أجرته: ندى محمد أحمد
بؤرة شديدة التوهج من حيث الكيف، الذي امتد كما وسع السودان طولاً وعرضاً، ذلكم هو المعلم الشهيد أحمد الخير عوض الكريم، أيقونة ثورة ديسمبر البازخة، الذي انتصر له الشعب وأسرته قبل القضاء، أول أمس الاثنين، تدافعت جموع السودانيين من دون بيانات او دعوات، لتلتف حول روح الشهيد، حول ثورتهم، وحول أحلامهم وتطلعاتهم بدولة الحق والقانون، التي يريدون، خرجوا بالأعلام، واللافتات، والطبول، تسبقهم دموعهم ورجاءاتهم المحمولة على حماس لاينطفئ، وعزيمة لاتلين.. تحلقوا حول محكمة أم درمان، شرقاً وغرباً.. وما أن نما إلى علم الجموع النطق بحكم الإعدام على المتهمين الـ(29)، حتى ضجت الساحة وأجهش الكثيرون بالبكاء..
المشنقة بس 130
عندما اقتربت الهايس التي تقلني من المحكمة، مرت بجوارنا هايس يردد ركابها (المشنقة بس 130)، فأخذ أربعة(ثلاث شابات وشاب) من ركاب الهايس التي استغلوها يرددون الهتاف ذاته. قبيل المحكمة بقليل وجدنا الشارع مغلقاً، فغادرنا وممررنا بدار حزب الأمة التي تحمل بوابتها لوحة كبيرة عليها صورة الشهيد أحمد الخير، حيث عدد من (دفارات) الشرطة وتاتشرات الدعم السريع على جنبات الطريق، من الجهتين، ثم عبرنا حوش الخليفة، والناس زرافات ووحدانا، في طريقهم الى المحكمة.
وعندما عبرنا بوابة الحوش، تراءت الجموع الغفيرة من المواطنين، نساءً ورجالاً، شباباً من الجنسين، والأطفال أيضاً كانوا هناك ..
هتافات:
بالقرب من السلك الشائك الذي ضربته الشرطة أمام الشارع المفضي الى المحكمة، حيث تراصت خمسة (دفارات) لشرطة العمليات، ونحو أربع عربات تاتشر للدعم السريع، تحلقت مجموعة من الشابات والشباب، وشرعوا يرددون هتافات منها:(المشنقة بس 130)، وما(تدي قفاك للعسكر، ما بيصونك، أدي قفاك للشارع، الشارع ما بخونك)، و(أحمد مالو، أحمد إنسان، الكتلو منو، كتلوا الكيزان) و(الشعب يريد القصاص)، و(يا العسكر ماف حصانة، يا المشنقة يا الزنزانة)، (كتلوا الطالب والأستاذ والتعليم ما له أساس).
طبول:
وفي وسط الساحة وجدت شاحنة تحوي مجموعة من الطبول التي يقرع عليها بعض الشباب، ولاحقاً وُضعت الطبول على الأرض، وكان عليها ثلاثة رجال يقرعونها بهمة وحماس كبيرين، ولفت نظري رجل في نحو الستين من عمره يرتدي بدلة سوداء مقلمة أخذ وبملامح صارمة للغاية في (العرضة) أمام الطبول، وهو يرفع إصبعي النصر، ولاحقاً انضمت إليه إحدى النساء، وكانا يعرضان معاً في تناسق كبير.
مع الشهيد
مجموعة كبيرة من صور الشهيد أحمد الخير، حملتها مجموعات كبيرة من المتواجدين في الساحة، منها صورة كبيرة للشهيد، وصور صغيرة له وللشهداء موزعة على كل أنحاء البلاد. وكان لافتاً رسم عدد من الشباب من الجنسين للرقم 130 على وجوههم ، في إشارة لمادة القتل العمد 130 من القانون الجنائي.
كما اعتلى عدد من الشباب لافتات الإعلانات، وحملوا صور الشهيد، وشرعوا في ترديد الهتافات مع الجمهور على الأرض. وفي مكان آخر، أخذ بعض الشباب وبالطباشير رسم الرقم 130 وعبارة (المشنقة بس وفوراً). وهناك شاحنة صغيرة توزع ماء الشرب للناس، وشابة تحمل في يدها وعاء ممتلئاً بـ(الطعمية) توزعه على المتواجدين.
المعلمون هدف مشترك:
وتحدثتُ إلى مجموعة من معلمات الأساس بمحلية ام بدة، منهن الأستاذة إلهام أحمد محمد والتي قالت إن الشهيد يمثلنا جميعاً، ولابد من القصاص له، وقالت المعلمة عوضية محمد الحسن لانريد أي حكم بالسجن، ولابد من القصاص المادة 130، وطالبت المعلمة زينب موسى علي بحكم عادل ينصف الشهيد الذي قُتل بطريقة بشعة، وإلا فالشارع والتصعيد .
ومجموعة من معلمات الثانوي العالي، منهن المعلمة سامية طه إبراهيم قال حق لكل سوداني ووطني غيور أن يتواجد هنا اليوم، فقد تعرض الشهيد لأبشع أنواع القتل، ولابد أن يقتص له القضاء فـ(الدم قصاد الدم وما بنقبل الدية).
المعلمة بمدرسة كوبر للأساس أمل عوض إبراهيم، قالت (نحن جينا لهدف واحد القصاص المادة 130). المعلم بمدرسة الأهلية أساس بام درمان فريد بشير حمد سليمان ردد (لو ما أعدموهم، بنطلع ثورة تاني). هبة علي عبد الرحمن معلمة ذوي الاحتياجات الخاصة، قالت اذا أخذ حق الشهيد أحمد الخير ستؤخذ حقوق بقية شهداء الثورة، واذا لم يؤخذ، فستضيع حقوقهم. والشهيد رمز للثورة عامة وللمعلمين خاصة، وإن إعادة الاحترام والتقدير للمعلم في البلاد يبدأ من حق الشهيد .
حديث الدموع:
وقبل النطق بالحكم، استرعى انتباهي أحد الشباب وهو يداري دموعه في كم قميصه، فتوجهت إليه، وسألته إن كان معلماً، فأخبرني عامر سعد إنه موظف، وقال لي من بين دموعه خالي معلم، وعمي معلم، ورباني معلم، ومن الذي لايبكي في يوم كهذا، وعادت الدموع لتغالبه مجدداً وأشاح بوجه ومضى ..
لجان مقاومة بحري:
مصطفى مكي محمد عضو لجان المقاومة بمحلية بحري، أخبرني أن موكبهم انطلق للمحكمة منذ الثامنة صباحاً، وإنهم لن يرضوا حكماً غير الإعدام .
The post يوم الانتصار للعلم والمعلم .. محكمة الاشهيد أحمد الخير appeared first on الانتباهة او لاين.