شهدت علاقات السودان مع دول الاتحاد الاوروبى حالات من الشد والجذب إبان نظام الإنقاذ البائد، متأثرة بحالة المقاطعة الاقتصادية والسياسية التى قادتها الولايات المتحدة الامريكية والتى استمرت لأكثر من عقدين، عانى فيها السودان كثيرا ودفع ثمنا باهظا، خاصة فى الجوانب الاقتصادية والتعامل المصرفى، واستيراد السلع والاجهزة والمعدات التى تشتهر بها دول الاتحاد الاوروبى.
وفور انتصار ثورة ديسمبر المجيدة والتى أطاحت بنظام البشير، وتشكيل مؤسسات الفترة الانتقالية، بدأت تشهد علاقات السودان الخارجية انفراجا ملحوظا خاصة مع مؤسسات التمويل الدولية ممثلة فى البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، ونادى باريس، وحتى الولايات المتحدة الامريكية فتحت بابا للحوار، واستقبلت رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك الذى خاطب خلال زيارة الجمعية العامة للامم المتحدة، مطالبا المجتمع الدولى بمساعدة السودان لرفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب ومساعدته للعودة الى المجتمع الدولى بناء على التحولات التى شهدها.
ونتيجة لهذا التحول الكبير فى علاقات السودان مع الاتحاد الاوروبى، جاءت زيارة أرفع وفد من الاتحاد الاوروبى منذ سنوات للخرطوم يترأسه السيد جان كريستوف بيليارد، نائب الأمين العام لخدمة العمل الخارجي في الاتحاد الأوروبي (نائب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي)، والمدير العام للتعاون الدولي والتنمية في المفوضية الأوربية، كوين دوينز، والممثل الخاص للاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي، ألكساندر روندوس في زيارة رسمية للسودان فى الفترة من 30 الى 31 أكتوبر 2019 م.
وأعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي أن الغرض من الزيارة هو مواصلة الحوار مع الحكومة السودانية ودعمها، وكذلك التفاكر مع القوى السياسية والمدنية في السودان وكيفية دعم الاتحاد الأوروبي لإصلاحات التغيير الهائلة والمتوقعة.
وقال سفير الاتحاد الأوروبي في الخرطوم السيد روبرت فان دن دول: إن هذه الزيارة هي الثانية لوفد رفيع المستوى للسودان في شهر واحد، وأن الغرض الأساس من هذه الزيارات هو التعرف على جهود وتقدم الحكومة السودانية في تحقيق السلام والاستقرار والانتعاش الاقتصادي في الفترة الانتقالية ومعرفة أفضل السبل لدعم الاتحاد الأوروبي لأولويات الحكومة.
و أشار إلى أن الهدف الثاني هو الوصول إلى رؤية مشتركة مع الحكومة السودانية حول دور الاتحاد الأوروبي ودعمه في الفترة المقبلة؛ حيث ينبغي أن تكون هناك رؤية واضحة وفهم عميق وتنسيق إقليمي ودولي لمساعدة السودان تقنيًا وماليًا وسياسيًا في هذه المرحلة الحساسة.
والتقت السيدة أسماء محمد عبد الله وزيرة الخارجية بالوفد حيث قدمت لهم شرحاً حول أولويات الحكومة الانتقالية متمثلة في تحقيق السلام، ومعالجة الأوضاع الاقتصادية، وأوضحت أن كل ذلك يتطلب دعماً من المجتمع الدولي وإزالة القيود المفروضة على السودان وعلى رأسها رفع اسم السودان من قائمة الولايات المتحدة للإرهاب، كما عبّرت عن أهمية دعم الاتحاد الأوروبي للسودان.
وأكد وفد الاتحاد الأوروبي دعمه للسودان خلال هذه المرحلة المهمة، وأكدوا أن دول المجموعة الأوروبية ستقدم للسودان منحاً بقيمة ٢٠٠ مليون يورو يتبعه لاحقا مبلغ ١٤١ مليون يورو، وكذلك مبلغ ١٠٠ مليون يورو ومبلغ ٢٥ مليون يورو كمساعدات إنسانية.
وأشار بحسب وكالة السودان للأنباء – إلى أنهم سيدرسون احتياجات السودان في هذه المرحلة وسيقومون بالتنسيق مع الجهات المختصة لدعم المشاريع التنموية، مؤكدين أن الاتحاد الأوروبي سيقوم بالتنسيق مع المؤسسات المالية الدولية لدعم السودان لمقابلة الاحتياجات العاجلة وكذلك دعم الاقتصاد السوداني.
وحثّوا الحكومة الانتقالية على بذل الجهود للمساعدة في إعادة اندماج السودان في المجتمع الدولي وإزالة اسم السودان من قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب، وأكدوا مساعدتهم لتطبيع علاقات السودان مع المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية لتمكين الحكومة الانتقالية من التصدي للتحديات الاقتصادية التي يواجهها السودان.
وكذلك وصف الاتحاد الأوروبي التطورات السياسية في السودان بأنها تاريخية وأن سلمية الشعب السوداني أصبحت ملهما لشعوب العالم، ولذلك تسعى دول الاتحاد الأوروبي لدعم الحكومة المدنية ومعرفة احتياجاتها الآنية والمستقبلية.
إن هذه الزيارات المهمة لأرفع المسئولين فى الاتحاد الاوروبى، والتعهدات المالية التى بلغت فى مجملها 466 مليون يورو، تدل دلالة قاطعة على تحول العلاقات وفك جمودها بين السودان ودول المجموعة، حيث تجيء الزيارة التى يزمع رئيس الوزراء ابتدارها لدولة بلجيكا، الاحد المقبل، على رأس وفد يضم وزير الصناعة والتجارة مدنى عباس مدنى، ووزيرة العمل والتنمية الاجتماعية لينا الشيخ عمر، والسيد مكى ميرغنى عثمان وكيل التخطيط بوزارة المالية والتخطيط الاقتصادى، دفعا إضافيا للعلاقات التى تشهد تقدما مضطردا من واقع أهمية هذه الدول للسودان.
الخرطوم (كوش نيوز)