اخبار السودان لحظة بلحظة

التطبيع مع إسرائيل بين الرفض والقبول

حاورهما: صديق رمضان
يؤكد القيادي بحركة «الإصلاح الآن» ذات التوجه الإسلامي، حسن رزق، أنه لا يمكن أن يأكل الشعب السوداني خبزاً بالعار، ويقطع أن الحرة تجوع و لا تبيع ثديها، ويرفض رفضاً باتاً إقامة علاقة مع إسرائيل، بالمقابل فإن عضو المجلس الوطني في عهد النظام المباد أبوالقاسم برطم، يشدد على ضرورة التطبيع مع إسرائيل ويعتبر الخطوة التي أقدم عليها رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبدالفتاح البرهان، أفضل خطوة انتهجها سياسي سوداني منذ الاستقلال، وما بين رافض ومؤيد للتطبيع نستعرض وجهتي نظر الطرفين:
أبوالقاسم برطم لـ(الانتباهة): «مافي داعي نشيل وش القباحة» مـع إسـرائيل..ونعـم للتطبيع
] كيف تنظر للقاء رئيس مجلس السيادة ورئيس الوزراء الإسرائيلي ؟
– لقاء بالغ الاهمية بل اعتبره افضل خطوة اقدم عليها سياسي سوداني منذ استقلال البلاد في العام 1956، وتنبع اهميتها الاستراتيجية من واقع ان رئيس مجلس السيادة الفريق اول عبدالفتاح البرهان لم يتعامل بعاطفته بل بما يتسق ومصالح دولته، وهذه هي السياسة الناضجة .
] ولكن ظللنا ننظر إلى إسرائيل بوصفها عدو ؟
– دعنا من الحديث العاطفي والانشائي ،هنا اتحدث عن مصالح شعوب في المقام الاول وهذا يعني الا مكان للايدلوجيات ،المنطق السياسي السليم يكشف بوضوح بل ويحض على ان نبني علاقتنا مع أي دولة في العالم على اساس المصالح المشتركة التي تعتبر حجر الزاوية في العلاقات بين الشعوب في العالم .
] ألا يعتبر هذا الأمر خيانة للقضية الفلسطينية ؟
-لا ليست خيانة ..نحن تبنينا القضية الفلسطينية ونحن لسنا اصحابها في الاصل، واصحابها الحقيقيون تجمعهم علاقة مشتركة مع اسرائيل ومنافع، الحقيقة تؤكد اننا لسنا اكثر عروبة من العرب الذين طبعوا مع اسرائيل، افريقيا تجمعها علاقة طيبة معها، كل العالم يتبادل معها المنافع، وهنا يبرز السؤال لماذا نضمر لها العداء، علماً بان اسرائيل لا تجمعنا بها حدود مشتركة .
] قضيتنا معها احتلالها للأراضي الفلسطينية؟
– اشرت لك آنفاً بان اصحاب القضية متصالحون مع الاسرائيليين، فما الذي يدفعنا نحن للدخول في عداء معهم، علينا ان نهتم بقضايانا ونعمل اولاً على ايجاد حلول لها بدلاً عن القفز فوق اسوار منطق الاشياء الذي يؤكد ان الانسان عليه ان يضع حداً لمشاكل «بيته» اولاً ثم يبحث عن حل مشاكل الاخرين، نعم نحن ضد الظلم ونرفض العنصرية في اي مكان في العالم وهذا الامر مبدأ وليس حصرياً على اسرائيل فقط.
] خطوة البرهان رغم تأييدك لها إلا أن الناطق الرسمي باسم الحكومة أكد أنها تمت دون علمهم ؟
– في تقديري ان تصريح وزير الاعلام جاء خالياً من المهنية ولا يعبر عن مسؤولية يفترض ان تكون جماعية ،فهو ناطق رسمي باسم الحكومة وليس مجلس الوزراء فقط ،والبرهان يعتبر رأس الدولة وما فعله من اجل مصلحة السودان ولا يمكن منطقياً ان يأتي فيصل ليتحدث بعاطفية وينفي علمهم باللقاء، اعتقد ان دوافعه كانت عاطفية وحزبية وهو يتحدث حديثاً انشائياً، كان عليه التعامل مع الحدث بمهنية تحسب له وليس تصريح يحسب عليه.
] ربما كان الرجل صادقاً بعدم معرفة مجلس الوزراء بالزيارة ؟
– البرهان لم يلتق رئيس الوزراء الاسرائيلي دون صفة او من اجل مصلحته، فعل ذلك من اجل البلاد وباسم الحكومة التي يرأسها ،كان على فيصل التريث لان خطابه من شأنه ان يعود بالضرر على البلاد ،فالتضارب يشي للمستثمر والحكومات الاخرى بان الجهاز التنفيذي يعمل في اتجاه ومجلس السيادة في اتجاه اخر ،لذا اطالبه ان يتعامل بمهنية وليس بالعاطفة .
] قد يقول قائل إن البرهان لا يملك حق التقرير في قضية شائكة مثل التطبيع مع إسرائيل؟
– اليس الفريق اول عبدالفتاح البرهان هو رأس الدولة السودانية؟، نظام الحكم الذي تدار به البلاد حالياً رئاسي وهذا يعني ان صلاحياته تكفل له الاقدام على مثل هذه الخطوة الجريئة والشجاعة.
] هل تعتقد أن البعض يتعامل بالعاطفة مع ملف علاقة السودان وإسرائيل؟
– نعم..هذه حقيقة تبدو واضحة، ورغم ذلك فان الحقيقة تؤكد بانه لا عداء بيننا والشعب الاسرائيلي، لا من حيث الديانة التي يعتنقها ولا من حيث التاريخ ،لذا مافي داعي «نشيل وش القباحة».
] كثيرون يؤكدون أن البلاد لن تجني فائدة من التطبيع؟
– كثيرة هي الفوائد التي سيجنيها السودان ،ولكن دعني اركز على جزيئة واحدة وهي المتعلقة بالتكنولوجيا الاسرائيلية التي اسهمت في تطوير الزراعة بمصر واثيوبيا ،نحن نبدو في امس الحاجة اليها واذا وجدناها بالتأكيد ستتطور بلادنا كثيراً ،علينا ان نبحث عن التقانة المتطورة في اي مكان ،اسرائيل او غيرها من دول.
] قد يرفض البعض حديثك الجريء عن ضرورة التطبيع مع إسرائيل؟
– انا مواطن سوداني ومن حقي التعبير عن وجهة نظري التي ظللت اجهر بها لقناعتي بضرورة عدم دخول السودان في عداء مع اي دولة في العالم، واسرائيل اليوم تقيم علاقات مع الدول العربية والافريقية وهذا محيطنا فلماذا نكون في عزلة وماذا نستفيد من معاداتنا لها، علينا التعاطي بالمنطق والعقل وليس العاطفة، والمطلوب من الحكومة التعامل بندية مع اسرائيل من اجل مصالح مشتركة متوازنة.

حسن عثمان رزق لـ(الانتباهة): (أي حاجة تتم بالدس) تنطـوي على مشـكلة
] قابل السودانيون لقاء البرهان بنتنياهو بتباين في الآراء بين مؤيد ورافض؟
– دعني اتحدث بصراحة واقول عبركم ما كان ينبغي ان يكون هناك مؤيد لهذا اللقاء الذي حدث بين رئيس مجلس السيادة ورئيس الوزراء الاسرائيلي، واعتقد ان الذين يسوقون بعض الحجج مثل ان الفلسطينيين تجمعهم علاقة باسرائيل فلماذا لا نطبع نحن، يستندون على مبررات واهية من واقع ان الفلسطينيين يتعرضون للاحتلال والحصار وهم مجبرون على التعامل مع اسرائيل.
] نحن أيضاً مجبرون لأننا نتعرض للحصار وطريق رفعه تمر عبر التطبيع مع إسرائيل؟
– لا..السودان لا يتعرض حالياً للاحتلال من قبل دولة ،والفلسطينيون كما اشرت يتعرضون لحصار خانق يجبرهم على التعامل مع اسرائيل خاصة في ظل العزلة التي فرضها العرب على غزة، فمصر اغلقت الحدود وحتى الانفاق ،ورغم ذلك فان الفلسطينيين يتعاملون مع اليهود وفي ذات الوقت لا يتوقفون عن قتالهم لاسترداد ارضهم والحفاظ على عرضهم.
] ولكن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم تعامل مع اليهود وهو قدوتنا ؟
– الرسول صلى الله عليه وسلم تعامل مع اليهود المسالمين الذين لا خوف منهم ،ولكن حينما حاول يهود بني قينقاع الاعتداء على امرأة مسلمة اخرجهم من المدينة وسمح لهم بحمل اموالهم وسلاحهم ،وهذا التسامح اغرى بني النضير الذي حاولوا قتل رسولنا الكريم فاخرجهم دون ان يحملوا اسلحتهم واموالهم، اما يهود بني قريظة فقد نقضوا الاتفاق الذي جمعهم بين المسلمين، واليهود الحاليون اشرار ومفسدون في الارض.
] ولكن فقهياً يحق لنا الزواج من أصحاب الكتاب وأكل أكلهم ؟
– إذا كانوا مسالمين يحق لنا ان نتزوج منهم ونأكل أكلهم، ولكن اليهود الحاليين مفسدين في الارض كما جاء في القرآن ،فهم محتلون لاراضي الفلسطينيين ويقتلون النساء والاطفال ويعتقلون ويظلمون فهذا يعني انهم غير مسالمين ومفسدين، علماً بان يهود في امريكا يعارضون ان تكون القدس عاصمة لاسرائيل من واقع معرفتهم التامة انها مدينة مقدسة لكل الاديان.
] ربما أراد البرهان أن يأمن شرهم ؟
– الزيارة تمت في سرية تامة ولم يتم الاعلان عنها مسبقاً بل حتى مجلس الوزراء نفى على لسان الناطق الرسمي له معرفتهم باللقاء، واعتقد ان اي «حاجة تتم بالدس» تنطوي على مشكلة ومعروف ان الاثم ما حاك في نفسك وكرهت ان يطلع عليه الناس.
] ربما أن منطق مصالح الشعوب هو الذي دفع البرهان لهذا الأمر؟
– لا يمكن ان نأكل خبزاً بالعار ،فالحرة تجوع ولا تبيع ثديها ، نحن لا نريد ان تذلنا اسرائيل او غيرها من دول ،واذا كان الطريق الى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب فان هذا نوع من الارهاب في حد ذاته وعلينا الا نسلكه.
] البعض قد يرى حديثك هذا عاطفياً ؟
– لا..الشعب السوداني ظل منذ العام 1948 مؤيداً للقضية الفلسطينية ولا يمكن ان يخونها ويكفي انها قاتل مع العرب في العام 1967 و1973 واحتضنت الخرطوم مؤتمر اللاءات الثلاث الشهير، الذي جعل رؤوسنا منذ ذلك التاريخ مرفوعة ، لا يمكن ان يتم الغاء هذا التاريخ بجرة قلم.
] الإسلاميون كانوا متهمين في فترة حكمهم للسودان بالاهتمام بالشعب الفلسطيني أكثر من السوداني ؟
– البعض كان يحتج على دعم الفلسطينيين ويقول إن دارفور أولى بذلك، ألا يعلم هؤلاء ان معظم الذين قاتلوا اليهود في العام 1948 كانوا من اهل دارفور واستقر عدد مقدر منهم بفلسطين ،وهذا يعني ان هذه قضية مركزية لكل سوداني ،كما انه لا يعني اهمال دارفور او غيرها من مناطق السودان بل هو تداعي طبيعي وحق للمسلم على اخيه المسلم، ليأتي البرهان اخيراً ويقدم على خطوة تخالف التاريخ والثوابت.
] البرهان يبحث عن مصلحة شعبه؟
– في الاصل فان البلاد في فترة انتقالية وهذا يعني ان الحكومة غير معنية باتخاذ القرارات المصيرية مثل العلاقة مع اسرائيل وغيرها ،مطلوب منها فقط تنفيذ الترتيبات التي تسبق الانتخابات وبعد ذلك فان الحكومة المفوضة من المواطنين وبعد استفتاء الشعب يمكنها ان تنظر لمثل هذه القضايا ،وقرار التطبيع من عدمه لا يتخذه شخص واحد، كما انه لم يقدم على هذه الخطوة منفرداً.
] ولكن مجلس الوزراء أكد عدم معرفته باللقاء؟
– اعني هنا دول المحور التي بات السودان جزءاً منها هي التي دفعت برهان للقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي ،علينا ان نرفض ما حدث رفضاً باتاً وعلينا الانتباه جيداً والا ندفن رؤوسنا في الرمال.

The post التطبيع مع إسرائيل بين الرفض والقبول appeared first on الانتباهة أون لاين.

اترك رد