اخبار السودان لحظة بلحظة

هنادي صديق تكتب: اعتصام جديد

الزحمة المرورية وإغلاق شارع القيادة أمس الأول أمام حركة السيارات، فرض علينا الانحراف لشارع جانبي، لنتفاجأ باعتصام من نوع جديد أبطاله عشرات الشباب من أعمار ١٧ عاماً حتى ٢٢ تقريباً، (يفترشون الأرض ويلتحفون السماء)، يتوسدون عشرات الشنط السفرية والأغطية و(البطاطين) الشتوية، تبدو عليهم آثار الإرهاق والجوع رغم مظاهر التماسك الممزوج بالأنفة وعزة النفس، والايمان بعدالة قضيتهم. 
اقتربت منهم وسألت البعض عن هويتهم وأسباب هذا الاعتصام، ومنذ متى، وغيرها من أسئلة يمكن ان تستثير اهتمام أي مواطن، فكانت الإجابة الفورية من طلاب كليات الهندسة والطب جامعة السلام بغرب كردفان بمدينة المجلد، بأن هذا الاعتصام أسبابه موضوعية بحسب وصفهم، وقضيتهم عادلة ولكنها لم تجد من يمنحهم آذانا صاغية من قبل إدارة جامعتهم، بعد أن اعتصموا داخلها لفترة دون جدوى، وتمثلت مطالبهم في توفير إدارة حقيقية للجامعة من عميد لنائب عميد لمدير شئون طلاب، إضافة للمطالبة المتكررة بتغيير الحرس الجامعي، وتوفير قاعات دراسية ومعامل، مروراً بتسوير الجامعة بعد أصبحت أشبه بـ (محمية الدندر)، فجميع أنواع الحيوانات متواجدة داخل حرم الجامعة وفضلاتها تتناثر هنا وهناك، ما يمثل إهمالاً واضحاً يصعب معه الدراسة في بيئة غير صحية، إضافة لنقطة مهمة جداً من وجهة نظرهم وهي تغيير اسم الجامعة وغيرها من مطلوبات واشتراطات تتوافق مع المعايير المطلوبة دولياً. 
محتاج لتغيير اسم الجامعة، لجامعة السلام..
يقول أحد الطلاب: (أرسلنا قبل ثلاثة اسابيع وفداً من طلاب الجامعة للجلوس مع وزارة التعليم العالي، وقبلها اعتصمنا داخل الجامعة بالمجلد، اعتصام داخل مباني الجامعة أولا، ولكن لضعف إدارة الجامعة وفشلها في إيجاد حل، قمنا بابتعاث الوفد المكون من خمسة طلاب لوزارة التعليم العالي، وقاموا بتسليم مذكرة مطلبية للوزيرة الدكتورة انتصار الزين صغيرون، وللأسف أكثر من اسبوعين ولا توجد ردود من الوزيرة او اي موظف من وزارتها، فكانت الخطوة التالية الحضور لمقر الوزارة والاعتصام هنا، وحتى الآن خمسة أيام من اعتصامنا بالخرطوم ولا رد وحتى الآن في دوامة ننتظر بعدها الموعد الذي حددته الوزارة بالرد على المذكرة يوم الأحد القادم،). انتهى حديث الطالب وزملاؤه، وبقى لنا إرسال رسالة للسيدة الوزيرة التي يمكنها بالقليل من الحكمة معالجة هذه القضية، وإغلاق الباب تماما أمام هواة الاصطياد في الماء العكر من فلول النظام الساقط، وعدم جعل هؤلاء الشباب عرضة لأي استقطاب من جانبهم. 
طلاب ينامون على قارعة الطريق، على رصيف الشارع أمام وحول الوزارة، يأكلون وجباتهم بما تبقى لديهم من مال، ومن اخوتهم بجامعة الخرطوم، فإذا كان طلاب أعلى الكليات العلمية، الطب والهندسة، يعانون فما بالك ببقية الكليات..؟ 
نعلم ان الأوضاع السيئة والتركة الثقيلة التي خلفها النظام البائد لا تتحملها الحكومة الانتقالية، ولكن يمكن ان تجد لها بعض المعالجات المؤقتة لحين تكملة بقية الاستحقاقات والتي أراها من وجهة نظري منطقية وبسيطة للغاية، ولكن أيضا يجب ان تراعي حكومة حمدوك أوضاع الجامعة والكليات بالولايات الأخرى وخاصة المدن الطرفية منها، فالغبن الذي يسكن مواطن هذه المناطق جراء الإهمال والتهميش من الحكومات المتعاقبة، لا يجب أن يستمر في فترة حكومة العدالة والحرية والسلام، وإن أخطأت حكومة المخلوع في انشاء جامعات بالولايات تفتقد لأبسط أسس ومعايير الجامعات المحلية ناهيك عن العالمية، بغرض الشوفونية وتكبير الكوم ونهب أموال الأهالي، فلا يجب على حكومة حمدوك السير في ذات الاتجاه، وكان الأولى بها ان تعمل على وضع معالجات إسعافية لهذه الجامعات قبل أن تعلن فتح أبوابها، ومثل جامعة السلام تعاني العشرات من الجامعات الحكومية التي جاءت نتاج سفاح لما يسمى بثورة التعليم العالي، الوزيرة تحتاج لتخصيص مكتب داخل الوزارة كل عمله معالجة أوضاع هذه الجامعات المهملة حتى لا تصبح وزارتها ميدان اعتصام جديد تنتهك فيه الحقوق وتهدر فيه دماء الشباب.

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

اترك رد