اخبار السودان اليوم

تصريحات خطيرة للدقير و ابراهيم الشيخ

تصريح الأستاذ عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني بأن الحكومة الانتقالية أقل قامة من الثورة كان صادما و مفارقا للمنهج الذي سار عليه حزبه طيلة الفترة الماضية ، منهج إدارة الخلاف داخل الأروقة القيادية سواء على مستوى قوى الحرية و التغيير أو مكونات الحكومة الانتقالية ، و هو ما يظهر بان الامر وصل مرحلة لم تجدي معها الحلول الداخلية .

طريق الدقير الجديد يشابه الطريق الذي سار فيه الحزب الشيوعي من قبل حين اتهم قوى الحرية و التغيير أكثر من مرة بأنها تجاوزت أهداف الثورة ، كما يشابه المنوال الذي سار عليه الأستاذ محمد عصمت حين استقال من لجنة ترشيحات قوى الإجماع الوطني لما سماه إهمال المعايير المتفق عليها في شغل المناصب في الحكومة الانتقالية.

الأستاذ إبراهيم الشيخ القيادي بحزب المؤتمر السوداني ذهب أبعد من الدقير و طالب في تصريح خطير بثورة تصحيحية تعيد الأمور إلى نصابها ، و تكمن خطورة هذا الحديث في ان الاستاذ ابراهيم الشيخ يشغل موقع الناطق الرسمي باسم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ، و حديثه و ان تم نفيه يظل دليلا على أن أروقة المجلس المركزي لقوى الحرية و التغيير تضج بالكثير من التحفظ و عدم الاقتناع بفاعلية و آليات عمل الحكومة الانتقالية .

خبر مهم ايضا حملته صحف الخرطوم اليوم يعزز حالة ململة قوى الحرية و التغيير من الحكومة الانتقالية ، اذ يقول ان حمدوك طلب مهلة للاستجابة لطلب قوى الحرية و التغيير باستبدال بعض الوزراء ، و هذا الطلب لا يمكن قراءته الا في قالب واحد مع كل التصريحات اعلاه و إستنتاج ان هذا الفعل هو خطوة من جانب قوى الحرية و التغيير لزيادة فاعلية و طول قامة الحكومة الانتقالية لتواكب عظم و ضخامة الثورة .

في عالم السياسة ظهور التصريحات النشاذ يحمل دليلا على حالة انسداد أفق أمام الحلول ، و هذا ما قد يفسر تصريحات قيادات الحرية و التغيير اعلاه بانه انعكاس على وجود ( بلوفات) مغلقة تعيق الحركة و التواصل بينها و بين أجهزة الحكومة الانتقالية ، و هو أمر انتبه له الكثيرون منذ وقت مبكر و طالبوا بهيكلة قوى الحرية و التغيير من أجل تقليل مخاطره ، كما تمت محاولة العبور فوقه بإقامة اجتماعات ثلاثية بين مجلس السيادة و مجلس الوزراء و قوى الحرية و التغيير ، و هي اجتماعات لم نعد نسمع عنها شيئا فهل أغلق بلفها أيضا ام إرتات الجهات الثلاثة إقامتها بصورة متباعدة ؟!

أداء الحكومة الانتقالية خلال عام ليس متوقعا ان يكون بحجم الثورة لأسباب كثيرة أهمها التركة الثقيلة التي وجدتها الحكومة في دواوين الدولة و مؤسساتها و أجهزتها من النظام القديم ، و هي تركة من المستحيل القضاء عليها بأكملها بضربة واحدة ، كما انه من العسير جدا تجنب مضاعفاتها اليومية على مسار العمل الحكومي، مما يجعلها على الدوام مصدرا لإغلاق هذه البلوفات و حجز التواصل بين مكونات حكومة الثورة الثلاثة .

من جانب اخر مهم أن تعلم قوى الحرية و التغيير ان اعتراضها و نقدها للحكومة الانتقالية على طريقة المعارضة في الندوات الجماهيرية و الحوارات الصحفية هو أمر سالب و غير ايجابي ، و ان السبيل لمعالجة بطء و قصور الحكومة الانتقالية يكمن في زيادة التشبيك و الترابط بين المكونات الثلاثة و فتح قنوات تواصل متعددة فيما بينها لتجنب إغلاق بعضها بواسطة حركة الدولة العميقة ، و من ثم إستهداف الملفات المعطلة او البطيئة بحركة دفع ثلاثية تشارك فيها الأطراف الثلاثة.

أكثر من ثلاثين سنة و ٩٠% من شاغلي مناصب الحكومة الانتقالية الراهنة كانوا بعيدين عن إدارة الدولة ، و معظمهم كان يجلس في كراسي المعارضة . إدماج كل هؤلاء في عملية إدارة الدولة خلال أيام او شهور مع مطالبتهم بإنجاز الأعمال بكفاءة في نفس الوقت الذي يجب عليهم فيه تغيير كل الاطقم القديمة و الإدارات الموجودة و الكوادر المساعدة الموروثة من النظام القديم يبدو شيئا أقرب للمستحيل ، و هو ما يستوجب التسامح مع بعض البطء و الأخطاء هنا و هناك و العمل على تطوير القدرات الإدارية و السياسية لجميع هذه الطبقة ، و ليس من العيب إدخال بعضهم دورات تدريبية في مجالات إدارة الدولة و إدارة الأزمات و علم السياسة و الاقتصاد .

sondy25@gmail.com

Exit mobile version