اخبار السودان اليوم

شكراً الصادق عبدالرحمن الفكي

(1)
عندما كنا طلاباً في المدارس وحتى المرحلة الجامعية كانت ثقافة (كراسات الحوارات) بين الطلاب سائدة ورائجة بينهم – وكان بين أي دفعة أومجموعة طالباً يهتم بهذه الجوانب الصحفية ، خاصة في اواخر العام الدراسي عندما كانت توزع وتمرر (اجندة تعارف) بين افراد الدفعة تحتوي على اسئلة حوارية اشبه بالبطاقة الشخصية، باسئلة ثابتة وراسخة، حيث تسأل عن الفنان المفضل والممثل المفضل والمذيع المفضل ولاعب كرة القدم المفضل.
ومثلما كانت تلك الاسئلة ثابتة ومتوحدة في جميع انحاء السودان، كانت الاجابات ايضاً متوحدة، فقد كان الفنان المفضل عند كل الناس في السودان هو (محمد وردي) وكان الممثل المفضل (مكي سنادة) والمذيع المفضل هو (احمد سليمان ضو البيت) ولاعب كرة القدم المفضل هو (والي الدين محمد عبدالله).
هكذا كانت (مفضلات) الناس في السودان، ولو ان الزمن عاد بنا الى الوراء لاضفنا من مفضلات هذا الزمن لتلك الحوارات سؤال (القاضي المفضل) واظن بل اجزم ان كل الناس سوف تكون اجابتها على ذلك السؤال – القاضي المفضل: (الصادق عبدالرحمن الفكي) ففى هيئته وجلساته التي ادارها وحيثياته التي تلاها واحكامه التي قضى بها شيء من ابداعات وردي ومكي سنادة وضو البيت ووالي الدين محمد عبدالله.
(2)
الصادق عبدالرحمن الفكي هو قاضي محاكمة الرئيس المخلوع البشير بسبب حيازته لعملة صعبة في منزله. وهو قاضي محاكمة اكثر من (40) فرداً من جهاز الامن من قتلة الشهيد احمد الخير.
هذه المحاكمات مع تعقيداتها سارت بشكل سلس وطبيعي، وكانت هادئة ومتابعة مع كل (الاختناقات) التي كانت تمر بها البلاد.. وانتهت بعد صدور الاحكام الى خلق (حالة رضا عام) من الشعب السوداني، في ظل (التوترات) التي تعيش فيها البلاد.
القاضي الصادق عبدالرحمن الفكي كان مقنعاً حتى للاطراف المتهمة والتي ادينت بعد ذلك، اذ لم نشهد تضجراً او اعتراضاً من هيئة الدفاع في تلك القضايا، مع ان الاوضاع السياسية ما زالت تلقي بظلالها على كل الاشياء بعد سقوط نظام 30 يونيو 1989 الذى لم يترك شيئاً لم يفسده، بما في ذلك الذوق العام.
اظن ان مولانا الصادق عبدالرحمن عرف ان يجعل للقضاء السوداني (ادباً) ، وعرف ان يخاطب الرأي العام بلغة سلسة وسهلة كسرت جمود المواد القانونية وبددت حدة الاحكام والتي بلغت اقصى مدى لها باصدار حكم الاعدام على (29) متهماً جاءت (برداً وسلاماً) على الشعب السوداني ، وقدمت بصورة فيها الكثير من المرونة وحظيت الاحكام بالقبول العام.
والقضاء السوداني يظل دائماً موضع للثقة والاحترام والتقدير.
(3)
كان من الصعب ان يقبل الشارع السوداني بعد المد الثوري الكبير، احكام المحكمة الموقرة في قضية محاكمة البشير على حيازته لعملة صعبة في منزله، بعد كل الجرائم التى حدثت في عهده وجعلته مطلوباً من قبل المحكمة الجنائية الدولية بسبب الابادة الجماعية التي قام بها النظام السابق.. لكن مع ذلك قوبلت قرارات المحكمة ومحاكمتها برضا تام من الشعب السوداني وما كنا سوف نبلغ تلك الدرجة من (الرضا) لو لم يكن القاضي الذى ادار تلك الجلسات مقنعاً.
كذلك خلق اغتيال الاستاذ احمد الخير حالة من الغضب والضجر والثورة التي ما كان لها ان تهدأ لو لم يكن قاضي المحكمة الذى اصدر احكام محكمته على المتهمين – اهل للثقة وموضع للقبول، حتى بعد الحكم على 29 متهماً بالاعدام… فقد كان الغضب اكبر من اعدام (29) فرداً من جهاز الامن والمخابرات.
الامر الغريب ان ردود الافعال من قبل الجهات المتضررة نفسها جاءت بشكل (ودي) لتثبت ثورة ديسمبر المجيدة (سلميتها) حتى في احكام القصاص التي اصدرتها محاكمها.
(4)
بغم /
القاضي الصادق عبدالرحمن الفكي حقق شعار ثورة ديسمبر المجيدة في جانب (العدالة).

The post شكراً الصادق عبدالرحمن الفكي appeared first on الانتباهة او لاين.

Exit mobile version