٭روى لي أحد أصدقائي أن مذيعة سألت الرئيس الروسي في لقاء صحفي عن موقف طريف مر به .. أجابها بوتين وبشيء من الصرامة أنه ليس في سيرك حتى يكون لديه موقفاً طريفاً .. بوتين صاحب خبرة كيف ورجل دقيق جداً .. كما أنه رجل مخابرات من الدرجة الأولى.
٭تذكرت ذلك مع الحديث الكثيف حول اللقاء التلفزيوني الذي اجرى مع رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك .. والجدل الذي دار حول اختلاف الحوار التلفزيوني وعند إعادته في الإذاعة السودانية .. بعيداً عن ما دار في اللقاء وتفاصيله خاصة الاقتصادية منها فإنه ثمة ملاحظات من الضرورة الإشارة إليها.
٭ خاصة إذا ما قارنا بين أول حوار لحمدوك عقب تعيينه وحوار أمس الأول .. ظهور حمدوك مهم جداً وله دلالات كبيرة .. وقد يؤثر في ارتفاع أو هبوط الدولار .. فهو الرجل التنفيذي الأول وحديثه يوزن بالذهب .. بالتالي فإن أي ظهور لحمدوك يتطلب الاستعداد المبكر والترتيب للقاء .. خاصة وأن الحوار حظى بترويج كثيف.
٭الترتيب يكون في كل شئ .. بدءاً من الملفات التي يتوقع تناولها .. هذا حال لم يطلع على الأسئلة مسبقاً .. وحتى (الهندام) من بدلة وقميص .. وبين الاثنين ، يتم التقاط إشارات أثناء حديثه .. وهنا تكون لغة الجسد حاضرة وبشكل كبير.
٭ معلوم أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما مشهور بأنه يستعمل العديد من الوقفات بين جملة وأخرى أثناء حديثه .. وهذه من الأمور الذكية التي يفعلها لكي يجعل الجمهور يفهم كل كلامه .. وهذه مسألة مهمة خاصة مع الانتشار الكثيف لوسائل التواصل الاجتماعي .. والتي تتداول مقاطع من أي حوار مع أي مسؤول.
٭وهذه المقاطع يتم استخدامها لصالح المسؤول أو دليل إدانة له .. وكذلك يشتهر أوباما بأنه يتجنب تحريك يديه كثيراً أثناء خطاباته أو مقابلاته الصحفية .. قد يقول قائل إن المقارنة غير دقيقة .. لكن القصد لغة الجسد وهي مؤثرة إلى حد كبير .. فأحياناً وقع الكلمات كبير، وأثر الصوت أكبر.
٭ إن حمدوك يحتاج إلى فريق عمل قليل العدد يتشاور معه .. يقوم على ترتيب كل التفاصيل الخاصة به .. على سبيل المثال ظهر بمظهر متميز في احتفالات الحزب الجمهوري بعرابهم .. حيث ارتدى الزي الوطني (كامل البياض من جلباب وشال وعمامة) .. وهنا تقاسم مع الجمهوريين لونهم المحبب إليهم .. لكن التوقيت كان خاطئاً.
٭ السودانيون إلى حد كبير انطباعيون .. والانطباع الأول يؤثر فيهم ويترسخ إلى فترة طويلة .. حمدوك لا تزال الفرصة أمامه كبيرة من خلال الالتفاق الشعبي الذي يحظى به .. خاصة في أوساط شريحة الشباب .. لكن لا يمكن الاتكاء على الشعبية وحدها وهي في حد ذاتها – أي الجماهيرية – فاتورتها باهظة.
٭ ومهما يكن من أمر على حمدوك أن يحسب خطواته جيداً فالطريق أن لم يكن مزروعاً بالألغام، ربما فيه أشواك.
صحيفة أخر لحظة