كتب الزميل محمد إبراهيم على صفحتي بالفيسبوك معلقاً على مقالي أمس:(كل همك وخوفك من أن يأتي سيسي جديد للحكم، أين غيرتك على دين الله، كنتُ أنتظر منك رأياً واضحاً حيال التطبيع.).. وبالطبع رددتُ على الأخ محمد ولا بأس من تعميم الفكرة على جمهور قراء النسخة الورقية والتوسع فيها..
في اعتقادي الراسخ أن الغيرة على دين الله لا تكون بالهتاف والصراخ والعاطفة والشعارات التي تسقط في أول محك اختبار، بل بالتمسك بقيم العدل والحرية ومحاربة الظلم والفساد والصدق مع الله والنفس والناس عملاً لا قولاً فقط، هذا أولاً.. والأمر الثاني لا بد من التأكيد على أن قضية التطبيع مع إسرائيل ليست دينية بل سياسية وأخلاقية يتعاطى معها المسلم وغير المسلم من مبادئ أخلاقية بحتة وقد رأينا أنصاراً منافحين عنها من غير المسلمين.
أما رفْضَنا لقاء البرهان ونتنياهو أسسناه على أربعة قواعد من بينها سيجد محمد إبراهيم وغيره ضالته التي يبحث عنها.
القاعدة الأولى التي أسسنا عليها رفض اللقاء ونتائجه هي أن البرهان تجاوز الوثيقة الدستورية، ولم يكن مفوضاً لهذه المهمة، ولا يملك الحق في اتخاذ هذا القرار الكبير والخطير بمفرده في غياب المؤسسات المعنية بهذا، فلا هو ولا حمدوك ولا ود الفكي ولا التعايشي كأفراد يملكون هذا الحق، ولهذا يصبح اللقاء قائم على باطل وما قام على باطل فإن أي نتيجة تسفر عنه فهي باطلة.
القاعدة الثانية التي أسسنا عليها الرفض هي أنه ليس في تطبيع السودان مع إسرائيل او عدمه خطراً على الدين فهي قضية سياسية يجب ألا يُقحم فيها الدين.. وإن كانت هناك مخاوف من لقاء البرهان ونتنياهو وما سيترتب عليه من رضا أمريكي اسرائيلي خليجي، ربما تنصب هذه المخاوف من سيناريوهات الحكم العضود والحاكم المطلق فهو الذي يدوس على المبادئ والقيم والعدالة والحرية وهي القيم التي يتأسس عليها الدين والاديان نفسها جاءت للعدل والحريات ورفع الظلم، وإذا رفضنا هذه الخطوة ومنعناها نكون قد قطعنا الطريق أمام شمولية جديدة تدوس على مبادئ الحريات وقيم العدل والنزاهة وبهذا نكون نصرنا الحق والدين الذي ينادي بهذه القيم.
القاعدة الثالثة التي اسسنا عليها رفْضنا اللقاء وما ترتب عليه هي أن اللقاء يُروج له وكأنه يفجر الانهار والرخاء في بلاد السودان، وهذه فرية تكذبها تجارب الدول التي انطلت عليها هذه الخديعة وطبعت علاقاتها مع اسرائيل مثل تشاد وجنوب السودان والاردن ومصر ونحوها، فهل عاشت رخاءً اقتصادياً بعد تطبيع علاقاتها مع اسرائيل.
القاعدة الرابعة: رفَضْنا اللقاء لأنه تم في العتمة ومن وراء الشركاء وهذا ما يعزز نية البرهان ومن ورائه في تأسيس نظام شمولي جديد يتيح له الانفراد بالسلطة، وفي هذا نكسة كبيرة وانحراف خطير عن مبادئ وأهداف ثورة ديسمبر المجيدة، فإذا كانت هناك مصلحة في التطبيع فليقررها الشعب السوداني عبر مؤسساته المعنية فلماذا يكون الأمر مقايضة وبيع وشراء يتم خلف الكواليس، لكل ما سبق رفضناه.. اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
The post لهذا رفضاه يا برهان appeared first on الانتباهة أون لاين.