] بما أن الموجة هذه الأيام تتجه بكلياتها نحو إسرائيل والحديث عن التطبيع مع دولة ظل جهاز مخابراتها يفعل الأفاعيل في السودان على مدى سنوات طويلة، فإنني سأخصص هذه المساحة لبعض حراك جهاز مخابرات دولة الكيان الصهيوني (الموساد) في السودان، وسأكشف عن بعض العمليات التي مازالت غامضة وتحتاج لمزيد من التوضيحات.
] ربما يمتد هذا المقال ليصير سلسلة حلقات ــ لضيق المساحة ــ وسأحاول الاختصار بقدر الإمكان للإحاطة بوقائع تعكس حجم العمل لهذا الجهاز الخطير داخل أراضينا.
] حكايات أشبه بأفلام (الآكشن)، لكنها حقيقية، سأوردها كما هي بدون أي تهويل ورتوش، ولتكن البداية من تصريحات مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق الفريق أول مهندس صلاح عبد الله قوش إبان ثورة ديسمبر 2018م.
] حينها أكد قوش تورط خلية تتبع لحركة تحرير السودان التي يقودها عبد الواحد محمد نور، تم تجنيدها بواسطة جهاز (الموساد) في أعمال التخريب التي وقعت في عدد من المدن، كاشفاً عن تشكيل تلك الخلية لغرف التخريب في دنقلا وعطبرة وود مدني والحاج يوسف والكلاكلات.
] قوش قال لإعلاميين في لقاء شهير إنه تم القبض على (7) من أفراد الخلية في عطبرة، وتم ضبط رئيس الخلية في دنقلا، وجزم بأن الخلية التي تتبع للموساد كان توجيهها حرق دور المؤتمر الوطني الحزب الحاكم آنذاك، مشيراً إلى أن المتظاهرين حرقوا ثلاث عربات تتبع للمواطنين في عطبرة، فضلاً عن حرق محلية عطبرة وأجهزتها ومبنى التأمين الصحي ومبنى السكة الحديد، وتم حرق اتحاد العمال وحرق جزئي لوزارة المالية.
] حتى الآن لم تنف جهة هذه التفاصيل، أو يبدو أنه لم يعد يذكرها أحد.
] لنذهب معاً إلى الرحلة السرية التي قام بها النائب الأول السابق د. جون قرنق في عام 2005م من (نيو سايت) إلى (كمبالا) ولم يعد بعدها، حيث تحطمت الطائرة في أدغال مخيفة، وقالوا إن سوء الأحوال الجوية تسبب في سقوطها.
] لكن ضابط رفيع في استخبارات دولة جنوب السودان، كشف عن تورط الرئيس سلفا كير ميارديت والقيادي الكبير بونا ملوال بالتعاون مع جهاز (الموساد) والرئيس اليوغندي يوري موسفيني ومنظمات غربية وكنسية في اغتيال جون قرنق بسبب رفضه توجيهاتهم له بالعمل على تحقيق انفصال الجنوب.
] قال ضابط الاستخبارات إن رحلة قرنق الأخيرة إلى يوغندا لم تكن لمقابلة سفراء غربيين كما نُشر حينها، وإنما لزيارة مخطَّطة إلى إسرائيل، وأكد أن قرنق فور وصوله إلى يوغندا استقلّ طائرة بمرافقة الرئيس اليوغندي يوري موسفيني إلى تل أبيب، وكان هنالك اجتماع حاشد ضم مسؤولين إسرائيليين ومنظمات كنسية وطوعية.
] هذا الخبر الضجة أعاد لواجهة الأحداث اللغز الكبير الذي ظل غامضاً لسنوات طويلة. ولم تفلح التكهنات والتوقعات التي أشارت للاستدراج والقتل في كشف الوقائع الحقيقية، ومازالت بعض الخيوط مخفية. وسيظل السؤال الحائر قائماً ينتظر إجابة شافية بعد إلقاء الحجر الضخم في البركة الساكنة.. من قتل قرنق؟
] هل تعرفون (أري بن ميناشيه)؟. حسناً سأفترض أن أغلبكم لا يعرفه، وأقول إنه يهودي عراقي، ولد في طهران عام 1951م. وكان والده شيوعياً وتحول إلى رجل أعمال.
] عمل بن ميناشيه ضابطاً في الموساد الإسرائيلي، ولفت انتباه وسائل الإعلام لأول مرة عام 1989م، عند اعتقاله في الولايات المتحدة واتهامه بمحاولة بيع ثلاث طائرات عسكرية لإيران. وقضى نحو عام في السجن بنيويورك حتى تمت تبرئته.
] إذن.. ما علاقته بالسودان؟. اصبروا عليَّ قليلاً، فابن ميناشيه هذا كشف في مقابلة له مع (بي. بي. سي) النقاب عن لقاء عاصف بالرئيس السابق عمر البشير، وقدم له عرضاً يقضي بتشكيل حكومة انتقالية بشرط تنازله عن السلطة، مقابل توفير بقائه في السودان في وضع محترم، وتنازل محكمة الجنايات الدولية عن الدعاوى التي رفعتها عليه. وأكد أن هذا العرض حصل على تأييد الإدارة الأمريكية.
] ميناشيه، ظهر مرة أخرى عندما عقد صفقة أخرى مع قيادات بارزة في الحكومة الحالية سأعود إليها بالتفصيل في مقبل الأيام.
] في أحد الملفات الصحافية التي أحدثت ضجة كبرى، أزاحت الزميلة (إنعام عامر) الستار عن أخطر عمليات الموساد في السودان عندما استخدموا أغطية تمويهية للاستحواذ على منتجع (عروسة) بالبحر الأحمر.
] كان من لوازم التغطية الكاملة لأعمال شبكة عملاء الموساد بمنتجع عروسة طبع كتيب ترويجي للمنتجع بغرض التمويه، تم توزيعه على نطاق واسع لشركات سياحة أوروبية وعلى وكالات السفر، للتمتع بالشواطئ الرملية والشعب المرجانية لعشاق الغوص والاستكشاف.
] تم استئجار المنتجع من الجهة المختصة بالسياحة في السودان ــ مقابل مبلغ (320) ألف دولار أمريكي ــ تحت اسم شركة سويسرية ترغب في إنشاء وجهة جديدة لقضاء العطلات على شواطئ البحر الأحمر، واستناداً إلى معلومات موثوقة، فإن مديري الشركة «الأوروبيون» ومدربي الغوص ورياضة ركوب الأمواج هم في الواقع عملاء استخبارات إسرائيليون.
] بقي أن أخبركم أن (منتجع عروسة) كان هو المحطة الرئيسة لنقل اليهود (الفلاشا) من إثيوبيا إلى إسرائيل في ثمانينيات القرن الماضي، وجرت فيه تفاصيل مثيرة ترقبوها لاحقاً.
The post الموساد في السودان.. اغتيال قرنق واتهامات قوش appeared first on الانتباهة أون لاين.