تؤذيني عبارة (كسير التلج) التي انتشرت في مجتمعنا السوداني كالنار في الهشيم معطلة قيمة إيمانية مركوزة في أدبنا وخلقنا الإسلامي وزاجرة من يشكر مستحقي الثناء والتقريظ، ووددت لو سحبنا هذه العبارة ذات التأثير السالب على المجتمع لأنها باتت تُكبل بل تُحرج من يفعل ذلك وتضطره إلى الاعتذار إلى من يخاطبهم قبل أن يُقدم عليها.
هي تشبه عبارة (اتق شر من أحسنت إليه) والتي تقتل المروءة بين الناس وتنفرهم من قيمة الإحسان بالرغم من التوجيه القرآني الكريم (وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) .
عبارات شيطانية تفعل فعلها القبيح في المجتمع لتخرب أخلاقه وتفتك بفعل الخير والحض عليه.
وددت لو تواصى الكُتّاب جميعاً على شن حملة ضارية على عبارة (اتق شر من أحسنت إليه) وعبارة (كسير التلج) حتى تنفى من التداول إلى مزبلة التاريخ.
تأتي هذه العبارة (كسير التلج) مناقضة تماماً لقيم إسلامية راسخة منها الحديث الشريف (من لم يشكر الناس لم يشكر الله) .
أقول هذا مشجعاً ومقرظاً الجهد الكبير الذي يبذله رئيس الوزراء معتز موسى وساعده الأيمن د.محمد خير الزبير محافظ بنك السودان في (استعدال) مسيرة الاقتصاد خلال الأشهر الماضية والذي فعل ببلادنا وبالمواطنين الأفاعيل.
لن أخذل رئيس الوزراء معتز موسى خوفاً من وصف حديثي بأنه (تكسير تلج) وأنا أراه متحركاً بهمة شاب طامح إلى الإنجاز وإلى المجد والسؤدد ومتفاعلاً مع آلام وآمال مواطنيه، فبمثلما كنا نسلق المقصرين بألسنة حداد وهم يحرموننا من سحب أموالنا المودعة في البنوك ويرهقونا بصفوف الوقود والغاز ورغيف الخبز ويذيقونا من صنوف قهر التضخم والغلاء الطاحن صنوفاً وألواناً ها نحن نقول لمعتز أحسنت وأنت تزرع الأمل بعد أن خبا والبشر بعد أن انزوى وهكذا هي السياسة القائمة على قيم العدل والقسط ، لا تعارض إلا بحق ولا تطفف ولا تخسر الميزان ولا تبخس المحسن إحسانه بل شجعه وناصحه وقومه.
أعجبتني حركته الدؤوب وتفاعله مع المواطنين من خلال الوسائط الحديثة وتغريداته عبر تويتر والتي باتت تملأ الأسافير وردوده التي تلاحق المنتقدين والمتشككين بلغة لا تستفز أحداً بل توضح وتبيّن ثم تطلب النصح في تواضع وأدب جم.
رصدت ردود الفعل بعد أن خاطب المجلس الوطني بصفته وزيراً للمالية ليس باستنطاق الموالين من حزبه إنما الآخرين بمن فيهم المعارضون ولم أجد من لم يعبر عن إعجابه بإحاطته بملف المالية وكان أكثر ما بهر الناس إجاباته المقنعة عن الأسئلة فقد أوتي فصاحة وقدرة على البيان وشجاعة أدبية تجعله لا يتلجلج أو يرتج عليه.
إنني لأرجو من رئيس الجمهورية أن يطلق يده ويمنحه تفويضاً كاملاً لتكسير مراكز القوى التي لا أشعر بأدنى حرج في أن أسميها بالقطط السمان الحقيقية وأعني بها الشركات الحكومية التي ظلت تفعل ما تشاء متحدية شعار ولاية المالية على المال العام وخارجة على سلطانها تجنيباً للمال العام وخروجاً على الأجهزة الرقابية بما فيها المراجع العام بل والمجلس الوطني الأمر الذي جعلها تنشئ إمبراطورية من المؤسسات والمباني التي كلفت ربما مليارات الدولارات لو كانت تحت سلطة أو خزانة الحكومة أو وزارة المالية لما حدث العجز التجاري والعجز في ميزان المدفوعات بل أن تلك الإمبراطوريات حطمت القطاع الخاص الذي نافسته حتى في الانشطة الصغيرة مثل شركات الليموزين والدلالات!
لا مجال للقطاع الخاص ما لم تكبح سطوة هذه الأجهزة ويقصر نشاطها على واجباتها المعلومة.
هناك مجالات مثل التصنيع الحربي يحق لها أن تستثنى أما غيرها فلا بديل غير كبح جماحها حتى يستعدل الاقتصاد وتزال التشوهات التي كبلته عن الانطلاق.