اخبار السودان لحظة بلحظة

(الفار) في شبكة الصحفيين

(1)
أسعدني كثيراً التفاعل الكبير والصادق مع (شبكة الصحفيين السودانيين) في  العيد الحادي عشر لتأسيس الشبكة ، وقد كنت اتابع من بعد دون ان يكون لي دور معهم تكوين الشبكة وحراكها منذ ان كانت (نيّة) تحت شجرة نيم، تخرج مع شرفة (فنجان قهوة) الى ان صارت (فكرة) تعمل وسط الرصاص والبمبان لتهز عرش الطغاة.
نشهد للشبكة وجودها عندما كان النظام البائد يدخل حتى في (ملعقة) السكر التي تضعها في (كوب الشاي)، وقد كانت الشبكة ونحن في تلك الازمات والمحن والشدة يتم الاستنجاد بها حتى من بعض الصحفيين الذين كانوا ينتمون للنظام السابق – كانت وقفت الشبكة مع كل الصحفيين دون فرز (سياسي) لهم، وهذا يؤكد ان مواقف الشبكة المطالبة الآن بمراجعة اصول المؤسسات الاعلامية بعيدة عن (الاقصاء)، وبعيدة عن (التشفي) رغم الحرب الضروس التي كانت تتعرض لها شبكة الصحفيين السودانيين وسكرتاريتها التي كانت تنظر لهم السلطة على انهم (مجرمو حرب).
كان لشبكة الصحفيين السودانيين مواقف قوية عندما تم ايقاف صحيفة (ألوان) للاستاذ حسين خوجلي وكذلك كانت مواقف الشبكة عظيمة مع عثمان ميرغني عندما تعرضت صحيفة (التيار) للاغلاق من قبل النظام البائد – ولم تكن الشبكة بعيدة حتى عن (المؤتمر الشعبي) عندما تعرضت صحيفته لايقاف، فقد كانت الشبكة في جانب (الحريات) تنظر لصحيفة (رأي الشعب) صحيفة المؤتمر الشعبي كما تنظر لصحيفة (الميدان) للحزب الشيوعي السوداني، وهذه شهادة يجب ان تبرز وتعرف في حسبة المواقف الجليلة والكريمة للشبكة.
(2)
وجدنا شبكة الصحفيين السودانيين معنا عندما كانت اجسادنا تعف عن (جراحنا)، فحملتها الشبكة تضميداً – وكان للشبكة ذلك الوجود البارز والوفاء الملموس عندما كانت تتحقق رؤية عاطف خيري الشعرية (نكر صوتك صداك) في زمن الغلاط الجامح – في ذلك الزمان الذي قال فيه حميد (حيطة تتمغى وتفلق في قفا الزول البناها)، كنا نشعر بشبكة الصحفيين السودانيين معنا وبيننا، في الوقت الذي كان يكتفي فيه اعضاء اتحاد الصحفيين السودانيين بالسفر ذهاباً واياباً للصين حتى ان (بكين) كانت اقرب اليهم من (سوق الشجرة) في ابوروف.
من كثرة سفرهم للصين اكتسبوا (اللكنة) الصينية وصارت عيونهم (طولية) ، وقامتهم (اقصر) مما هي عليه مقاماً، و(صوتهم) عالياً مثل (الموبايل الصيني).
اعضاء الاتحاد المحلول وقياداته اكتفوا بالمشاركة في حفلات السفارات، ولم نلحظ لهم مساهمة إلّا بقدر صراعهم بالشوكة والسكين على موائد رجال الاعمال ومناسبات قيادات النظام البائد… وكان اقسى انتقاد يمكن ان يوجهوه لا يتجاوز انتقادهم لنانسي عجاج او مامون سوار الذهب.
في ذلك الوقت نشهد اننا لم نجد غير (شبكة الصحفيين) لتشجب وتندد وتهدد وتغلظ وتحضر معك وتسمع (صداك) عندما يصادر صوتك وينكره صداك.
(3)
اقول دائماً اني لا تجمعني أي علاقة تنظيمية بشبكة الصحفيين السودانيين حتى لا يحسب مني ذلك شرفاً ادعيه – وحتى تكون شهادتي فيهم خالية من رجس الانتماء، اذ لم تجمعني مع الشبكة حتى افطاراتهم الرمضانية ولم اتواجد حتى في احتفالهم الاخير بعيدهم الحادي عشر لتأسيس الشبكة رغم دعوتهم الكريمة وعظم المناسبة.
اكثر ما سرني واسعدني من الشبكة وجعلني ادون هذه الكلمات في حقهم ليس هو عيدهم هذا وانما دعانا الى ذلك القرارات التاريخية لسكرتارية شبكة الصحفيين لتوحيد الوسط الصحفي في الاحتفال بالثورة المجيدة وذكرى تأسيس الشبكة.. وقد اعجبني جداً قرار الشبكة بعدم الدفع بأي عضو من سكرتارية الشبكة للجنة التسيير التزاماً بوعدها السابق للقاعدة الصحفية والتزاماً بعدم مشاركة عضويتها في أي منصب درءاً لشبهات الإفادة من المواقع.. وكأن الشبكة تعود لتقنية الفيديو (الفار) وهي تتجلى في ذلك القرار. هذا (نضال) اخر لا يقل عن نضال الشبكة على امتداد سنواتها الإحدى عشرة الماضية ان لم يكن اعظم وهو يتجه نحو الوحدة والايثار. شكراً للشبكة فقد قدمتم الدروس للكثير من الاجسام المتصارعة في العمل المدني على المناصب والغنائم بعد الثورة المجيدة.
(4)
بغم /
اكثر انتصار للصحافة السودانية في السنوات الاخيرة – ان نشاهد اعضاء الاتحاد المحلول للصحفيين في (وقفة احتجاجية).
لا عدل اسمى من السن بالسن والعين بالعين.. والوقفة الاحتجاجية بالوقفة الاحتجاجية.
ما اجلها واعظمها عدالة السماء.

The post (الفار) في شبكة الصحفيين appeared first on الانتباهة او لاين.

اترك رد