اخبار السودان لحظة بلحظة

البشير والحركة الإسلامية.. “رسائل” إلى من يهمهم “الأمر”

حفل خطاب رئيس الجمهورية عمر البشير على توجيه العديد من الرسائل المهمة خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العام التاسع للحركة الإسلامية بولاية الخرطوم مساء  الجمعة، التي هدفت في مضمونها إلى رصد وتشخيص ما ظلت تعانيه الحركة الإسلامية من حالات الشد والجذب.

 

مؤامرات دولية

البشير دافع عن الحركة الإسلامية قائلاً إن مشروعها “لم يفشل” وهي التي صنعت وفجرت “ثورة الإنقاذ”. وأكد البشير، رئيس الهيئة القيادية العليا للحركة الإسلامية، أن “الحركة” جاءت بـ”الإنقاذ” دفاعاً عن بيضة الدين وتصدياً للمؤامرات التي كانت آنذاك تستهدف الدين ووحدة السودان والأمة”. وشدد أن المشروع الإسلامي في السودان لم يفشل “بل يمضي من نجاح إلى نجاح أكبر”، واستدل بتزايد عدد المساجد إلى أضعاف وكثرة الذين يؤدون الصلوات فضلاً عن أعمال الخير التي تنتظم السودانيين في رمضان والإفطارات الجماعية وانتشار صلاة التهجد. وقال إن “الإنقاذ” ولسيرها على نهج الدين وصونه تعرضت لمؤامرات الحصار الاقتصادي والغزو العسكري وقصف العاصمة الخرطوم والاستهداف من المحكمة الجنائية الدولية والمنظمات الدولية.

وقال إن “قادة الإنقاذ لا يمنون على الشعب السوداني وهم خدام للشعب، وإنما يردون على المرجفين الذين يروجون لفشل المشروع الإسلامي”، وتعهد بحدوث كل ذلك قريباً على أن تجمع الحركة الإسلامية كل أهل القبلة في صفها ويترفع الجميع عن الصغائر ويبتعدوا عن القيل والقال ومروجي الفتن والشائعات، بحسب تعبيره.

رسائل مباشرة

مراقبون يرون أن الرئيس البشير حرص في خطابه على الإعلان عن تأكيد انتمائه للحركة الإسلامية وهي التي كلفته بمنصب قيادة الإنقاذ مؤكداً عدم ممانعته في مغادرته بقوله (انتهى تكليفنا وسنغادر المنصب سنسلم هذه الأمانة ونصطف جنوداً في صفوف الحركة الإسلامية). وهو ذات ما أعلنه في مؤتمر الشورى للحركة الإسلامية الأخير (نحن حركة إسلامية كاملة الدسم ولا نُخفي ذلك).

فالبشير بعث برسائل سياسية جديدة مباشرة ومبطنة موجهة محلياً وإقليمياً ودولياً ارتكزت على رفضه حل الحركة الإسلامية وأنها ماضية في تحقيق المصالحة بجميع أطرافها وإنهاء الصراع، داعياً للتواصل مع القيادات القديمة الذين تساقطوا أياً كانت الأسباب وأسماهم بأهل السبق. ولم يخلُ كلام الرئيس من الإشارة لتورط أفراد في الوقيعة بينه وبين قيادات الحركة الإسلامية مؤكداً أنه لن يفلح أحد في خلق العداوة بينهما بقوله (والله ما بسمع القيل والقال في إخواني وأحرص على تأثير ذلك في تعاملي معهم).

انتصار الحركة

ومن بين الرسائل المهمة التي أبرزها البشير أن المشروع الإسلامي لم يسقط، مشدداً على تمسكهم بأسس وقواعد الحركة الإسلامية الدعوية الفكرية، التي يرى الكثيرون أنه تم التحول عنها بشكل متسارع نحو العمل السياسي باختزال الحركة كحزب يصارع غيره من التيارات السياسية. ودعا البشير إلى إحياء نهج الحركة الإسلامية بالتركيز على الدعوة والتربية الدينية السمحة خاصة وسط الشباب. وبعث برسالة مهمة مفادها فشل الضغط السياسي والإعلامي على الحركة الإسلامية منادياً بضرورة القيام بالإصلاحات المطلوبة وإعادة بناءها بعد انتهاء الأزمة التي واجهتها بوضعها أمام خيارين أما حلها أو دمجها في المؤتمر الوطني تبرز الرسالة في تأكيده بانتصار الحركة الإسلامية في أزمتها التي أثارت ردود فعل داخلية عنيفة باتهام القيادات التاريخية بحلها وتصفيتها، وبهذا امتص الرئيس البشير الأزمة الداخلية وعبر عن أن خيار عضوية الحركة رفضها أي إملاءات أو شروط فيما تتعلق بمصير الحركة الإسلامية.

توقيت تاريخي

القيادي الإسلامي د. قطبي المهدي يرى في حديثه لـ”الصيحة” أن حديث الرئيس البشير الأخير يفهم في سياق التوقيت التاريخي الذي قيل فيه وهو أن الرئيس البشير مقبل على انتخابات ويعتمد في قوته الجماهيرية على كوادر الحركة الإسلامية، رغم أنه كسب تأييداً من خارج الحركة الإسلامية من الطرق الصوفية والقوات المسلحة والشباب والمرأة وبعض القوى السياسية وذلك من خلال طرحه لنفسه كزعيم قومي، لكنه رغم هذا التأييد أن القاعدة الأساسية التي يرتكز عليها هي كوادر الحركة الإسلامية لذلك يحاول كسب ثقتها من خلال تأكيده بأنه حركة إسلامية وأن كل مبادراته من أجلها.

قيادات تاريخية

وأضاف د. قطبي بأن البشير يحاول إرسال رسالة لكوادر الحركة الإسلامية بأن يفهموا أن تحسن علاقته مع الرئيس المصري السيسي لا تعني أنه تخلى عن توجهه الإسلامي وإنما هذا يأتي في سياق مهامه كرجل دولة وتفهم هذا الموقف مهم له وللحركة الإسلامية التي تحاول أن تجد لها موضعاً لإبداء رؤيتها لما يجري في البلاد، ويضيف: (غياب هذه الرسالة قد يؤدي إلى شعور بالبعض بأن هناك تباعداً بين الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني). وأشار د. قطبي إلى أن البشير حاول من خلال حديثه عن تسليم الراية وعودته جندياً في صفوف الحركة الإسلامية أن يرسل رسالة مفادها أن الحركة الإسلامية هي التي جاءت به للسلطة وأنه حريص على التداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات، وأنه كإسلامي حريص على استمرار الحركة الإسلامية في قيادتها للحكم بالبلاد، قبل أن يختم بقوله: (هذا واضح بدعوته للتواصل مع القيادات التاريخية للحركة).

الخرطوم: الطيب محمد خير

الخرطوم: (صحيفة الصيحة)

 

 

اترك رد