفتح الباب للقطاع الخاص بضمانات معينة وتحويلات المغتربين لتصب عائداتها في الموازنة بالنقد الأجنبي او المحلي.
The post البدوي في (المتاهة) الاقتصادية..(الوضع ليس يائساً )..! appeared first on الانتباهة أون لاين.