اخبار السودان لحظة بلحظة

طه النعمان يكتب: مطالب ظالمة ومُغرِضة !

٭ حملات متواصلة من النقد والمطالبات تتعرض لها الحكومة الانتقالية، وفي شقها المدني بوجه خاص.. بعضها ظالم حافزه الجهل بحقائق الواقع الموروث الذي تواجهه حكومة الثورة وسقف التوقعات الشعبية المرتفع الذي أفرزته شعارات الثورة ودعاية بعض الناشطين الحماسية.. وبعضها الآخر ظالم مُمنهج ومُغرض في آن معاً، دافعه العداء والأحلام الإخوانية المجهضة في الديمومة والتأبيد لنظامهم المستبد والفاسد، فلا أقل من أن يناصبوا الثورة العداء وتصيُّد الهفوات والأخطاء التي عادة ما تصاحب التطبيق، لتصوير أعضاء الحكومة والناشطين الذين يشكلون حاضنتها وأعمالهم وقراراتهم بأبشع الصور والأوصاف، لخلق مناخ وحراك شعبي موهوم معادٍ، تمهيداً لردة تراود رغائبهم اللعينة.
٭ المطالبات في شقها البريء، الذي يحركه الجهل بحقائق الواقع المأزوم والموروث من نظام الإخوان المتأسلمين، هي من حيث المبدأ مطالب مستحقة لشعب عانى الأمرين لعقود متطاولة.. إذا ما أخذنا في الحسبان أواخر العهد المايوي وما خلفه من أزمات طاحنة امتدت بآثارها أيضاً إلى سنوات الحكم الديمقراطي القصيرة، قبل أن تقفز “الجبهة” بعسكرها إلى السلطة عام 1989 لتؤسس وتمكن لحكمها المستبد الظالم الذي امتد لثلاثين سنة حسوما.
٭ كان لابد لهذا الشعب، الذي لم يجد سبيلاً إلى الراحة طوال تلك العهود، أن يتطلع للانعتاق من نير تلك الأزمات المتلاحقة-المتراكبة .. أزمات الحصول على الخبز والوقود والغلاء المتصاعد كل يوم مع جفاف الخزينة الخاوية، أزمات المواصلات والطرق والبنى التحتية المهترئة أو المعدومة، والدواء والمستشفيات المتردية.. أزمات في كل ما يحتاجه الناس لحياة آمنة مطمئنة.
٭ لكن مع كل هذا الواقع، واقع التركة الإنقاذية المتراكمة، خراباً وتدميراً ونهباً وفساداً طال كل مرفق من مرافق الدولة والحياة وامتد كذلك إلى إفساد شريحة مقدرة من الشعب ذاته، عملاً بالمثل القائل “الناس على دين ملوكهم”.. فإن غمار المواطنين في كدحهم اليومي للحصول على كل تلك الاحتياجات المأزومة وضغطها على أعصابهم وأمزجتهم ينسون حقائق هذا الواقع الموروث، التي لا سبيل إلى تخطيها أو معالجتها بين يوم وليلة أو حتى خلال شهور معدودات.. فيصدعون بالشكوى المرة والنقد المرير عبر وسائط التواصل الاجتماعي، التي غدت منتدىً عاماً مفتوحأ يغشاه الجميع ليفضي بما انطوت عليه نفسه، مع كثير من التجاوز والعنف اللفظي أحيانا.
٭ وإذا كان هناك من تقصير يحسب على الحكومة أو لوم يوجه لها، فهو عندي، يتمحور في عدم مكاشفة الناس ومواجهتهم بحقائق الأوضاع من واقع “التركة الكارثية” التي ورثوها وبالأرقام الموثقة، والتي لا يمكن تجاوزها بين يوم وليلة في بلد معزول عن العالم ومحجوب عن مساعدته، بحكم جرائم وتصرفات النظام الساقط.. حتى يقدر الناس الأمور حق قدرها.. وليشاركوهم في اجتراح الحلول المنقذة من ضلال “الإنقاذ” وإحنه و دولته العميقة.. فبهذا سيكون الناس- عامة الناس- على بينة وشركاء في الحلول المطلوبة مثلما كانوا ضحايا للأزمات والمشاكل.
٭ وكما تتعرض الحكومة للنقد البرئ وذلك الهدام المُمنهج المُغرض، فهي تواجه أيضاً أصواتاً مخلصة تصدر عن معرفة وخبرة تحاول مساعدة الحكومة بلفتها إلى مواقع القصور وإمكانية الإصلاح، للانطلاق لأفضل ما يمكن إنجازه خلال هذه الفترة الانتقالية القصيرة والمحدودة، حتى تتهيأ البلاد لتحول ديمقراطي سلس ومنتج.
٭ ومن أهم ما يجب لفت نظر رئيس الوزراء حمدوك إليه، هو إعادة النظر في الطاقم الاستشاري (السياسي والإداري والإعلامي) المحيط به اليوم قبل الغد .. فقد كثرت الملاحظات السالبة على أداء ذلك الطاقم الذي معظمه من الهواة، بينما البلاد ملأى بالمخلصين ممن هم على مستوىً عالٍ من الخبرة والتأهيل، القادرون على تشكيل ر افعة مهمة وسنداً فاعلاً لجهود الحكومة الانتقالية لإنجاز مهام وتكاليف المرحلة على أفضل الوجوه.. فهلّا فعل؟

 

 

 

 

 

 

صحيفة أخر لحظة

اترك رد