عبدالرؤوف طه
يبدو أن الحركة الشعبية شمال التي يتزعمها عبد العزيز الحلو، قد حددت خياراتها قبل الانتهاء من المارثون التفاوضي الذي تحتضنه عاصمة دولة جنوب السودان (جوبا) هذه الأيام. ويتمظهر ذلك في تمسكها القاطع بعلمانية الدولة او تقرير المصير حال رفض الحكومة لخيار العلمانية. وقال الحلو في تصريحات صحافية إن المنطقتين سيكون مصيرهما الانفصال اذا لم تكن علمانية الدولة واقعاً يمشي بين الناس.
شرط أساسي:
معظم التصريحات صدرت من قادة الحركة الشعبية شمال تصب في منحى التمسك بالعلمانية كشرط لا يمكن التنازل عنه، اذ قال المتحدث باسم وفد التفاوض الجاك محمود لـ(الإنتباهة) في وقت سابق، انهم مع العلمانية كخيار اساسي حتى لا تعود تجربة المحاكم الاسلامية التي نصبت في ثمانينيات القرن الماضي وحكم بها عدد من ابناء المنطقتين -على حد تعبيره- وقال إن الحركة الشعبية لن تتنازل عن تقرير المصير لأنه شرط أساسي وليس سقفاً تفاوضياً، في جوبا. وأبان التفاوض مع قطاع الشمال وقبل تعليقه أعلن السكرتير العام للحركة عمار امون دلدوم على أن الحركة لن تتخلى عن علمانية الدولة ولن تقبل بأن يحول النقاش حولها الى المؤتمر الدستوري وشدد امون في تصريحات صحافية على أنهم متمسكون بالعلمانية اكثر من تمسكهم بتقرير المصير، وطبقاً للتصريحات آنفة الذكر، يتضح بأن العلمانية هي خيار مبدئي لا تتنازل عنه الحركة ولو ادى الامر لإيقاف التفاوض. المواقف أعلاة، عضدها رئيس الحركة الشعبية شمال عبد العزيز الحلو الذي قال طبقاً لتقارير إعلامية إنهم مستمكون بعلمانية الدولة او أن تذهب المنطقتين كما ذهب الجنوب، في إشارة للانفصال. ورفض الحلو بشدة تحويل قضية الدين والدولة الى المؤتمر الدستوري .
خيارات مطروحة:
رغم أن الحركة الشعبية جناح الحلو تتمسك بخيار العلمانية كشرط اساسي لا تراجع عنه، إلا أنه ثمة خيارات طرحت من قبل حركات مسلحة لديها ثقل في المنطقيتن وطرحت من احزاب تتبع للحرية والتغيير، الشعبية شمال بقيادة مالك عقار، ترى أن الأوفق هو سن تشريعات خاصة للمنطقتين وإعطائهما الحكم الذاتي بدلاً عن تقرير المصير. وقال عقار لـ(الإنتباهة) في وقت سابق، إنهم مع سن تشريعات خاصة للمنطقتين او حكم ذاتي، وهو طرح يناقض الطرح الذي تقدمت به حركة الحلو التي تتمسك بالعلمانية وتقرير المصير. ياسر عرمان أبرز المهمومين بقضايا المنطقتين، قال في تصريحات بجوبا رصدتها (الإنتباهة) إن قضايا العلمانية والعلاقة بين الدين والدولة مكانها المؤتمر الدستوري وليس التفاوض. وربما يكون الأمر مغضباً للحلو، ولكن بدأ عرمان واثقاً من حديثه، وقال إن العلمانية حال تحقيقها لن توقف الحرب وأن الانفصال نفسه لن يوقف الحرب ومن الأجدى طرح قضايا الدين والدولة عبر مؤتمر دستوري جامع.
الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة، تقول على لسان المتحدث باسمها إبراهيم الشيخ، بأن كلمة علمانية منفرة وسيتم استغلالها بصورة سيئة من قبل جهات معادية للثورة، وأنهم سيصلون لتفاهمات مع الشعبية قيادة الحلو حول علمانية الدولة.
جدلية الصراع:
ثمة من يرى أن الصراع في جبال النوبة طابعه سياسي وليس ديني او اثني رغم أنه صراع مسلح، وهذه الفرضية ذهب إليها المحلل السياسي يوسف عبد المنان، وقال إن موقف الحلو المتطرف حيال العلمانية لا يعبر عن أهل المنطقة، لجهة أن الصراع الموجود بجبال النوية ليس صراعاً دينياً، بل هو صراع سياسي في غالبه العام. وأضاف لـ(الإنتباهة)، جبال النوبة لا توجد بها شريعة إسلامية من الأساس ولا توجد مشكلة في الدين، بل هنالك مشاكل تتمثل في المظالم السياسية والتخلف التنموي وضعف مشاركة أبناء المنطقة في السلطة. وقال إن الحرية والتغيير راغبة في الدولة العلمانية ولكنها غير قادرة، لأنها ستجد مقاومة من جهات ترفض العلمانية .
تدخل الإمارات:
في بحر الأسبوع الماضي، زار عبد العزيز الحلو الإمارات وتوقع كثيرون أن تساهم الزيارة في عدول الحلو عن موقفه المتشدد حيال قضيتي العلمانية وتقرير المصير، بيد أنه عاد أكثر تشدداً وأعلن مضيه في تمسكه بموقفه. ويقول القيادي السابق بالحركة الشعبية عمر الطيب ابوروف لـ(الإنتباهة) إن زيارة الإمارات كان يرجى منها تعديل مواقف الحلو، ولكنها لم تأتِ بجديد، وأن الحلو عاد للطرح القديم المتمثل في تمسكه في بالعلمانية وتقرير المصير. وقال إن الحلو يمارس ضغطاً على الحكومة الانتقالية من أجل تحقيق طرحه وأنه سيعمل على عدم انتظار المؤتمر الدستوري من أجل الانتهاء من هذه الأطروحات، وقال ابوروف إن الحكومة ستعمل في الجانب الآخر على ايصال الحلو للمؤتمر الدستوري الذي سيقرر في العلمانية من عدمها.
رافضون ومؤيدون:
أحزاب ضمن تحالف الحرية والتغيير، ترفض بشكل مبدئي مسألة حكم السودان علمانياً، بينما توافق أحزاب من ذات التحالف على الطرح العلماني. ومن أبرز الرافضين للعلمانية ضمن التحالف الحاكم الصادق المهدي الذي شدد على رفضهم حكم السودان علمانياً، بينما تتوافق اطروحات الحلو مع الحزب الشيوعي السوداني الذي قال على لسان صديق يوسف، إن العلمانية لا تتقاطع مع ما ورد في الوثيقة الدستورية.
The post الحلو يتمسك بمواقفه .. العلمانية أو تقرير المصير.. مطبات أمام الحكومة appeared first on الانتباهة او لاين.