حوار: سناء الباقر
مازالت مفاوضات السلام في جوبا مستمرة رغم ما شاب بعض مساراتها من عراقيل أحياناً من قبل الجبهة الثورية، وأخرى من قبل بعض مكوناتها، وتارة بينها والحكومة الطرف الأساسي في التفاوض .
(الإنتباهة) التقت الناطق باسم الجبهة الثورية أسامة سعيد، واستنطقته حول مسار التفاوض والملفات التي تم الاتفاق حولها وبعضها الآخر الذي ما زال التفاوض حوله مستمراً والمدى الزمني الموضوع للوصول لسلام، وبعض القضايا الأخرىـ فالى مضابط الحوار:
] كيف تقيمون الوضع السياسي الراهن؟
المشهد تشوبه الضبابية وعدم وضوح الرؤية. فالمشهد الآن مرتبك، ونحن نُعزي هذا الارتباك لعدم الالتزام الصارم فيما ورد بإعلان الحرية والتغيير، ذلك الإعلان الأساسي والذي انطلقت بموجبه الثورة وعملية التغيير. والتقاعس في تنفيذ مهام الفترة الانتقالية هو أحد أسباب إرباك المشهد. مثلاً من المهام الرئيسة كان المفترض أن تبدأ بشكل متسارع لتصفية أركان دولة التمكين عبر برامج وقوانين محددة وموضوعة ليتم إفساح المجال لتعمل الحكومة بسلاسة وتنطلق لتحقيق بقية الأهداف. هذا لم يحدث وحدث فيه تقاعس كبير. ونرى تجذر النظام في الخدمة المدنية وغيرها من مؤسسات الدولة لوضع العراقيل أمامها، والتقاعس الأكبر كان في تحقيق السلام ونحن نقول بوضوح إن عملية السلام وتحقيقه ليست أولوية لبعض قوى الحرية والتغيير، وهذا توصلنا له بعد تجربة مع زملائنا في الحرية وشهدنا أن مسألة السلام تتم فيها المراوغة ووضع العراقيل أمامها. أيضاً التقاعس الأكبر في وضع البرامج والسياسات الاقتصادية الواضجة للنهوض بالاقتصاد وتحسين معاش الناس ومحاربة الغلاء والتهريب وغيرها من الظواهر المؤثرة على الاقتصاد. وأتيحت الفرصة لهذا التراخي بأن يجد أعوان النظام والتجار ضعاف النفوس والمتلاعبين بالعملة، فالمناخ مؤاتٍ لتخريب الاقتصاد وضربه وضرب معاش الناس وكل هذه الأسباب والتراخي في التنفيذ أدى لإرباك المشهد السياسي، والذي تحفه غيوم داكنة. ونرى للخروج من هذا المشهد المربك، يجب الإسراع في التوصل لسلام عادل وشامل بموجبه تتم إعادة رسم الخارطة من جديد وتشكيل مؤسسات الفترة الانتقالية وإشراك القوى الثورية نفسها في إدارة دفة البلاد والمطبخ السياسي، لوضع السياسات وتنفيذ أهداف الثورة من حرية.. سلام وعدالة.
] مدى جدية الأطراف المختلفة في التفاوض للوصول لسلام عاجل ؟
منذ البداية توصلنا الى إعلان جوبا في الحادي عشر من سبتمبر من العام الماضي وفي تيم الحكومة وجدنا شركاء متمثلين في المجلس السيادي ومجلس الوزراء الوفد الحكومي برئاسة حميدتي قادر وراغب في المضي قدماً لتحقيق السلام، وتلمسنا هذه الإرادة عبر ما توصلنا له من إرادات في وقت وجيز. على سبيل المثال توصلنا في إعلان جوبا لجملة من القضايا في مقدمتها على سبيل المثال الاتفاق على توصيل المساعدات الإنسانية وكذلك تنفيذ الكثير من الإجراءات التمهيدية لبناء الثقة منها إطلاق سراح الأسرى وغيرها. وهذه القضايا كنا نتوقف فيها سنينا مع النظام البائد من خلال المفاوضات، لكن تم التوصل فيها لمفاهمات بسرعة وهذا يدل على أن التيم الذي يفاوضنا الآن لديه الرغبة ولديه العزيمة لتحقيق السلام..
] كيف تسير المفاوضات؟
تسير بشكل جيد في بعض المسارات كمسار الوسط الذي تم التوقيع عليه ومسار المنطقتين وهناك تعثر في بعضها.. مسار دارفور أيضاً يسير بشكل جيد، لكن فيه بطء وهناك مسارات أخرى متعسرة كمسار الشرق. لكن نحن في الجبهة الثورية وفي الوساطة والحكومة عازمون على تحقيق السلام في الموعد المضروب في إعلان جوبا وهو الرابع عشر من فبراير القادم .
] مسار الشرق أصابته بعض العثرات؟
مسار الشرق هو أحد المسارات المنصوص عليها في إعلان جوبا، ونحن في مؤتمر البجة المعارض وزملاؤنا في الجبهة الثورية فصائل فيها وأن التفاوض أصلاً باسم الجبهة الثورية لإزالة عملية التهميش في كل السودان ابتدعت هذه المسارات وكل مسار تقوده فصائل الثورية. مسار الشرق حصلت فيه بعض الملابسات مما أدى الى تعثره، وهو اعتراض بعض الإدارة الأهلية وبعض التنظيمات السياسية في الشرق التي كانت جزءاً من النظام السابق حتى سقوطه، هذه وضعت بعض العراقيل ووضعت بعض الاشتراطات أمام المسار، ومن ضمنها عقد مؤتمر تشاوري قبلنا برفع التفاوض لمدة ثلاثة أسابيع لعقد المؤتمر لاستصحاب توصيات الولايات الشرقية وفعلاً انعقد في 14 و15 من يناير الجاري وخرج بمخرجات أهمها أن المؤتمر التشاوري بارك مسار جوبا وتم رفد المسار بتوصيات المشاركين في المؤتمر..
] لكن هناك مقاطعين من هم أصحاب الدعوة لهذا المؤتمر؟
نعم.. هناك مقاطعين للمؤتمر ونحن نقول الى الآن أبوابنا مُشرعة لاستصحاب كل آراء الرافضين وغير الراغبين نقول إن المسار لمناقشة قضايا شرق السودان من شلاتين الى الخيالي، الآن مشرعة، الوساطة والحكومة جادين لتحريك عجلة التفاوض للوصول لاتفاق في مسار الشرق قبل انقضاء المدة المضروبة في إعلان جوبا. فالترتيبات تسير الآن بتسارع.
] متى تتواصل مناقشات مسار الشرق ؟
نحن الآن موجودون في جوبا للترتيب لانطلاق المفاوضات وعقدنا جلسات مع الوفد الحكومي بحضور الوساطة واتفقنا على جملة من القضايا من ضمنها انطلاق المسار في الأيام القليلة القادمة، ونحن الآن بصدد الترتيب لحضور بقية وفدنا المفاوض من السودان لانطلاق المسار وهذا ما أعلنته لنا الوساطة وما قبلناه نحن الآن في الترتيبات الإجرائية لانطلاق التفاوض.
] كيف هو موقف الحكومة والوساطة من مسار الشرق؟
سبق وأن أعلنا موقفنا التفاوضي في الجلسة الافتتاحية وتم تسليمه للحكومة والوساطة. نحن نعلم أن الحكومة الآن تدرس هذا الموقف التفاوضي للرد عليه للجلسات المفتوحة للنقاش حول القضايا المختلف حولها.
] موقفكم من مؤتمر الشرق الذي تم عقده لم يكن واضحاً؟
تمت إقامته للإدارة الأهلية وقد استجبنا له إلا أن لدينا فلسفة ورؤية مختلفة مما تم عمله في يومي 14 و15 من هذا الشهر, ونحن في موقفنا التفاوضي لدينا مؤتمر أسميناه مؤتمر الشرق الجامع وتوصيفنا له أن يكون لاستكمال اتفاق السلام الذي نتوصل إليه في جوبا عبر مسار الشرق حيث يتم استكماله بمؤتمر لاحق بعد الاتفاق في السودان لكي نستصحب فيه القضايا التي لم تطرح وكيف يحكم شرق السودان وهي قضايا كبرى يجب أن يشترك فيها كل الفاعلين في المشهد السياسي في السودان وفي الشرق من شلاتين للخيالي، لذلك وضعنا في اعتبارنا عقد مؤتمر جامع لأهل الشرق لمناقشة القضايا التي لم تتم مناقشتها في التفاوض وكل مخرجات المؤتمر فيما دون ما اتفق عليه، تكون مُلزمة للحكومة كنا نريد للمؤتمر اللاحق أن يكون استكمالاً للاتفاق، لكن بعضاً من الإدارة الأهلية طلبوا عقد المؤتمر قبل ذلك، ومن المدهش والمحير أن من دعوا لهذا المؤتمر هم من قاطعوه وهذا ما لم نفهمه حقاً.
] تغريدات مناوي توحي أن هناك خلافات داخل الثورية؟
هذا غير صحيح.. مناوي نائب رئيس الجبهة الثورية ونحن كجبهة ثورية الآن في أحسن حالاتنا التنظيمية، ولأول مرة تتاح لنا الفرصة لأن نكون كلنا موجودون في مكان واحد في جوبا نجتمع بشكل يومي للعمل التفاوضي والتنظيمي ونعكف على تطوير فكرة الجبهة الثورية لإنتاج الكتلة الانتخابية الكبرى لأهل الهامش. نحن نفكر فيما بعد الفترة الانتقالية، وعاكفون على تكوين كتلة تاريخية كبيرة من أهل الهامش.
] اتهام حركة العدل والمساواة لحركة تحرير السودان بأنها تعمل علي نسف المفاوضات كيف ترى ذلك؟
هذا كلام غير صحيح.. ولم أسمع بهذا الاتهام والمفاوضات تسير بشكل جيد والمسارات تعمل كذلك بشكل جيد ومسار دارفور الذي يجمع الحركتين يسير بشكل جيد وهذه إشاعات مغرضة بعيدة عن الصحة تماماً
] هناك آراء داخل قوى الحرية والتغيير تطالب بتشكيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة قبل تحقيق السلام ؟
الذي بيننا وبين الحكومة السودانية هو ما تم التوقيع عليه من اتفاقيات وفي مقدمته إعلان جوبا الذي نص على إرجاء تعيين الولاة وتشكيل التشريعي الى ما بعد السلام. نحن متمسكون بالالتزام بهذا النص ولم نسمع من الطرف الذي يفاوضنا وهو الحكومة الرسمية السيادي والوزراء إنهم يريدون الإخلال بهذا البند قبل السلام، نسمع ذلك من قوى الحرية والتغيير ونقول لهم يجب أن يصمتوا ولا يشوشوا على عملية السلام ولا يضعوا العراقيل أمامها، وليس هنالك عجلة او ضرورة للقيام بتشكيل التشريعي او تعيين الولاة.
] الستة أشهر التي تم تحديدها لتحقيق السلام أوشكت علي الانقضاء دون تحقيقه؟
نعم.. السلام تأخر. الحرية والتغيير لم تكن راغبة في تحقيق السلام حسب وثيقة السلام بأديس أبابا. وهذا التأخير تتحمل مسؤوليته قوى الحرية والتغيير، ونحن اتفقنا معهم على خارطة طريق للوصول لسلام وسمينا وثيقة للسلام لتنفيذها ونكصت قوى التغيير عن هذا العهد وهذا الميثاق وهم يتحملون هذا التأخير، ولكن بعد بداية مفاوضات جوبا فإن الأمور تسير بالوصول لسلام بسرعة وهذا ما اتفقنا عليه في جوبا ومن يضع العراقيل من حين لآخر ويضع ما يؤثر على عملية السلام، هم من قادة الحرية والتغيير وهم من يتحملون وزر هذا التأخير.
] طالبتم بالحكم الذاتي، هل الشرق او أية منطقة أخرى في السودان لديها الإمكانيات في أن تحكم نفسها بنفسها ؟
نحن في تشخيصنا للأزمة السودانية، أنها أزمة حكم. ويجب حلها جذرياً لذلك نرى أن الحكم الذاتي هو أحد نُظم الحكم الذي يتيح لشعوب الأقاليم المتعددة حكم نفسها بنفسها.
وفكرة الحكم الذاتي مطروحة في أكثر من مسار، ونحن في مسار الشرق طرحنا ذلك بوضوح ونطالب بعودة المستوى الإقليمي لمستويات الحكم في السودان، أن تُتاح للأقاليم الحكم الذاتي بسلطات واسعة وتخصيص الموارد لها وتخويل السلطات المركزية فيما دون الدفاع والخارجية كله يكون من اختصاص الإقليم .
] البعض يرى أن هذا المطلب يكرس لانفصال تلك الأقاليم ؟
نظام الحكم الذاتي ليس بوابة للانفصال او تقرير المصير كما يُشاع، هو نظام حكم متبع في كل العالم وهي تجربة حكم تتيح الفرصة لحكومة الإقليم التوسع في السلطات، مما ينعكس إيجاباً على المواطنين في الإقليم في إطار الدولة الواحدة.
] هناك تعتيم علي ملف الترتيبات الأمنية هل بدأ فعلاً هذا الملف، والي أين وصلت المناقشات حوله؟
الترتيبات الأمنية إحدى الملفات الرئيسة في التفاوض، ولكنها تأتي دائماً في آخر المفاوضات بعد التوصل الى تفاهمات في الملف السياسي والاقتصادي وغيرها. ونحن في الجبهة الثورية لدينا فلسفة في أن يكون هناك جيش وطني واحد عقيدته القتالية المحافظة على سيادة وأمن الوطن وكل الجيوش المتعددة الآن في السودان يجب أن تتوافق على ترتيبات أمنية واحدة يتم عبرها إنتاج جيش واحد مهمته الحفاظ على أمن واستقرار البلاد.
] علاقتكم بقوى التغيير ليست علي ما يرام؟
نعم.. ليست على ما يرام ونقولها بوضوح. لكن علاقتنا بإعلان قوى الحرية والتغيير على ما يرام نحن متمسكون بهذا الإعلان، والإعلان المؤسس والمنشئ للثورة نحن من صنعناه، ونحن من وضعناه ومتمسكون به. لكن للأسف الشديد، إخوتنا في قوى الحرية والتغيير هم الذين أربكوا العلاقة.. كانت تربطنا معهم علاقة وثيقة مع كل القوى السياسية داخلها وكنا نتصدر المعارضة السودانية من سنين كثيرة وحاربنا النظام وحاصرناه دولياً بدليل استصدار 61 قراراً من مجلس الأمن نتيجة لجهدنا في الجبهة الثورية وإعلامياً كنا نصارعه صباح مساء ونحن من أوصلناه للبند الخامس الخاص بحقوق الإنسان لكن بعض زملائنا في التغيير تنكروا لهذا الدور وعندما بدأ ظهور غنائم الثورة من وظائف ومناصب، تكالب علينا صغار القامة ونسوا الآخرين الذين بذلوا الجهد والعرق لإنجاح الثورة. علاقتنا بهم علاقة عضوية، لكن الثورية ليس لديها عضوية فاعلة داخل مؤسساتها، ولسنا أعضاء في المجلس المركزي ولا وضع سياساته ولن نخرج من الحرية والتغيير، ولكن بعد أن نأتي بالسلام سنعيد ترتيب وضعها من جديد وإعادة صياغة هياكلها التنظيمية وكل ما تم القيام به في الفترة السابقة لسنا فيه وسنعيد ترتيبه. فالسلام سيجُب ما قبله.
] ملف السلطة الي أين وصلتم فيه خاصة وأن الملف عند الحكومة منذ أيام لدراسته والرد عليكم خلال 72ساعة أعتقد أنها مضت قبل أيام؟
السلطة تأتي في الملف السياسي لكل مسار، وهو ينطلق أساساً من نظام الحكم والوضع الإداري للأقاليم وتتضمن مبادئ نظام الحكم والعدالة وحقوق الإنسان، وهي ملف أساسي ومتفقون مع الحكومة ليتم تشكيل مؤسسات الفترة الانقالية حسب ما يتم التوصل إليه في الاتفاق. والآن نتحدث عن مبادئ أساسية وهي المشاركة في السلطة الانتقالية وإعادة تشكيل هذه المؤسسات من جديد .
] توقيع الاتفاق الإطاري بين الحركة الشعبية شمال بقيادة مالك عقار والحكومة الذي تم بالأمس ؟
تم التوقيع بين الطرفين في القصر الرئاسي بحضور رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت وقد شهد التوقيع عدد كثيف من البعثات الدبلوماسية والاتحاد الأفريقي وألقى سلفا كير كلمة عميقة ومعبرة تتحدث عن العلاقة بين البلدين، قائلاً إن العام 2020 هو عام إسكات البندقية وأن السلام سيكون هو هديتهم لشعبي البلدين. وأكد على أن تفتح البلدان حدودهما للشعبين لتبادل المنافع والتجارة.
أما التوقيع، فقد كان خطوة مهمة ومتقدمة في طريق تحقيق السلام الشامل وتناول الاتفاق كل الجوانب والملفات السياسية والاقتصادية والترتيبات الأمنية، ولم يتبقَ إلا القليل لتوقيع السلام النهائي في هذا المسار، وهو مسار المنطقتين.
] هل هناك خطوات للتوقيع في مسار آخر؟
نعم.. سيشهد غداً (اليوم) التوقيع النهائي في مسار الشمال وقد تم الوصول فيه لاتفاق نهائي. وبهذا يصبح فقط مسار دارفور وهو متقدم جداً وبلغ خطوات كبيرة نحو التوقيع النهائي، وكذلك مسار الشرق الذي ستنطلق مفاوضاته الأسبوع القادم بإذن الله وسيكون السلام الشامل قبل الفترة المحددة له وهي الرابع عشر من فبراير القادم.
The post أسامة سعيد لـ(الانتباهة): علاقتنا مع زملائنا في (قوى التغيير) ليست على ما يرام appeared first on الانتباهة او لاين.