<
p style=”text-align: justify;”>
تحليل: أحمد يوسف التاي
بإلقاء نظرة شاملة لمجريات الأحداث والتطورات الخاصة بملف السلام، يدرك المراقب السياسي أن ما يجري اليوم بجوبا يُعتبر بعيداً تماماً عن أهداف الثورة فيما يتصل بتحقيق السلام في مناطق النزاع وإنهاء حالة الحرب والنزوح واللجوء وتحقيق قدر من الاستقرار الاقتصادي، التطورات الحالية والخلافات المكتومة والصراع الخفي يشكّل الآن أكبر خطر يتهدّد السلام، وليس هناك دليل على الفوضى التي باتت تضرب بملف السلام أكثر من بدعة «المسارات» مثل مسار الشرق، والوسط، ودارفور والنيل الأزرق، والشمالية….
خمسة مسارات مناطقية:
الناطق الرسمي باسم الجبهة الثورية أسامة سعيد قال في حديث سابق لـ»سودان تريبيون»، إن المفاوضات تناولت، شكل التفاوض ومساراته، خاصة أن هذه الجولة من المفاوضات «غير تقليدية»، وتنافي الطريقة القديمة، وأشار إلى أن التفاوض «يتضمن 4 مسارات، وفقاً لإعلان جوبا الموقع في 11 سبتمبر هي مسار دارفور، ومسار للمنطقتين، ومسار لشرق السودان وآخر لشمال السودان»، وبالأمس تم التوقيع على مسار آخر هو «مسار الوسط»، ولا ندري أهو مسار مُلحق أم أن المقصود به مسار الشمال الذي أشار إليه الناطق باسم الجبهة الثورية، فقد احتفلت بعض الصحف أمس بخبر توقيع اتفاق سلام نهائي بعاصمة جنوب السودان «جوبا» يوم الثلاثاء بشأن مسار «الوسط»، ووقع عن الحكومة نائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول «حميدتي» رئيس وفد الحكومة للمفاوضات، وعن مسار الوسط التوم هجو القيادي بالجبهة الثورية، واحتفلت الحكومة بالتوقيع على سلام الوسط وكأن الوسط هو أصل النزاع المسلح وأخطره بينما قضية دارفور والمنطقتين لا تُبشر الأمور فيها بخير.
60 يوماً لا تكفي:
نصت الوثيقة الدستورية على أن تعطى قضية السلام الأولوية القصوى، على أن يتم تخصيص الستة أشهر الأولى بعد تشكيل الحكومة لتحقيق السلام في مناطق النزاع والمقصود هنا تحديداً دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، والآن دخلت حكومة عبدالله حمدوك في شهرها الرابع، بينما يقف ملف السلام محلك سر، واشتعل الشرق ليدخل بقوة ويبرز إلى السطح، ولم تحرز الأطراف أي تقدم في حسم ملف السلام لا في دارفور ولا المنطقتين، وذلك مرده إلى بروز تعقيدات جديدة في ملف السلام ومطامع ذاتية وطموحات شخصية من شأنها أن تعصف بهذا الملف، ولعل أبرز عقبة تواجه ملف السلام اليوم هي «بدعة» المسارات، وبحسب التعقيدات الماثلة اليوم والتنازع والصراع الخفي داخل الغرف المغلقة على المواقع والمناصب بوجه جديد من أوجه المحاصصات غير المعلنة، بحسب كل ذلك فإن الـ60 يوماً المتبقية من المدة المخصصة لتحقيق السلام لن تكفي لبناء الحد الأدنى من الثقة بين الأطراف ولن تكفي لإطفاء الحرائق الجديدة في شرق البلاد من نزاعات قبلية هي في الأصل نار تُضرم لتحرق كل السودان وليس الشرق وحده، ، فالستون يوماً لا تكفي لإنهاء مشكلة الشرق الجديدة دعك عن التوقيع النهائي لاتفاقية سلام شاملة تنهي كل مظاهر الحرب الأهلية في السودان.
الوجه الآخر للجهوية:
وبناءً على كثير من المعطيات الراهنة فإن الانزلاق الخطير الذي انحدرت إليه مفاوضات جوبا هو إقرارها بوجود «5» مسارات للتفاوض، ومهما اختلفت المسميات تظل هذه التقسيمات المناطقية، تقسيمات جهوية، وتجزئة للسلام على أساس جهوي محض، وإذا كان سلام التجزئة نهج برع فيه النظام المخلوع ضمن خطته «التاكتيكية» ومناوراته السياسية لاحتواء الحركات المسلحة وإضعافها فإن حكومة حمدوك بقصد أو بدونه تترآى وكأنها تمضي الآن بذات النهج لتجزئة السلام، والفرق عن النظام المخلوع فإن التجزئة الآن على أساس جهوي، (مُفاوضون لدارفور، وآخرون للنيل الأزرق، والشرق، والوسط والشمالية) …
النزعة الانفصالية:
تجزئة المفاوضات وتقسيمها إلى مسارات خمسة بحسب جهات السودان تُرسّخ بلا أدنى شك للجهوية وتُكرس لها، وتعزز النزعة الاستقلالية لدى الحركات المطلبية، والاحتجاجية، وبالتالي تسهيل عملية الاختراق الاستخباري لأكثر من جهة معادية، وهو اتجاه مناقض لتعزيز الوحدة الوطنية وفي خاتمة المطاف فإن تجزئة المفاوضات على أساس جهوي ربما تقود لانفصال أي جزء من السودان كما حدث لجنوبه في العام 2011.
الوجه الآخر للمُحاصصات:
ويرى أكثر من مراقب سياسي أن الميول إلى تجزئة المفاوضات على أساس المناطقية، تدخل في دائرة المحاصصات السياسية والترضيات والموازنات الجهوية، وهي بهذا المفهوم تُعد وجهاً من أوجه المحاصصات تحت ستار مسارات السلام فيما يعتبره البعض نوع من «الاستهبال» السياسي والاستغفال.
<
p style=”text-align: justify;”>
The post احتمت خلفها المُحاصصات.. مسارات التفاوض الخمسة.. النزعة الجهوية appeared first on الانتباهة او لاين.