اخبار السودان اليوم

الشفيع خضر: المنهج الجديد!

تعقيب على مقاله الموسوم: محادثات السلام تحتاج إلى منهج جديد!

الواثق كمير

يبدو لي أن افكار الشفيع تنسجم مع أطروحة السيد الإمام، من جهة، والحركة الشعبية شمال بقيادة الفريق مالك عقار، من جهة أخرى! ذلك خاصة في مرتكز الشفيع الأول حول الإعدادات الجديدة لشكل ومضمون العملية السلمية، فبحد قوله “أن نبدأ العملية التفاوضية بالترتيبات الأمنية ويتم التوافق حولها” الذي يتطابق تماما مع منظور الإمام (أرضا سلاح) الذي طرحه بلهجة حاسمة أمام حشد جماهيري لأنصاره في ولاية سنار!

هذه فكرة يمكن أن تقبلها الحركات المسلحة التي تفاوض في مسار دارفور، ولو على مضض، شريطة أن يضمنوا قوات الدعم السريع إلى جانبهم (وربما هناك تفاهمات مشتركة)!

ومع ذلك، فسيظل عبد العزيز الحلو، رئيس الحركة الشعبية شمال، عصيا على هكذا توجه! فقد وقع اتفاقا مع نائب رئيس مجلس السيادة في جوبا، أكتوبر الماضي، على نقطتين فقط لا غير، ولم يتفقا حتى هذه اللحظة على اتفاق المبادي DOP الذي يحكم عملية التفاوض!

النقطة الأولى، تحديد مواضيع التفاوض في ثلاثة ملفات، السياسي والإنساني والأمني.

والنقطة الثانية، والأهم، هو اتفاق الطرفين على تسلسل التفاوض على هذه الملفات sequencing بحيث تبدا المفاوضات على القضايا السياسية أولا، حتى يتم الاتفاق حولها، ومن ثم الانتقال إلى الشأن الإنساني، على أن تأتي الترتيبات الأمنية في آخر الاجندة.

وعليه، ليس من المرجح، أن يقبل الحلو التفاهم حول الترتيبات الأمنية قبل حسم الأمرين السياسي والإنساني.

الاحتفاظ بالجيش الشعبي لأطول مدة، حتى يطمئن على تنفيذ الاتفاقيتين السياسية والإنسانية، هو الرك والمحك بالنسبة للحركة. هذا الأمر كان أحد مسببات انشقاق الحركة الشعبية شمال في مارس 2017, الشك والاشتباه في رئيس الحركة وأمينها العام، حينذاك، ببيعهم لقضية الجيش الشعبي، والموافقة على استيعابه في جيش “المؤتمر الوطني”. فهل ما أحدثته ثورة ديسمبر من تغيير كفيل بتغيير وجهة نظر الفريق عبد العزيز الحلو في الجيش السوداني، وكذلك في قوات الدعم السريع؟ (فهل غير جون قرنق رأيه في الجيش عقب انتفاضة مارس/أبريل 1985)؟

ففي خطابه الأخير لدى استقبال رئيس الوزراء في كاودا، وصف الحلو الوضع الراهن بوجود جيشين بحكم الوثيقة الدستورية. وكان قد اتهم، في خطاب استقالته من قيادة الحركة، في مارس 2017، الأمين العام المقال، والرئيس السابق لوفد الحركة التفاوضي، بالسعي للتوصل إلى تسوية ما مع نظام البشير تتضمن تنازلات في الترتيبات الأمنية مما يعني، في نظر الحلو، “تجريد الجيش الشعبي من سلاحه عبر استيعابه في جيش المؤتمر الوطني، وإنهاء دوره كضامن لتنفيذ أي اتفاق، أو كأداة ضغط لتحقيق التحول الديمقراطي والسلام العادل”! حقا، فلقد اصدر المؤتمر الاستثنائي للحركة، أكتوبر 2017, قرارا فظا بمنع رئيس الحركة وأمينها العام السابقين، من دخول الأراضي بسبب الشك في نواياهم تجاه الجيش الشعبي!

وثم، من هو الذي يمتلك القدرة القيادية السياسية التي يعول عليها الشفيع خضر للأخذ بأفكاره ووضعها على أرض الواقع! وأين هو مركز “اتخاذ القرار”/ “النفوذ” الذي يمكن التوصل معه الي خارطة طريق للتحول الديمقراطي والسلام العادل المستدام!؟

إن طريق السلام طويل شائك، ووعر، ومفروش بالمطبات ومزروع بالألغام.
أخيرا، ما وقع من معارك دامية في مقرات هيئة العمليات، التابعة لجهاز الأمن الوطني لنظام البشير المخلوع، (المخابرات العامة بعد إعادة الهيكلة)، يوفر دليلا ساطعا على جوهرية قضية الترتيبات الأمنية. فكما يدعو الشفيع خضر، كيف يستقيم ان تتصدر هذه القضية اجندة التفاوض مع حركات حاملة للسلاح كآلية لتحقيق أهداف سياسية؟

Exit mobile version