واحدة من تجليات ثورة ديسمبر المجيدة أن التغيير بات هو العنوان الأبرز في المدن والبوادي والنجوع البعيدة، ولكن بكل تأكيد فإن طريق التغيير والحرية والانعتاق لن يكون سهلاً بل هو طريق طويل وشاق وتنتشر فيه الأشواك من كل جانب، لذلك كان طبيعياً عدم ركون فلول النظام المخلوع لهذا التغيير الذي أطاح نظامهم، ولهذا توجد مقاومة أينما يوجد التغيير، وتوجد محاولة لاستعادة الوضع القديم أينما كان التغيير واضح المعالم ومؤثراً، وهذا ما يحدث الآن تماماً في ساحة نظارة رفاعة الهوي التي خلعت في نهاية نوفمبر الماضي ناظرها اللواء طيار «م» يوسف أحمد يوسف أبوروف الذي يقول الأهالي إن المؤتمر الوطني فرضه عليهم ناظراً على قبائل رفاعة الهوي دون إرادتهم، وقد سبق أن سحبوا منه الثقة في العام 2007 إلا أن الحزب الحاكم شكل له حماية كافية وفرضه على الجميع كما يقولون… وبعد ثورة ديسمبر تنسم الأهالي عبق الحرية وهبّوا من جديد وخلعوا الناظر المفروض عليهم من قبل النظام المخلوع ونصبوا مكانه ابن عمه العقيد شرطة «م» مالك يوسف أبو روف ناظراً عليهم، وتقاطرت الجموع يومها من كل أصقاع البلاد لحضور حفل تنصيبه وقد كان استفتاءً عظيماً… لكن ما الذي حدث بعد ذلك؟!..
في قانون الإدارة الأهلية هناك فقرة تشير إلى أن اعتماد الناظر يتم من قبل سلطات الولاية بعد اجماع الأهالي عليه، ويوجد في النص إشارة إلى أن الإجماع المقصود به الأكثرية، ومن خلال هذه النصوص في قانون الإدارة الأهلية فإن ناظر رفاعة الجديد نال إجماعاً كان حديث المجالس، ومع ذلك تأخر اعتماده كثيراً من قبل والي سنار مما أثار غضب الأهالي والعُمد، وقبل ذلك أثار هذا التأخير شكوكهم، خاصة وأن محاولات استعادة الناظر من جانب حزبه المحلول لم تنقطع قط، ورغم سحب الثقة منه مرتين، وعاد في المرة الأولى بدعم المؤتمر الوطني، والآن تجري المحاولات خلف الكواليس، وهذا ما يظنه الأهالي الآن ويتحسبون له، وأخشى أن تكون ردة الفعل عنيفة تترتب عليها كثير من المشكلات الامنية..
فالحكمة تقتضي أن ينفذ الوالي رغبة الأغلبية ويحترم خيار الأهالي، فالأغلبية اختارت «مالكاً» وباركته واجمعت عليه وقد رأى الناس ذلك الأمر رأي العين، فأي رضوخ لرغبات أفراد قد يكون حصاده مُراً وحينها سيكون الوالي هو المسؤول عن أية نتيجة.
كثير من المشكلات الأمنية التي تحصد الأرواح وتُراق فيها الدماء غالباً ما يتسبب فيها السياسيون سواءً أكان الأمر نتيجة لسوء تقديرات سياسية، أو أطماع حزبية أو طموحات شخصية، وما يجري الآن بمحلية «أبوحجار» هو شيء من ذاك، ونتمنى ألا يقع والي سنار المكلف في «الفخ» المنصوب لاستعادة نظارة رفاعة الهوي إلى المؤتمر الوطني، فالمُهم عندنا هو احترام رغبة وخيار الأهالي أيّاً كان هذا الخيار، فالناظر السابق هو ابن عم الناظر الجديد والوشائج وروابط الدم بينهما أكبر وأعمق من أية خلافات وعراك في عرض الدنيا الزائل، وليكن الوالي ناصراً للحق ومعيناً عليه وداعماً لإرادة الجماهير الحرة… اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
The post مقاومة التغيير appeared first on الانتباهة او لاين.