اخبار السودان اليوم

قطاع التعليم.. الدخول في غرفة (الإنعاش)!

عرض: عواطف عبد القادر
موجة من الانتقادات واجهت قطاع التعليم واتهمت حكومة الإنقاذ بتدميره خلال الثلاثين عاماً الماضية، نتيجة لضعف الصرف على التعليم مما نتج عنه انخفاض نسبة الاستيعاب في التعليم الأساسي وارتفاع نسب التسرب والأمية وسط الأطفال وتغيير المناهج بصورة مخلة، فيما كشفت وزارة التربية والتعليم عن فجوة في عدد 4 آلاف مدرسة وتلاميذ يجلسون على الرمال وتحت ظل الأشجار لعدم الفصول. وأكدت الوزارة بأنه تم بناء مدارس بسبب التدخلات السياسية وليس وفقاً للخارطة المدرسية من ناحية المجتمع والطلاب مما نتج عنه وجود مدارس بها 100تلميذ وأخرى خالية من التلاميذ وأشارت الوزارة الى أن الصرف على التعليم في العهد السابق ليس أولوية وأعلنت على ضرورة تخصيص 30% من مال التنمية الولائي للإنفاق على بناء وتأهيل المدارس الى جانب تطبيق سياسة السلم التعليمي 6-3-3، فيما أكد خبراء في التعليم أن المنهج الموجود حالياً لا يجسد التنوع الثقافي والعرقي والديني ومواكبة المتغيرات المتسارعة في العالم، كما يعتمد على التلقين والحفظ فضلاً عن كثرة المواد والحشو غير المفيد وليس التفاعل والحوار، كما أنه لا يعمل على حل المشكلات وإعداد الطالب لسوق العمل.
إصلاح التعليم
ويؤكد وزير التربية والتعليم بروفيسور محمد الأمين التوم، أن مؤتمر التعليم يشكل سانحة طيبة لمعالجة أوضاع التعليم. وأكد الوزير خلال حديثه في مؤتمر السودان الدولي للتعليم الذي نظمته الوزارة بالتنسيق مع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي واليونيسيف، عزم وزارته في وضع الأسس المناسبة لبناء مستقبل أفضل للتعليم، مشيراً الى أن الحكومة الانتقالية ورثت من العهد البائد نظاماً تعليمياً ميؤوس منه، مما انعكس على جميع فئات المجتمع السوداني بمن فيهم الأطفال. وأضاف التوم أن وزارته بدأت في رسم خارطة طريق لمعالجة جميع الاختلالات التي يعاني منها التعليم ،وصف التوم  المجتمع السوداني بأنه مغلق ومعزول عن المجتمع الخارجي لأكثر من ثلاث حقب. وأكد الوزير اتجاه الوزارة إلى التحول من النهج المركزي القائم على الأستاذ إلى النهج اللامركزي القائم على الطالب. مشيراً إلى أن الفكرة الأساسية من هذا المؤتمر هي إعادة التفكير في إصلاح عملية التعليم استناداً على التجارب التعليمية الأخرى. والتزم الوزير بتنفيذ جميع توصيات المؤتمر والأساليب الجيدة التي عرضت، مثمناً جهود الشركاء الدوليين في المساهمة في إصلاح التعليم في السودان ومن جانبها، تعهدت الدول المانحة بتوفير نوعية جيدة التعليم للجميع ومساعدة السودان في التغلب على التحديات التي تواجه التعليم.
وقالت ممثل المانحين شياو يان ليانغ سندعو كافة السلطات في السودان للعمل على تحسين التعليم، داعية إلى وضع قضايا التعليم في الأولويات. مؤكدة التزامهم بتطوير التعليم في السودان ورفعه لمستويات جديدة. متوقعة ألا يستغرق ذلك وقتاً طويلاً.
تدمير المجتمع
كما يشير مدير المركز القومي للمناهج د. عمر القراي الى المضي قدماً لتغيير المناهج رغم اللغط والجدل الكثيف حول استبعاد الدين عن المنهج. وقال لا نريد إخراج الدين عن المنهج، بل نريد أن نجعل مقرراتنا المدرسية أكثر لطفاً. وأن النظام البائد تعمد تدمير المجتمع من خلال المناهج التي تفتقر للكثير من المعلومات، لافتاً إلى أن أبنائنا لا يعرفون شيئاً عن مناطقهم والدول المجاورة لهم، مشيراً إلى التصدي للتحديات الكبيرة التي تواجه التعليم خاصة تغيير المناهج. وقال لدينا مشكلة في التسامح والتعايش رغم التنوع في البلاد، وأضاف قائلاً نعمل الآن على التعليم المدني في المدارس الابتدائية والاهتمام بالتربية البدنية واستخدام النهج التفاعلي والتدريب والاعتماد على الأنشطة الصفية داخل وخارج الفصل لتحفيز الطلاب واتباع أساليب مختلقة للتعليم واعتماد تقييم المعلم والطالب واعتماد مبدأ الرقابة. مشيراً إلى الاهتمام بالتعليم الفني. فضلاً عن الاهتمام بالفنون الجميلة والموسيقى لترقية الروح والإحساس لدى الطلاب وتطوير التفكير الشخصي.
من جانبه، قال ممثل الاتحاد الأوروبي فان دين دول، إن التعليم في السودان يواجه تحديات كبيرة وأن هناك أكثر من ثلاثة ملايين طفل خارج المدرسة، داعياً الدولة الى زيادة الإنفاق الحكومي على التعليم، وأن الاتحاد الأوروبي سيعزز وجوده لدعم التعليم الفني والتقني .
القتل العمد
بينما كشف الأمين العام لمجلس رعاية الطفولة د.عثمان شيبة عن وجود 22 طفلاً يواجهون بالمادة 130 (القتل العمد) بمنطقة الضعين نتيجة الدمار الذي حدث في السودان طيلة الثلاثون عاماً الماضية. ووصف شيبة ذلك بالمؤشر الخطير. مشيراً لنتائج دراسة حديثة قام بها المجلس مع الاتحاد الأفريقي والشركاء الحكوميين في القطاعات المختلفة عن أثر الجوع (سوء التغذية) على الأطفال سيتم نشرها منتصف فبراير القادم، حيث أشارت الدراسة الى وجود أكثر من مليون طفل يعانون من مشكلة القزم، واعتبره شيبة رقماً مزعجاً. كما أوضحت الدراسة بين كل 10 أطفال يوجد 3 أطفال لم يصلوا الصف الرابع بسبب سوء التغذية، و37% من وفيات الأطفال أقل من 5 سنوات سببها الرئيس سوء التغذية. وأشارت الدراسة أن 55% من الأطفال في عمر التعليم قبل المدرسي خارج النظام التعليمي. وقال شيبة خلال حديثه في مؤتمر السودان الدولي للتعليم تحت شعار (الطريق إلى الأمام) قال إن الدراسات تشير إلى 64% من الأطفال في المدارس يتعرضون لشكل من أشكال العنف البدني واللفظي، وأن 31% من الأطفال في عمر التعليم قبل المدرسي يتعرضون لأسوأ شكل من أشكال العنف وهو بتر وتشويه الأعضاء التناسلية للطفلات. وأشار الأمين العام أن 38% من جملة الزيجات للبنات في السودان أقل من 18 سنة. و32% منهن يتركن الدراسة بسبب الزواج. لافتاً الى أن المشكلة في السودان ليس موارد كما ادعى النظام البائد، بل نقص في الأخلاق التي تجعله يستخدم الموارد بصورة سليمة. داعياً الحكومة الانتقالية الى أخذ هذه المؤشرات بجدية. وبشر شيبة بأن ميزانية 2020م بها مؤشرات ممتازة وزيادة كبيرة في الصرف على الصحة والتعليم والتغذية والرعاية الاجتماعية.
نقل تجارب
وقال استشاري البنك الدولي وعضو اللجنة المنظمة للمؤتمر أيمن مسمار، إن الفكرة من قيام المؤتمر الدولي للتعليم بالسودان بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي واليونسف تحت إشراف وزارة التربية والتعليم وبمشاركة متخذي القرار بالولايات والمركز للوقوف على التجارب الدولية من خلال تقديم أوراق عمل في مجالات الطفولة المبكرة وتمويل التعليم وبناء القدرات المؤسسية لمدراء المدارس، الى جانب تدريب المعلمين وإعادة صياغة وتصميم المناهج وقياس التعليم الفني وسوق العمل، فضلاً عن نقل ملامح من تجربة شنغهاي في التعليم، وأيضاً تكنولوجيا التعليم والاستفادة في نشر التعليم والمناهج. وقال إن الأوراق تم تقديمها بواسطة خبراء في التعليم، وقال إن السودان يمر بمرحلة مهمة في صياغة العملية التعليمية، وأشار الى وجود مشروع ممول من الشراكة الدولية للتعليم الآن تمت الموافقة على 11مليون دولار يتم تخصيصها للمكون المحلي الخاص بالمنح المدرسية، وهو عبارة عن مبلغ من المال يخصص لكافة المدارس الحكومية في السودان كميزانية تساعد في عملية التسيير للمدارس وهي جزء من المقترح العام للمشروع المقدر قيمته
72 مليون دولار تحت إشراف البنك الدولي وتنفيذ وزارة التعليم الاتحادية والتنسيق بواسطة منظمة اليونسف وهو جزء من مجموعة المساهمات لعدد من المنظمات تعمل في قطاعات مختلفة في المفوضية السامية لحقوق اللاجئين تستهدف الأطفال اللاجئين والمجتمعات المضيفة. وقال إن وزارة المالية أكدت توفير ميزانية بنسبة 59% ضمن موازنة العام الحالي لصالح دعم التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، ونتوقع مساهمات من البنك الأفريقي للتنمية والصناديق العربية لدعم الحكومية الانتقالية.
تدخلات سياسية
وقال مدير عام وزارة التربية بولاية جنوب دارفور الهادي عبد الرحمن إن التحديات الرئيسة التي تواجه البلاد في مجال تشييد وبناء المدارس عدم توفر التمويل اللازم للبناء وتحديد أولويات الصرف والتوسع غير المدروس في فتح المدارس خارج المسح التربوي بالإضافة للتدخلات السياسية الى جانب عدم مطابقة بناء المدارس للمواصفات والخريطة الموحدة وفق المسح التربوي لتلبية حاجات ذوي الاحتياجات الخاصة، لافتاً الى الحاجة الى عدد 4 آلاف مدرسة غير مبنية، وأشار الى ارتفاع أسعار مواد البناء بسبب التضخم وضعف الإشراف الفني وتوفير التمويل اللازم من كل الشركاء لبناء المدارس، وأكد على ضرورة تقوية وتحديث قاعدة البيانات التربوية التي تعين على التخطيط السليم واتخاذ القرارات وتوفير الدعم الفني للاستخدام الأمثل للمواد المحلية للبناء (طوب, حجر, طين .. والاهتمام بجودة البيئة التعليمية المؤدية لزيادة الاستيعاب والاحتفاظ وفك الاكتظاظ وتغيير سياسة مسؤولية بناء المدارس من المحليات إلى حكومات الولايات ومنح الوحدات الهندسية بوزارات التربية الولائية الصلاحية الكاملة في الإشراف والمتابعة للأبنية المدرسية
وأضاف لابد من تخصيص 30% من مال التنمية الولائي للإنفاق على بناء وتأهيل المدارس بالإضافة للدعم الاتحادي وإحكام التنسيق بين الشركاء والوزارة للاستفادة من الدعم للوصول إلى المناطق الأكثر حاجة بعيداً عن التدخلات السياسية وأهمية تطبيق سياسة السلم التعليمي الجديد 6. 3 . 3 التي تتطلب استقطاب موارد إضافية واستنهاض الدعم الشعبي، لافتاً الى زيادة الاعتمادات المالية الولائية من خلال إنشاء صندوق لدعم التعليم بالولايات واعتماد إلزامية ومجانية التعليم حسب السلم الجديد واستخدام نظام الدوامين لحل إشكال المباني اعتماد البناء الرأسي في مدارس المدن الكبيرة وأن تكون هناك خيارات لبناء المدارس حسب حاجات وبيئات الولايات مع رفع قدرات الكوادر الإدارية التي تنفذ هذه السياسات وخلق مجموعات ضغط من كيانات المجتمع ووسائل الإعلام لمتابعة تنفيذ هذه السياسات وتقييمها.

The post قطاع التعليم.. الدخول في غرفة (الإنعاش)! appeared first on الانتباهة أون لاين.

Exit mobile version