مصطفى محكر
أظهر لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنايهو في عنتبي اليوغندية، حالة انقسام أو قل عدم توافق كبير بين المكون العسكري والمدني الذي يدير الفترة الانتقالية، وهو مظهر ينبئ بأن الأمور قد لا تسير على النحو المرجو حتى إكمال الفترة الانتقالية، وإذا حدث ذلك تكون البلاد مفتوحة على كل الاحتمالات بما فيها دعم دولي وإقليمي للمكون العسكري حتى يمضي بعيداً في إنجاز شراكات جديدة أبرزها العلاقة مع إسرائيل.
لم يكن لائقاً بوزير الخارجية أسماء محمد صالح أن تقول إنها لم تسمع بلقاء البرهان ونتنياهو، رداً على سؤال مراسل قناة (الجزيرة) الفضائية، وكان بإمكانها أن تتهرب من الإجابة عن السؤال كما فعلت في اوقات أخرى كثيرة .. ومما زاد الطين بلة أن سارع فيصل محمد صالح وزير الإعلام بالقول: (إن اللقاء تم دون اخطارنا أو التشاور معناً)، وانه ينتظر (توضيحات) من رئيس مجلس السيادة!!
صحيح قد يكون هؤلاء على غير علم، رغم ان الفريق البرهان اكد خلال لقائه مع رؤساء تحرير الصحف انه أخبر رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك قبل يومين بنيته لقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي، فرد حمدوك مؤيداً GO ahead، وبالتالي يكون الفريق البرهان قد اخطر الحكومة ممثلة في رئيسها الذي كان يمكن ان يضع وزير الخارجية ومعها وزير الاعلام في صورة ما سيتم بعنتبي اليوغندية، حتى وان كان اللقاء يقع في خانة (السري).
نقول حتى اذا لم تتم احاطة الحكومة، كان من الحصافة بمكان ألا يتحدث وزير الاعلام ووزير الخارجية قبل أن يطلعا على الحقيقة.. ففيصل محمد صالح الذي أكد انه ينتظر توضيحات من البرهان، كان عليه الا يتحدث، فقط ليرضي المكون السياسي الذي وضعه على كرسي الوزارة، قبل ان يعرف حقيقة الأمور كي لا يظهر الحكومة بمظهر الاضطراب.. ولم تنته الأمور على نحو مبشر، فقد احتمى كل فريق بسنده حينما سارع الجيش لاصدار بيان أيد فيه اللقاء ولحق به قدامى المحاربين.. بينما مازال فيصل وأسماء في غضبتهما الأولى.. وهي مواقف مقلقة للشارع السوداني الذي مازال يقف في صفوف الخبز وهو يعد الأيام في انتظار يوم (11) فبراير لانتهاء الصفوف، وفقاً لوعد قطعه وزير التجارة والصناعة مدني عباس مدني بانتهاء الصفوف في هذا الموعد.. فيما مازالت صفوف الوقود تتطاول ويشح غاز الطهي وترتفع الأسعار بوتيرة متسارعة مع الدولار.. ورغم ذلك تبدو الحكومة غير متجانسة حول كثير من الملفات.
الشعب السوداني عانى كثيراً، ولا طاقة له لمزيد من المعاناة، لذلك يتوجب على مجلسي السيادة والوزراء أن يحدثا التوافق اللازم حتى تكتمل الفترة الانتقالية، فليس للشعب مخزون طاقة ليتعامل مع وقائع سياسية جديدة، تغذيها مثل هذه الخلافات التي كان يمكن أن تُدار في غرف مغلقة، وليس أمام الفضاء المفتوح.
The post انقسام مقلق!! appeared first on الانتباهة أون لاين.