اخبار السودان لحظة بلحظة

تعديلات قانون الجنسية.. هل تنهي معاناة (البدون) في السودان؟

على الرغم من الاعتراضات الواسعة، من قبل نواب برلمانيين وقانونيين أجاز البرلمان يوم الأربعاء الماضي، مشروع تعديلات في قانون الجنسية السودانية بمرحلة العرض الأخير. تلك التعديلات التي أقدمت عليها وزارتي الداخلية والعدل بعد كسب شريحة (البدون) ذوي الأصول الجنوب سودانية طعون لدى المحكمة الدستورية للحصول على الجنسية السودانية.

وبعد تمرير البرلمان بالأغلبية مشروع التعديلات، أثار الكثيرون تساؤلات بشأن إمكانية حصول شريحة البدون على الجنسية السودانية بموجب القانون الجديد. فقد ذهبت مجمل الآراء إلى أن قضية البدون ستظل باقية خاصة وأن التعديل القانوني يشترط إثبات طالب الجنسية بأن أصوله في السودان تعود إلى العام 1925م، وهو أمر أعتبره مهتمون تعجيزياً ومستحيلاً. ولكن وزارة الداخلية أكدت أن التعديلات تحمل نوعاً من الضبط حتى لا يحصل “كل من هب دب” على الجنسية السودانية.

وقد شمل مشروع تعديلات قانون الجنسية التي تمت إجازتها المادة 4/4 التي قضت بأن يكون الشخص الذي يولد بالسودان لأبوين سودانيين بالتجنس ومتوطنين بالسودان سودانياً بالميلاد إذا كان الأبوان قد حصلا على الجنسية السودانيةِ. كما طال التعديل المادة 10/2/1 التي نصت بأنه دون الإخلال بالمادة 4/3 تسقط الجنسية تلقائياً إذا اكتسب الشخص حكماً أو قانوناً جنسية دولة جنوب السودان، وجوزت الفقرة (ب) لوزير الداخلية استثناء أي شخص من هذه الأحكام المنصوصة في البند (أ) إذا ثبت له أن أصول ذلك الشخص متوطنين بالسودان في أول أو قبل الأول من يناير 1924م، وذلك لمعالجة إشكالات ذوي الإثبات الجنوبية المتوطنين بالسودان منذ أمد طويل “البدون”.

وقال القيادي بحزب المؤتمر الشعبي والقانوني كمال عمر عبد السلام، إن مشروع التعديل الذي أجازه البرلمان يحمل فلسفة عدائية قديمة لتيار الانفصال داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم تجاه مواطني دولة جنوب السودان، لافتاً إلى أن التعديل فيه اقصاء واضح ولن يعالج قضية البدون مطلقاً ويبعد مشاعر الوحدة بين البلدين، فضلاً عن أنه يكرّس لمفهوم الدولة القطرية.

وأضاف عمر خلال تصريحات لـ(الأخبار) “القانون يحرم سكان سودانيين أصليين من حقهم في الحصول على الجنسية، وهو بذلك يخالف الدستور وكل المواثيق الدولية” وتابع “نحرم مواطني جنوب السودان من الجنسية المزدوجة، في حين يوجد من يشغلون مناصب في الدولة وهم يحملون جنسيات غربية”.

وناشد القيادي بالشعبي رئيس الجمهورية بعدم التوقيع على مشروع التعديلات لأنه معيب وملئ بالأخطاء القانونية والدستورية، وقال “إذا وقع رئيس الجمهورية القانون سنتقدم عبر آلياتنا المختلفة بطعن لدي المحكمة الدستورية لإبطاله”، وأضاف “اتفقنا في الحوار الوطني على أن تجاز القوانين بالتوافق داخل البرلمان ولكن المؤتمر الوطني يمضي دون اكتراث في تمرير القوانين بالأغلبية الميكانيكية.

من جانبه، اعتبر المحامي المهتم بقضايا البدون في السودان، محمد عبد الجليل إن التعديلات التي أدخلت في المادة 10/2 بقانون الجنسية السودانية ربما تعالج قضايا فردية وبالتحديد قضية عادل برعي، حفيد عبد اللطيف الماظ والذي استمرت قضيته في المحاكم لما يقارب الـ4 سنوات، وقال إن المشرع للقوانين ينبغي أن يراعي العمومية والتجرد في سن القوانين وليس الفرديات.

وأوضح عبد الجليل، خلال تصريح للصحيفة أن الفقرة 2 من المادة 10 أعطت وزير الداخلية سلطة منح الجنسية للذين تعود إقامتهم بالسودان منذ العام 1924، ولكن الجنسية ليست عطية تمنح وإنما حق مكتسب بموجب الدستور والمواثيق الدولية.

وقال: “القانون بوضعه السابق كان جيداً ولكن به أخطاء في الممارسة، حيث كنا نستند على المادة ¾ التي تجوز منح الجنسية لكل شخص أمه سودانية، إلا أن وزارة الداخلية تستخدم المادة 10 التي تنص على إسقاط الجنسية السودانية عن كل شخص اكتسب جنسية جنوب السودان حقيقة أو حكماً، وتمارس تمييز ضد الأب الجنوب سوداني تحديداً.

وكان النائب البرلماني عن حزب المؤتمر الشعبي يوسف لبس، انتقد ما أسماه تمييز مواطني جنوب السودان في الوقت الذي يسعون إلى عودة الجنوب مجدداً للدولة الأم، وقال: “لا ينبغي تعقيد إجراءات الجنسية والعالم يسابق لزيادة قوتها البشرية بمنح الجنسية بيسر”.

فيما اعتبرت النائبة عن المؤتمر الوطني، سامية حسن سيد أحمد، أن المشروع يخالف الدستور لكونه اشترط منح الجنسية بالميلاد حصول الأبوين الجنسية السودانية بالتجنس، وأن الدستور ينص على حصول ألأحد الوالدين الجنسية السودانية.

وأجمع نواب على أن تحديد العام 1924 لأصول الشخص بالسودان للحصول على الجنسية شرط صعب ويصعب إثباته، واقترحوا أن تكون عام 1956 كأسوأ الفروض.

ولكن وزير الداخلية أحمد بلال، دافع بشدة عن التعديلات، لافتاً إلى أنها وسعت فرص المستحقين من دول جنوب السودان للحصول على الجنسية السودانية، وقال إن السودان به 2 مليون لاجئ، ولا بد من الضبط، وأضاف: “إذا تركت الإجراءات عادية سيحصل على الجنسية كل من هب ودب”.

كما أوضح رئيس البرلمان أحمد عمر خلال حديث في جلسة إجازة مشروع التعديل، أن النصوص التي تقضي بإسقاط الجنسية السودانية عن مواطني دولة جنوب السودان قديمة منذ الانفصال، وجاء مشروع التعديل الحالي ليوسع من الوضع السابق بنصه على منح وزير الداخلية سلطة إعطاء الجنسية إذا ثبت أن طالبها تعود إقامته بالسودان منذ العام 1924م.

تقرير: مرتضى أحمد

الخرطوم: (صحيفة الأخبار)

 

 

 

اترك رد